كان للتطوّر التقني المتسارع وتعدد وسائل النشر الحديثة دور هام في إذاعة صدى كلمة «أديبة» لشرائح مجتمعية أكبر، الأمر الذي سهّل وصول صوت قلمها وأعاق أحيانا سير طريق النهج التقليدي لها، وفي كلتا الحالتين هناك روح بالساحة الأدبية النسائية «السعودية»، تارة تسمو للعلا بنصوصها وتارة تهبط عن ذلك درجات، «اليوم» فتحت ملف الواقع الحالي الذي تعيشه ساحة الأدب النسائية وأبرز التحديات. » حضور ضعيف في البداية قالت دكتورة الأدب العربي والكاتبة أمل الطعيمي: الساحة الأدبية في شقها النسوي ضعيفة من جانب ومتخبطة من جانب آخر باستثناء بعض الأديبات اللاتي حققن تميزًا وعمقًا في الطرح، مشيرة إلى أن الإبداع النسوي ما زال يحظى بالتشجيع من قبل النقاد والإعلام الأمر الذي دفع بعضهن إلى إخراج خربشات سميت روايات واحتالت دور نشر بأرقام الطبعات لتغري القراء بمحتويات ضعيفة. وأضافت: نقاط القوة بالساحة محصورة في عدد قليل من الأديبات اللاتي قدمن نصوصًا جيّدة تستحق أن يشار لها بالبنان كتجربة شعرية أو نثرية تتجلى فيها الثقة والثقافة وقوة اللغة وتنوع الأساليب، أما نقاط الضعف فكثيرة تبرز من خلال هوس بعضهن بالشهرة على حساب العمل، موضحة أنه ليس بالساحة أي تحديات كون الفرص متاحة والأبواب مشرعة فقط وعلى الأديبة أن تتحدى نفسها؛ لتقدم شيئا يستحق البقاء. » قنوات النشر وأوضحت الروائية إيمان الخطاف أن تراكم الخبرات وتعدد قنوات النشر أسهم بصقل قلم المرأة، ففرص الأديبة اليوم أصبحت مساوية للأديب الرجل، وهناك جهود جادة تبذلها الكاتبات للنهوض بالوسط الأدبي وتطعيمه بكتب جديرة بالقراءة والاحتفاء، مضيفة: إن الوسط الأدبي يعاني حاليًا من انحسار مجاميع القراء الذين توجهوا إلى عوالم شبكات التواصل الاجتماعي وأصبحت عملية القراءة «أشبه بتناول الساندويتش، سريعة مشتتة»، وأن هناك نقطة قوة بالوسط تكمن في أن النشر والظهور أصبح أكثر سلاسة بفضل التقنيات الحديثة. وقالت: في عالم الكتابة الأدبية يواجه الجنسان نفس التحديات، من بينها مشاكل دور النشر، بطء حركة التوزيع وضعف التسويق، مؤكدة أن الكتاب الورقي يعيش اليوم ظروفًا صعبة إلا أن ضعف انتشار الكتاب الإلكتروني يكاد يكون طوق النجاة الأول لمواصلة صدور الكتب وبيعها. » آراء مسموعة وبيّنت الأديبة الكاتبة شريفة يوسف أن قلم المرأة السعودية يتجلى بشكل لا يخفى على الأعيان ولا يغيّبه ذهن، ومن قوته أصبحت آراء المرأة مسموعة أو مقروءة وتوجهاتها يحسب لها، بل كان قلمها سببًا لطوب جديد أو أساس أقوى؛ لإعمار وازدهار الوطن ولرفعة الشأن النسائي وحتى المجتمع السعودي. وقالت: إنه عام بعد عام يغاث الأدب فيه ويزهر ومهما واجهت الأديبات من بحور الكتابة التي تختلط بموج اللغة العربية أو استحداثها إلا أن اللغة تفرض هيمنتها وذلك بفضل الجهود التي تقدمها المملكة من الحث على اللغة والتعمق فيها والعودة إلى نشر الكتابات والمقالات القديمة الزاخرة بالأدب وتمجيد الكتاب والأدباء الذين حافظوا على هذا المجد، مؤكدة أنه ما زال للورقة أصالتها وما زالت واقفة أمام التقنية التي مهما كان لها بريق وسهولة إلا أن الكتب الورقية والأوراق تزهر في كل فصل وموسم. » الحركة الثقافية وأوضحت الأديبة تهاني آل دويهم أن الساحة الأدبية مكتظة بالمؤلفات وبمواهب الكاتبات الجديدة التي تنطلق بسرعة لعالم التأليف، لافتة إلى تراجع الحركة الثقافية في النوادي الأدبية مؤخرًا إذ تكاد تكون النشاطات الثقافية اسمًا فقط، مؤكدة أن الوقوع على أكف مواقع التواصل الاجتماعي سبب ضعفًا في التواصل الحي والمباشر بين الأديبات، إذ تتضح ملامح هذا الضعف في الهدوء المذعن في الساحة الثقافية الأدبية عمومًا. وأضافت أنها متفائلة بالتغيّرات الإيجابية الملحوظة والتي تنجز على أرض الوطن، متأملة أن تكون بالساحة أصبوحات أدبية للكاتبات والمؤلفات؛ لإبراز إبداعهن في الجامعات والكليات.