أبناؤنا أمانة في أعناقنا، ورعايتهم فرض، وتربيتهم بإيجابية ومسؤولية واجب ديني سنحاسب على التقصير فيه «الصلاح من الله والأدب من الآباء». السنوات السبع الأولى مصنع للسلوك بغض النظر عن نوعه، يقول بعض أساتذة علم النفس «أعطونا السنوات السبع الأولى للأبناء نعطكم التشكيل الذي سيكون عليه الأبناء» السنوات الأولى من عمر الأطفال هي الحجر الصلب والأرض الخصبة التي تنبت فيها البذور وتنضج، فإذا كانت البذرة سليمة وقوية نمت وفاضت بخيرها على نفسها والآخرين وكذلك المنقوش على الحجر من رابع المستحيلات أن يمحى، والتربية السليمة وما تحمل من قيم وأخلاق وعادات مبنية على العقيدة الثابتة من المستحيل أيضاً أن تمحى. ترك الأطفال في هذه المرحلة ساعات طوالا في أيدٍ غير مؤهلة تربوياً وعلمياً ودينياً يأتين من بلدان وثقافات مختلفة، ولا يمتلكن الخبرة يشكلن شخصيات الأطفال كما يردن هن بحكم التصاقهم بهن مدة أطول من والديهم فيتعلمون عادات وسلوك بلدان الخادمات والمربيات وربما حتى ديانتهم، لأن شخصية الفرد بما تتضمن من عقائد وسلوك وعادات تُصنع لا تُولد، الوضع الذي يؤثر سلبا على الطفل من الناحية النفسية والاجتماعية ويجعله يكتسب عادات وتقاليد قد تختلف عن الأسرة بل وسلوكيات وصفات سلبية تزداد معه في الكبر. أما بالنسبة للقنوات الفضائية وبقاء الأطفال بمفردهم في فضائها الواسع فمن أبشع الجرائم التي تمارس بحقهم، لما تتعرض له شخصياتهم من مؤثرات سلبية وخطيرة في مرحلة التكوين الأولى. والملاحظ أن التلفزة اليوم تحكم قبضتها البيوت كلها وبرغم إيجابياتها إلّا أن سلبياتها أكثر وضررها خاصة عندما يُمس الجانب العقائدي والأخلاقي والاجتماعي، في أفلام الكرتون التي يعشقها الأطفال مفاهيم عقائدية وأخلاقية واجتماعية خاطئة تتسرب إلى أذهان الأطفال وتأثيرات أخرى مزعجة لها جانب سلبي كبير، كأفلام العنف التي تعلم العدوانية والخرافات بعيداً عن الواقعية، حتى اللعب وسيلة التعلم وأداة نقل المعلومات والمهارات وتطوير السلوك والنمو الاجتماعي والانفعالي سلبه التلفاز منهم، وبناء على دراسات قام بها تربويون، فإن الأطفال الذين تم تعليمهم أو تكييفهم على الإصغاء في سلبية طوال غالبية ساعات اليوم إلى الرسائل الودية والشفهية التي تصلهم من شاشات التلفاز وإلى الجاذبية العاطفية العميقة لما يسمى بالشخصية التلفازية غالباً ما يعجزون عن الاستجابة للأشخاص الحقيقيين لأنهم يثيرون شعوراً أقل بكثير من الممثل الماهر، والأسوأ من ذلك أنهم يفقدون القدرة على التعلم من الواقع لأن خبرات الحياة أكثر تعقيداً من تلك التي يرونها على الشاشة. همسة للآباء والأمهات أنتم من يصنع الشخصية الإيجابية المسؤولة لأطفالكم وكلما كان التعامل معهم تربوياً يناسب المرحلة العمرية كانت النتيجة «طفلًا» سليمًا من العقد النفسية واثقًا من نفسه، وكل تصرفاته إيجابية في حياته كلها.