خسائر جسيمة تتكبدها دولنا الخليجية جراء نسبة الأمطار التي تحولت إلى فيضانات جارفة في بعض الدول وكبدتها خسائر غير مسبوقة وغير مجدولة في الميزانية. وتعد دولة الكويت أكبر دولنا الخليجية المتضررة؛ ففي يوم واحد قُدرت كلفة الخسائر بما يفوق 100 مليون دينار كويتي، وهي اليوم بصدد تعويض الأهالي عما لحقهم من أضرار، من جهة أخرى فإن الأرصاد الجوية تشير إلى أن الأمطار مستمرة، وعليه فإن التكلفة معرضة للارتفاع المضاعف أيضا. الأمطار كشفت لنا عن هشاشة البنية التحتية التي نشيد عليها أبراجنا العالية، سنوات العمران التي عاشتها دولنا الخليجية والاستثمار في العقارات والبناء لم تعالج مشكلة البنية التحتية التقليدية، الأمر بحاجة إلى إعادة النظر في إستراتيجية التنمية، وإلا سنعود لنقطة الصفر، فالكوارث «البسيطة» قادرة على أن تكبدنا خسائر جسيمة وتتسبب في قلب الميزانية وفي وقت نحن في غنى عن أن نستنزف أموالنا في خطط الطوارئ والترميم. اللافت أن أغلب مخططات تشييد البنى التحتية منذ بدء الألفية الثالثة في دولنا الخليجية عفى عليها الزمان، قال لي يوما أحد وزراء الأشغال السابقين في دولة خليجية إن خطط العمران والبنى التحتية في بلده هي خطط وضعت منذ سبعينيات القرن الفائت، هل يا ترى ينطبق ذلك على جميع الدول الخليجية؟ أتوقع أن الأمطار أثبتت لنا انعدام الجدوى حتى لتلك الطرق التي للتو تم الانتهاء منها. دولنا لم تهتم كثيرا بالاستثمار في بنيتها التحتية، فأغلب شوارعنا اليوم بمساحات أضيق من قياس السيارات الجديدة التي تصنع بأحجام ضخمة ويفضلها الأفراد، كما أن الطرقات والشوارع ليس بها مصارف مياه أمطار انسيابية، والشوارع ليست مرصوفة بمواد جيدة، لذا فإنها تعاني تهالكها بعد عامين من رصفها على الأرجح. وحين تمر بالطرق الداخلية ستجد أن الشارع ذا المسلكين تحول لمسلك واحد والآخر انقلب لموقف للسيارات، أستغرب كيف يمكن تخطيط الشوارع الحديثة دون استيعاب الأطراف والمساحات الجانبية. في الحقيقة إن غالبية خططنا المستقبيلة قصيرة وطويلة المدى لا تلبي طموح النمو المستقبلي ونحن نواكب عصرا سريعا جدا في التطور ولا نلحق به، لذا فإن هذه الخطط لا تناسب الزمان ولا المكان، فحتى لا نتكبد خسائر دورية من خلال ترميم وإعادة التشييد والبناء كلما داهمنا طارئ ما أو تعرضت البنية التحتية للتآكل السريع، فالمناخ هو أيضا بات يختلف عما عهدناه متزامنا مع التطور السريع للعصر، نحتاج لمخطط البناء والتصميم الذكي الذي يستدعي النظرة المتطورة والمواكبة للزمن في مداه القصير من خمس إلى عشر سنوات والمتوسط من عشرين إلى خمس وعشرين سنة، تستوعب على الأقل أبسط المشاكل مع نظرة تصورية ذكية للقادم يتم التخطيط وفقها، سنجدها بالتأكيد في رأس الشباب. لندعه يرسم مخططه بيده.