إن أفضل أصول مربحة يمكننا امتلاكها هي أنفسنا، فإذا قصرنا في الاستثمار في عقولنا وأجسادنا ومعنوياتنا فسنلحق الضرر بالأداة الأهم، وإحدى أكثر الطرق شيوعا للضرر بهذه الأصول هي قلة النوم. فالكثير من الطموحين مهنيا يسمحون لغرائزهم التنافسية بالسيطرة على أوقاتهم وابتلاع حياتهم، ولا يعتبرون الضغط النفسي منهكا أو مستنزفا لقواهم، فيهملون العناية بقيلولتهم وساعات نومهم، فماذا عنك؟ تذكر الأسبوع الماضي، هل نمت لمدة أقل من سبع ساعات لبضع ليال متتالية؟. في إحدى رواياته يصف يوسف زيدان النوم بأنه «هبة إلهية لولاها لاجتاح العالم الجنون»، ولهذا فالأشخاص الواعون يحرصون على نيل قسط كاف من ساعات النوم، ويدرجونها عمدا وبشكل منهجي في جدول أعمالهم، حتى يستطيعوا إنجاز المزيد من الأمور واستكشاف الأفضل من الاحتمالات، من خلال حماية أصولهم، وامتلاك احتياطي وفير من الطاقة والقدرة على الإبداع في حل التحديات، ويضطرون أحيانا لاستبعاد أحد المهام اليومية وبرحابة صدر ليتمكنوا من اكتساب المزيد من الراحة، أما الأقل نضجا فلديهم اعتقاد خاطئ بأن النوم لساعات أقل يزيد من فرصهم لإنجاز المزيد، وهي الخرافة المهلكة التي تفسر السبب خلف فشل العديد من الذين يصرفون وقتا أكثر في العمل مع ضعف إنتاجهم. في بحثه الشهير عن أهمية النوم Sleep deficit: the performance killer يوضح البروفيسور في جامعة هارفرد «تشارلز أيه تشارلز» أن الحرمان من النوم يضعف الأداء الممتاز ويتلف وظائف العقل، وهو أخطر على صحة الدماغ من تعاطي الكحول، وأن تحسين جودة النوم يزيد من قدرة المخ على حل المشكلات، وأن المرور بدورة حركة العين السريعة من النوم، المعروفة ب REM ولو لمرة واحدة خلال قيلولة صغيرة يعزز من دمج المعلومات غير المرتبطة، وإنشاء روابط جديدة في الدماغ تسمح لنا باستكشاف الفرص من حولنا بشكل أفضل، ولحسن الحظ فتزايد الأبحاث الأخيرة في مجال علم النوم يمحو وصمة العار التي التصقت بالنوم لمدة طويلة في الماضي كصديق للمغفلين ومضيع للآمال ومفسد للأهداف، وتحول وصفه الآن ب«الأداة الذكية لتجديد العقلية الإبداعية».