تمكنت المرأة السعودية منذ فترة زمنية طويلة من أن تبرز إنجازاتها في عدة مجالات مختلفة، وبعد تمكينها في مناصب جديدة خلال السنوات الأربع الماضية لا تزال غائبة عن الساحة السياسية كمحللة، ويلاحظ ندرة وجودها ككاتبة في الشأن السياسي. » اتجاهات فكرية تواصيف المقبل كاتبة في الشأن السياسي في جريدة الزميلة الرياض، تذكر بدايتها في سن ال 17 عاما وهي في المرحلة الثانوية بدأت تكتب، وكانت تستهويها القراءة في القانون وأيضا في التاريخ خاصة في جرائم الحرب، وكانت تستمتع بالهروب من بعض الحصص للمكتبة المدرسية حيث كان لها دور كبير في تكوين اتجاهاتها الفكرية. » اسم مستعار وشرحت بدايتها في الكتابة خلال وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية باسم مستعار في سن ال20 في مرحلتها الجامعية، ثم كشفت عن اسمها وعملت مدونة خاصة بمقالاتها وتنشرها في تويتر حتى أصبحت معروفة عند الصحفيين والإعلاميين، وبعد دخولها لمرحلة الماجستير اكتشف موهبتها رئيس تحرير إحدى كبرى الجرائد بالمملكة وطلب منها العمل ككاتبة رئيسة أسبوعية في الجريدة، وكان مؤمنا بالطاقات الشابة وداعما لأفكارها وطرحها ومشجعا لها. » التاريخ الحديث وأوضحت أن تخصصها في الدراسات العليا هو التاريخ الحديث والمُعاصر، وتخصصها الدقيق في رسالتها للماجستير تاريخ أوروبي، وهي دراسة في التاريخ السياسي والعسكري، مؤكدة أن التاريخ هو عراب السياسة ولا يمكن الفصل بين العلمين، مضيفة إنها لم تواجه مشككين في قدرتها على الكتابة في الشأن السياسي، ومن الطبيعي أن يواجه الكاتب أشخاصا يختلفون معه بالرأي والطرح. وذكرت «المقبل» أن غياب المرأة السعودية عن الكتابة في الشأن السياسي يعود في بعض الأوقات للعادات والتقاليد وقلة الفرص الوظيفية وندرتها في هذا المجال. » مجال اهتمامها وقالت إنها تهتم دائما بالقضايا والأحداث التي لم تُحسم حتى وقتنا الحاضر، والتي لاقت جدلا لدى المؤرخين والباحثين، ولديها الرغبة الشديدة في معرفة مكامن القضية من جميع أطرافها، وتحبذ دائما الأحداث الشائكة والمُعقدة التي تشكل أزمة لبعض الدول، مؤكدة أن هناك الكثير من حولها حاولوا تغيير رأيها وحملها على ترك الكتابة في الشأن السياسي. » التجارب والمستقبل وأضافت تواصيف إنها تعلمت أن لا شيء مستحيل، إلا إنها ليست متفائلة إلى حد كبير بمستقبلها كمحللة سياسية، لأنه لا يزال لدينا مشاكل في كيفية اكتشاف وتبني الشباب والشابات المبدعين ببعض المجالات حيث هناك قصور شديد، وترى المستقبل في أن تخوض تجارب مهنية خارج نطاق الوطن لعلها تجد أرضا خصبة في تحقيق ما تطمح إليه، خاصة في مجال كالتاريخ لأنه مُهمل، والدول المتقدمة تعتني بعلماء ومُفكري وفلاسفة علم التاريخ وتُبنى إستراتيجياتها أساسا على هؤلاء العُلماء. » قضايا الوطن وذكرت صحفية في القسم السياسي في إحدى الصحف السعودية، تجربتها أنها لم تفكر يوما بالكتابة في هذا القسم لكن نشاطها في المجال الحقوقي دفعها للكتابة، ووجدت شغفها في إيصال رسائل للعالم، وتشعر بأنها تساهم بشكل غير مباشر في الدفاع عن قضايا الوطن والأمة عن