أصبحت صفحات الدجالات والمشعوذات والساحرات مؤخرا على مواقع التواصل، مقصدا للعديد من السيدات الباحثات عن حلول مشاكلهن الأسرية والنفسية، مما أدى لغرس سمات سلبية في تكوين فكر كثير من النساء العربيات، بل وجعلتهن أكثر قابلية لتصديق الخرافات، وعززت لديهن عدم القدرة على التعامل أو التأثير في واقعهن المعيشي. » مسميات غريبة وبالتواصل مع إحدى المشعوذات التي تحاول أن تستغل النساء وتطلب المبالغ الطائلة، بدأت تتكلم عن طريقة استلام المبلغ وكيفية حل المشكلة بالطرق غير المشروعة وبأخذ أسماء ليس لها علاقة بالمشكلة كي يتم فك السحر أو عمل العمل، وتوصلنا من حديثنا معهن إلى أن لديهن مسميات غريبة ك «جلب الحبيب وجلب الطاعة ورد المطلقة وعلاج السحر والمس الشيطاني وخواتم روحانية والتحصين». وبالتواصل مع باقي منتحلات الشخصية ومدعيات العلاج الروحاني اكتشفنا أن حل هذه الأمور من فك السحر والشعوذة تصل تكلفتها إلى 8000 ريال في العمل الواحد، وتبين أنهن يعتمدن في هذه الأعمال على معرفة كل شيء يختص بالفاعل كاسمه ولقبه وأكله المفضل وساعات نومه وحتى ألوان ملابسه. »استغلال مادي وتسرد مواطنة كانت قد وقعت ضحية للمشعوذين تجربتها قائلة: ليتني لم أفعل ذلك وليت هذه الفئة تختفي من مجتمعنا وبينت أنها لجأت لتحل مشكلتها مع زوجها للمعالجين الروحانيين وتم استغلالها من قبلهم بمبالغ تصل إلى 12 ألف ريال سعودي، ومن بعدها اكتشفت أن كل من يدعي علاج هذه الأمور بالسحر أو الأعمال هو استغلال مادي لا أكثر، ولم تتوصل معها المشعوذة إلى حل، وحاولت أن تلجأ إلى أشخاص آخرين ولجأت إلى شخص يدعي أنه شيخ وثقت به وحاولت طلب المساعدة منه، وطلب منها مبالغ أكثر من السابقة وتوقفت بعد ذلك عن ملاحقة هذه الأمور بعدما تبين لها أن جميعها عمليات نصب واحتيال. » بائعو الكلام وتقول سيدة أربعينية وقعت ضحية لتلك الفئة: إنها مرضت بشكل مفاجئ وتغير حالها، ولجأت للأطباء ولكنهم أكدوا لها أن صحتها البدنية جيدة، ونصحها كثير ممن حولها باللجوء لمن يرى الطالع والفال، وبالفعل سافرت لأحد الدجالين في دولة عربية، حيث أكد لها أنها مسحورة ومحسودة، وبدأ بطلب مبالغ طائلة من المال ليفك العمل عنها، وبعد مضي شهر استنزفت ما يقارب 50 ألف ريال، ولم تستفد شيئا، فقررت اللجوء للطب النفسي، ومع العقاقير الطبية تحسنت وشفيت، واكتشفت خطأها بلجوئها للدجال وندمت على المبلغ الذي دفعته له، مشيرة إلى أنها مثال على كثير من الأمثلة ممن حولها، فدائما ما يبحثن عما يحل مشكلاتهن لدى الدجالين وبائعي الكلام. » دور الإعلام وأوضحت الأخصائية الاجتماعية نور الهدال، أن للمجتمع دورا كبيرا في الثقافة العامة وله دور سلبي ويساهم المجتمع في انتشار هذه الظواهر، إضافة إلى العوامل الإعلامية التي تساعد هذه الفئة بالانتشار في مواقع التواصل الاجتماعي وتحفز المرأة على اللجوء إلى المشعوذات والدجالين لحل مشكلاتها الأسرية والاجتماعية من خلال هذه المواقع لسهولة التواصل بها مع المعالجين الروحانيين. » ضعفاء الشخصية وأوضحت الأخصائية النفسية من هيئة التخصصات الصحية رانيا موسى، أن كثيرا من السيدات يلجأن إلى هذه الحلول وهي بالواقع عمليات نصب وخداع وللأسف الضحية تعتقد أنها في الطريق الصحيح، وبينت أن من يلجأ إلى هذه الأمور يكون من ضعفاء الشخصية ويكون بهم خلل في الشخصية وبظهور المشاكل الأسرية أو النفسية تلجأ السيدات إلى هذه الأمور من الشعوذة والسحر. وذكرت أن بعض السيدات يكون لديهن عقد اجتماعية ونفسية هي التي تذهب بالسيدة إلى أمور غير مشروعة وبالتفكير بأسباب وهمية تدفع بها إلى التفكير بالذهاب إلى هذه الأشكال المريبة، وبينت أن للمجتمع والتعليم أثره على بعض النساء، وسبب من الأسباب التي تذهب بالسيدة في هذه الطرق أنه ليس لديها فكر ومستواها الدراسي متدن. » الجرائم المحرمة وأوضح المستشار القانوني أحمد الدويش أن القيام بأعمال الشعوذة والسحر والتعامل معها مجرم ومحرم شرعا، ويعاقب عليه القضاء السعودي بعقوبات تعزيرية بحسب ما يثبت من وقائع تلك القضايا. كما ذكر أن تلك الجرائم قد تصحبها جرائم أخرى كالابتزاز والاحتيال المالي وإقامة العلاقات المحرمة، والإفساد بين الأسر وغير ذلك مما يترتب عليه التشديد في العقوبة. واستخدام وسائل التواصل في ارتكاب مثل هذه الجرائم سيترتب عليه تطبيق ما نص عليه نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، وفقا لما جاء في المادة السادسة والتي نصت على أنه يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 5 سنوات وبغرامة لا تزيد على 3 ملايين ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كل شخص يرتكب أيًا من الجرائم المعلوماتية، وجاء في الفقرة الأولى إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، وحرمة الحياة الخاصة أو إعداده أو إرساله أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الآلي.