تنسجم فكرة التحول نحو المدن الذكية مع تطور مفهوم المساكن الذكية والمباني الذكية والحكومة الذكية، ثم الدخول في تطبيق مفهوم الاقتصاد الذكي والإدارة الذكية والبيئة الذكية والبنية الذكية والمعيشة الذكية. والملاحظ أن مفهوم المدن الذكية يتطور سريعاً تبعاً لتطور الأنظمة الذكية واستخدام وسائل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وأشار التقرير الأسبوعي لشركة «المزايا القابضة» إلى أن «اقتصادات دول المنطقة وطبيعة المشاريع التنموية الجاري تنفيذها والمخطط لها وحجمها، تعتبر بيئة حاضنة لتبني مفهوم المدن الذكية وتطبيقاتها، إذ إن دول المنطقة تسعى إلى تطوير أنظمة اقتصادية معرفية، وتتبنى رؤية محددة في مجال تطوير المدن الجديدة وبناءها على أساس مستدام، وبالتالي فهناك المزيد من المعطيات والمؤشرات التي تدعم فكرة التوسع ونجاح مفهوم هذه المدن ودعم مشاريع التنمية وتطوير خدمات جديدة ذات قيمة مضافة في شكل متواصل». ولاحظ أن «محاولات تحقيق مفهوم المدن الذكية يتسع لدى دول ومدن المنطقة، وفي مقدمتها مدينة دبي التي تسعى إلى التحول إلى مدينة ذكية تكفل إدارة كل مرافق وخدمات المدينة من خلال منظومة إلكترونية ذكية، وتوفير إنترنت فائق السرعة وخدمات حيّة تستهدف الانتقال إلى مستوى جديد لجميع سكانها وزوارها». ويهدف المشروع إلى تحسين نوع الحياة ومستواها وصنع واقع جديد في الإمارة، فيما سيوفر مشروع التحول معلومات عن حال الطقس وحركة السير والنقل والطوارئ وخدمات ذكية في التعليم والصحة وخدمات ترفيهية وسياحية وخدمات اقتصادية ومالية لرجال الأعمال». وأشار إلى أن «المملكة العربية السعودية تشهد حراكاً من نوع خاص لتطبيق مفهوم المدن الذكية على العاصمة المقدسة، باستخدام أحدث التقنيات لتحسين الخدمات المقدمة في بيت الله الحرام وتسهيل إقامة وتنقّل ضيوف المدينة». ولفت إلى أن «الحراك الخاص بالمدن الذكية يستحوذ وتيرة كبيرة لدى الكويت، حيث تشير التطورات إلى إنشاء هيئة المدن التي ستضطلع بمهمة متابعة الطلبات الإسكانية وإنشاء المدن النموذجية المتكاملة الخدمات». الاستثمارات وأكد أن «الاستثمار في المدن الذكية لدى الدول الخليجية يتصاعد في شكل كبير خلال الفترة الحالية والمقبلة، انسجاماً مع ارتفاع وتيرة البناء والتشييد للمدن الجديدة والعصرية التي تستهدف طبقات اجتماعية معينة، ما يخدم الاتجاه نحو تطوير مفهوم المدن الذكية وتطبيقاتها في الشكل والمضمون والشرائح المستهدفة من المجتمع». ولاحظ أن «كلاً من السعودية والإمارات وقطر تستحوذ التركيز الاستثماري الأكبر في تطبيق مفهوم المدن الذكية على المدن القائمة والجديدة، كما تشير البيانات الأولية إلى أن حجم الاستثمارات في سوق تكنولوجيا المدن الذكية والصناعات ذات العلاقة يزيد على تريليوني دولار عام 2020 لدى كل الدول، فيما يتوقع أن يتجاوز حجم الاستثمارات القطرية في مجال المدن الذكية (20 بليون ريال)، بينما تشير التقارير المتخصصة إلى أن الاستثمارات في البنية التحتية للمدن الذكية لدى السعودية والإمارات وقطر ستتجاوز 63 بليون دولار حتى عام 2018». وتوقعت شركة «توشيبا» اليابانية أن حجم سوق حلول المدن والتجمعات الذكية الخضراء في العالم سيصل إلى 16 بليون دولار حتى عام 2020، مع الأخذ في الاعتبار أن كلفة التحول إلى مفهوم المدن الذكية أعلى بكثير من المفهوم التقليدي للمدن، إلا أن الأهم يبقى أن المدن الذكية قادرة على خفض استهلاك الطاقة بأكثر من 20 في المئة، تبعاً للموقع وكفاءة الأداء والتقنيات. وأشار تقرير «المزايا» إلى أن «المعوقات الرئيسة التي ستواجه عملية التحول نحو المدن الذكية تتمثل في المدن القائمة التي تحتاج إلى الكثير من الإصلاحات والتعديلات لتتناسب ومفهوم المدن الذكية، وضعف البنية التحتية، ولذلك فإن متطلبات التحول ستزداد وتتسع وترتفع كلفتها، كما أن متطلبات تطبيق مفاهيم المدن الذكية يتطلب إجراء تحسينات جوهرية في قطاع البناء والتشييد في المنطقة بهدف خفض استهلاك الطاقة». ولفت إلى أن «السعودية تسعى من خلال تطبيق مفاهيم المدن الذكية إلى مواكبة التطور العالمي في الأساس وتبني سياسة الأبنية الذكية، ورفع كفاءة استهلاك الطاقة ومنع الهدر وذلك من خلال الوصول إلى مستوى عالٍ من التكامل بين التقنيات والطاقة للوصول إلى إمدادات مستدامة من الطاقة، في حين تسعى دبي إلى التميز والارتقاء بالمجال التقني والتكنولوجي وتطبيقاتها للبقاء في المقدمة والاستحواذ على الحصة الأكبر من الحراك الاقتصادي والمالي والتجاري والصناعي». وتطرق إلى التقرير الصادر عن «اريكسون» الخاص بمؤشر المدن الذكية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالاعتماد على 28 معياراً يتعلق برصد الإيجابيات التقنية ونظم الاتصالات في كل مدينة، فيما اعتمدت نتائج المؤشر على عاملين، الأول يختص بمستوى نضوج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والثاني بالمنافع المتولدة عن الاستثمار في قطاع التقنية ذات العلاقة بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. واحتلت أبوظبي المركز الأول في ترتيب المدن الذكية تبعاً لهذه المعايير ودبي المركز الثاني والدوحة المركز الثالث، وتبعاً لهذا المؤشر فإن أكثر من 60 في المئة من سكان المنطقة سيسكنون في مدن ذكية بحلول عام 2030. يذكر أن العلاقة متداخلة بين تطبيق مفهوم المدن الذكية والنجاح في ذلك، وبين إدخال تعديلات جوهرية على خطط وآليات تنفيذ المدن لدى دول المنطقة، في حين سيكون لزاماً على شركات التطوير العقاري إدخال المزيد من التعديلات على شكل ومضمون المدن والمباني التي تبنيها لتلبي احتياجات ومعايير المدن الذكية. ولفت المجتمعون في قمة المدن الذكية التي عقدت في العاصمة القطرية أخيراً، إلى أهمية كبيرة للاستثمار في المدن الذكية لما لها من تأثيرات إيجابية على مستوى التلوث والازدحامات واستهلاك الطاقة، إضافة إلى دورها في إيجاد وتطوير صناعات موازية ومكملة، ذات العلاقة برفع كفاءة الطاقة وإعادة تدوير النفايات والتقنيات الخاصة بتوفير استهلاك الطاقة.