طريق تحرير الخبر بكل شفافية ووضوح. وقالت إن المشككين في قدراتها في الكتابة لكونها امرأة هم محاربو النجاح لا أكثر، لأنها أثبتت لهم أنه يمكن للمرأة المنافسة على مهنة كانت في وقت من الأوقات حكرا على الرجال في السعودية. » مجال نادر وفي ذات السياق تقول الصحفية مها العبدالهادي إن وجود النساء في هذا المجال نادر على مستوى المملكة والخليج والوطن العربي، وهي سعيدة بعملها لأنها كانت لديها رغبة في دراسة العلوم السياسية وتحب كل ما يتعلق بالسياسة، فهي تغير طريقة تفكير الشخص وتجعله يبحث عن الأسباب وراء ما يحدث في العالم السياسي. » خوف من السياسة وتذكر أن إحدى الجامعات قامت طالباتها بزيارة الصحفية وقابلت فتيات في تخصص الصحافة وأعربن عن مخاوفهن من الكتابة في المجال السياسي وأن الجامعة تمنعهن من الكتابة فيه ولم تسمح لهن بتجربة الكتابة في السياسة، كما أن والدتها كانت رافضة لكتاباتها في هذا المجال بسبب خوفها عليها وبعدما لاقت ردود أفعال إيجابية على ما تنتجه من مواد بدأت والدتها في تشجيعها بعد ما رأت تميزها بهذا القسم، مضيفة إنها تتمنى أن تحضر الماجستير في هذا التخصص وتصبح محللة سياسية يوما ما. » دورات تأهيلية وأكد المحلل السياسي اللواء عبدالله القحطاني أنه لا يوجد محللات سعوديات في الشأن السياسي بالمعنى الحقيقي، مفسرا غيابهن بعدم وجود تأسيس منذ البداية على المستوى الأكاديمي، ولا يوجد معاهد أو دورات تأهيلية في المجال السياسي، مضيفا إن القصور مشترك بين المؤسسات الرسمية، والجامعات، والقطاع الخاص، والتحليل السياسي هو احتراف وقد يبدأ بهواية وينتهي بأن يصبح تخصصا، منوها إلى أن هناك عاملا مهما وهو أن الشأن السياسي في المملكة كان لا يهتم به إلا الرجال فقط، وجرت العادة أن السياسة لا يتحدث أو يكتب عنها إلا الرجال، وأصبحت المرأة بنفسها مقتنعة أن ليس له مستقبل. » دور غير مؤثر وعلق القحطاني على توجه بعض الصحفيات للكتابة في الشأن السياسي، بأنها محاولة جيدة، ويشكرن عليها، لكنه غير مؤثر على الرأي العام الداخلي ولا حتى على المستويات الرسمية للاستفادة منه، ومن وجهة نظره يجد أن ليس هناك جهة معينة استفادت من مخرجات تحليل ورأي وفكر الكاتبات السعوديات في المجال السياسي، وأن المنتج ليس جيدا ولا يرقى إلى مستوى الفكر السياسي في المملكة العربية السعودية، وما ينتجنه هو عنوان لنا ويحتسب كمستوى حسب نظرة الخارج. » نقلة نوعية وأبان أن المرأة السعودية إذا دخلت عبر البوابات الحقيقية للكتابة والرأي السياسي وتأهيلهن واختيار القادرات منهن في الكتابة والتحليل السياسي، فسيضيف الكثير للساحة والصحافة والإعلام المرئي والمسموع وللتاريخ وأقلام أخرى قوية ورصينة، وهناك كاتبات سياسيات في الخليج العربي وليس غريبا على منطقتنا إخراج مثل هذه الوجوه والأقلام ولكن بالطريقة الصحيحة، مؤكدا أن دخول العنصر النسائي للكتابة والتحليل السياسي السعودي بقوة وباحتراف سيحدث نقلة نوعية في الواقع الحالي ورسالة للخارج بأن مجتمعنا قادر ومنتج، وأن النساء ليس مقتصرا عليهن أدوار معينة أو البقاء في المنزل.