تناولت في مقالي السابق موضوعا هاما عن تنشئة الأطفال والأجيال القادمة، وتعرضت إلى موضوع السلوكيات الخاطئة عند الأطفال وقواعد تعديل هذه السلوكيات غير المرغوب فيها لدى الطفل، ورأيت استكمال موضوع إعداد الأجيال القادمة نتيجة عدم استيعاب العديد من المؤثرات التي تحيط بالأبناء وفلذات أكبادنا من مخاطر حقيقية، سواء كانت خارجية أو محلية والتى يصعب معها فهم الأهداف وأبعاد هذه المخاطر الواردة إلينا من الخارج تدمر ولا تبني، تزرع القلق والخوف في نفوس أجيالنا القادمة ومما يؤدى إلى اتساع الهوة بين الآباء والأجداد من جهة وبين الأجيال الصاعدة من أبنائنا من جهة أخرى. لا يختلف اثنان معي في مدى أهمية هذا الموضوع حاليا، وما نواجهه اليوم في إعداد الأجيال وتربيتها في أجواء نقية يتحقق فيها كل ما نريده، بداية من الانتماء التام والعقيدة والحد من الضغوط النفسية والاجتماعية، بالإضافة إلى التهديدات من التغيرات الاجتماعية والثقافية التى طرأت على المجتمعات العربية في عالم أصبح من أهم سماته القرية الواحدة وعصر الفضاء المفتوح، يدعو ذلك إلى تهديد البناء الأخلاقي للأسرة ونحن نعلم أن التحديات التي تواجه شبابنا اليوم تختلف عن التحديات التى واجهها الأجيال السابقة، كذلك تحدي العولمة وتصدير ثقافة غريبة عن مجتمعاتنا العربية المسلمة، وتحت شعار الحرية والديمقراطية تعتبر العولمة بكل أشكالها سواء على المستوى الفكري أو الثقافي أو الاقتصادي من أبرز التحديات التي تواجه شعوبنا العربية، نظرا لما تحويه من أخلاقيات لا تتوافق مع قيم وأخلاقيات الأسر العربية، وما أحدثته من تطور في وسائل التواصل الاجتماعي التي أنشئت من خلالها تنشئة اجتماعية دخلت على الأسر، واخترقتها ومن آثارها المعروفة للجميع ولا يختلف عليها اثنان انعدام الحوار داخل الأسرة والسيطرة على أغلب أوقات الأسرة، والتقليل من أوقات اجتماع أفراد الأسرة وتقاربهم والمشاعر الحميمية المعروف عنها لدى الشعوب العربية. ولا يفوتني ونحن في سياق الأجيال والتنشئة أن أتحدث عن الطفولة وهذا العالم الذى يتسم بصفات وخصائص قائمة بذاتها، وعالم له حاجاته واهتماماته ومشاكله الخاصة وللتعامل مع هذا العالم الطفولي يجب علينا فهمه ودراسته وهو عالم مهم، لأنه يمثل الأرض الخصبة التي نزرع فيها ما نريد ونضع البذور الأولى لمستقبل الحياة، أصبح الطفل يشكل الاهتمام الأول لدى بعض الدول المتقدمة، ويشغل حيزا كبيرا من الحياة الثقافية والتعليمية والتكنولوجية والتقنية، ويجرى له الدراسات والأبحاث والمختبرات وتبسيط العلوم لاستيعابها حتى الألعاب المسلية للطفل والقصص والروايات أصبحت هادفة وتتنوع حسب عمر الطفل العقلى. واعتبرت من الوسائل المهمة لتعليم الطفل ومعرفة ميوله وقدراته، أليس معي ولا يختلف عليه اثنان أن هناك غيابا للطفل وأنه آخر اهتماماتنا والاعتقاد الخاطئ في عالمنا أن حاجة الطفل تنتهى بتأمين الطعام والشراب والعلاج.