أكد باحثان سياسيان ل «الشرق» أن السياسة فكر واطلاع، أكثر منها تأهيل وتلقين، وذلك تعليقا على مطالبة البعض بأن لا يكتب في الشأن السياسي إلا من كانت له خلفية أكاديمية في السياسة. وقال الدكتور سعود المصيبيح إن تلك المطالبة مردود عليها، لأن الكتابة في السياسة هي محصلة لفهم تراكمي، ووعي وثقافة ذاتية، وقدرات خاصة لا تخضع للتخصص والدراسة الأكاديمية. وضرب المصيبيح أمثلة بمحللين سياسيين تميزوا بعمق التحليل والكتابة السياسية رغم أنهم لم يتلقوا إطلاقاً دورات تأهيل سياسية، بل ثقفوا أنفسهم حتى وصلوا إلى درجة متقدمة في التحليل السياسي، وينتظر القارئ كتاباتهم عن الأحداث السياسية أو مداخلاتهم التلفزيونية أو الإذاعية، ومنهم تركي السديري والدكتور خليل الخليل وعبدالرحمن الراشد والدكتور هاشم عبده هاشم. كما أن أقلاماً سياسية تشكل الرأي والخبرة رغم بعدهم عن تخصص السياسة ومنهم محمد آل شيخ والدكتور علي الخشيبان والدكتور محمد العوين. كما أنه يكن كل التقدير لأقلام متخصصة يقرأ لها بإعجاب ومنهم الدكتور محمد الحلوة والدكتور صالح المانع. واعتبر أن السياسة أصبحت جزءاً من حياة الناس، وبهذه الكيفية تتكون الثقافة السياسية من متابعة الأحداث، في ظل الانفتاح المعرفي، كما أن الخبرة السياسة لم تعد حكرا على القاعة الدراسية، فمعارض الكتب والمكتبات تتيح الفرص للقراءة والتعمق في فهم السياسة أكثر من السياسيين المتخصصين الذين يعتمد بعضهم على نظريات قديمة وبعضها بعيدة عن الواقع. وأبدى المصيبيح سعادته بقرار فتح قسم الأنظمة والعلوم السياسية في جامعة الملك سعود بالرياض على اعتبار أن علم السياسة علم مفيد ومهم، فهو يساعد الطالب على معرفة النظام السياسي وما يهدف إليه من الوصول لعيش رغيد للوطن وهذا ما تعيشه المملكة بعيدا عن الشعارات البراقة وأدعياء التحزب والتقليد. كما أن فتح القسم للطالبات هو مواكبة للتطور الذي تعيشه البلاد لتمكين المرأة وإعطائها حقوقها، وتوفير فرص العمل الكريم لها. من جانبه، أوضح الباحث السياسي الدكتور أنور عشقي ل «الشرق» أن علم السياسة يتطور بشكل عصري وسريع، حيث كان في بدايته محصوراً في إدارة علاقات الآخرين، ومن ثم أصبح علم المُمكن حتى بات اليوم علم السلطات في الدول، فهو القائم على التعامل مع الآخرين للوصول إلى الأهداف، إضافة إلى كيفية التعامل مع الدول. وقال إن تخصصه في العلوم الاستراتيجية يتقاطع مع القانون والسياسة والاقتصاد معاً، معتبراً نفسه مثقفا ومطلعا مقارنة بغيره من الباحثين المؤهلين الأكاديميين الذين فرضت عليهم مقررات يجب أن يفهموا ما فيها دون السعي للتوسع فيها، من خلال الاطلاع الحقيقي لزوايا الأحداث السياسية الراهنة. وحول نشاط الأكاديميين السياسيين قال عشقي إنه ليس بالضرورة أن يكون كل من حصل على الدكتوراة في العلوم السياسية قادرا على ممارستها، على اعتبار أنه درس فقط القواعد السياسية لكنه لم يطبقها عملياً إطلاقاً، فهناك موظفون سياسيون لا يمارسون السياسة بالواقع. وانتقد عشقي الأكاديميين السياسيين الذين هاجموا ممارسي التحليل السياسي من غير المتخصصين أكاديميا، مشيرا إلى أن مرحلة البكالوريوس تؤسس طلابها على هذا العلم وفي الماجستير تمكنهم منه وفي الدكتوراة تجعل منهم مبدعين، لكنهم سرعان ما يصطدمون بكيفية تطبيق المهارات السياسية التي من المفترض أنه تعرَّفوا عليها أثناء دراستهم. أي أنهم يعرفون ماهية القواعد والأسس السياسية لكنهم لا يستطيعون ممارستها وتطبيقها دون ممارسة حية على أرض الواقع وهذا يحجب عنهم التحليل السياسي الجيد. واعتبر عشقي وجود محللات سياسيات سعوديات نقلة نوعية في تاريخ المرأة السعودية، لكنه نصحهن بأن لا ينجرفن وراء مطالبات الحصول على تأهيل أكاديمي متخصص، قبل الخوض في هذا العالم. كما أن عليهن أن يطلعن على كتابات كبار المحللين السياسيين في السعودية. سعود المصيبيح