أصدرت مجلة تايم (Time) الأمريكية المرموقة قائمتها التي شملت «أعظم مائة معلم في العالم تنصح بزيارتها لعام 2018م»، ولقد شعرت بفخرٍ واعتزازٍ كبيرين وأنا أرى مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي «إثراء»، الذي أنشأته شركة الزيت العربية السعودية «أرامكو السعودية»، ضمن هذه القائمة التي تتسابق المواقع العالمية لتكون ضمنها. ولا شك في أن من أسباب فخري، الشخصي، كوني أحد من عملوا في أرامكو السعودية ردحا طويلا من أعمارهم، ولأنني عملت، لفترة من خدمتي في الشركة، ضمن قطاع شؤون أرامكو السعودية، الذي كان له فخر الإسهام في تطوير وإنشاء هذا المشروع الرؤيوي العملاق. ولكن ما عمق شعوري بالفخر بهذا الإنجاز وعززه هو أن اختيار مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي «إثراء» وضع اسم بلادي على قائمة من أكثر القوائم تميُزا في اختيارٍ يجمع بين النِفط والفكر في مزيجٍ واحد، وبين الماضي والحاضر والمستقبل، في نفس المزيج، وبين التطلعات والإنجازات المرتبطة بالثروة المادية وتلك المرتبطة والمأمولة من الثروة البشرية، في المزيج ذاته. على مرمى البصر من إحدى نوافذ مركز إثراء، يمكن للناظر أن يرى موقع بئر الخير، بئر الدمام السابعة، التي كان اكتشاف النفط فيها بكمياتٍ تجارية، لأول مرة، في بدايات عام 1938م، انطلاقة مسيرةٍ تنموية جبارة شهدتها بلادي، وقل أن تشهد مثلها بلاد أخرى. وفي أروقة المركز نفسه، يشهد نفس الناظر استمرار وتعاظُم انطلاقة نفس المسيرة، ولكن بتركيزٍ أكبر على الثروة الأغلى والأعظم، الثروة البشرية. في إثراء، يجري العمل بجدٍ وتفانٍ، ومن خلال مرافق وبرامج عديدةٍ ومتنوعة ومتميزة، لتعريف السعوديين بثقافات العالم، وتعريف العالم إلى الثقافة السعودية، بتنوعها الغني وعراقتها الأصيلة. وفيه يتم إطلاق قدرات أبناء وبنات الوطن الإبداعية والابتكارية، وتنمية قدراتهم ومهاراتهم العلمية والعملية والمهنية، وفتح أبواب المستقبل لهم ليلجوا ساحاته وهم واثقون من أنفسهم، مستعدون لخدمة وطنهم، يُحققون الإنجاز تلو الإنجاز. في إثراء، ساحات مُختلفة للإثراء في مجالات العلم والمعرفة والتاريخ والحضارة والفنون، للكبار والصغار، وللرجال والنساء، ولا ينقص محب المعرفة والإبداع والابتكار إلا أن يدخل من أبواب المركز ليجد نفسه أمام خياراتٍ كثيرة، أقل ما يُقال عنها أنها مُذهلة، ففي إثراء مكتبة هي من أكبر مثيلاتها في المنطقة، إن لم يكن في العالم، ولكنها، بالإضافة إلى هذا تتميز بأنها مُصممة لتخدم القارئ العادي، عاشق الكتاب الورقي، والقارئ الرقمي الذي يبحث عن الإصدارات الإلكترونية، وهي مُصممة لأن تُقدِم خدماتٍ معرفية قرائية راقية متميزة وممتعة للأطفال من مرتاديها، لأن المركز يؤمن بأن هؤلاء هم نبات المستقبل، وغرس بذرة القراءة وحُب الاطلاع في أنفسهم هو من أفضل الاستثمارات التي يمكن أن يتبناها مركز من نوع إثراء، وإن كان نوعه قليلا. بكل هذا وبكثيرٍ غيره مما يحويه ويُقدمه مركز إثراء، تؤكد أرامكو السعودية أن إسهاماتها في تنمية الجوانب الثقافية والفكرية في المجتمع السعودي، التي بدأت منذ البدايات الأولى للشركة، متواصلة ومتجددة دائما، ولكنها اليوم تأخذ الشكل الذي يناسب احتياجات هذا المجتمع الديناميكي المتطور، الذي تبلغ نسبة الشباب فيه قرابة أو ما يزيد على 60 في المائة. وبإنشاء وإطلاق مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي، تتناغم الشركة، دائما، مع نبض رؤية القيادة السعودية الرشيدة، للتنمية الوطنية الشاملة، ولا أدل على هذا من أن من تبنى مشروع المركز ووضع حجر أساسه هو الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، ومن تفضل بافتتاحه وإطلاق برامجه هو خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله وأيده. لقد أثبتت أرامكو السعودية، من خلال العديد من المشروعات والمبادرات، ومنها مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي «إثراء»، أنها، كما عهِدها الوطن دائما، نفطا وفكرا، جزء لا يتجزأ من رؤية المملكة 2030، وبرامجها التنفيذية، التي يرعاها ويسهر على تحقيق مستهدفاتها، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد الأمين، حفظه الله. ولا يسعني هنا إلا أن أكرر التهنئة لوطني العزيز، قيادة وشعبا، ولإخوتي وزملائي في أرامكو السعودية كلها، وفي مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي خصوصا، بما تحقق من إنجازٍ لا شك أن هذا الوطن، وهذه الشركة العملاقة، وهذا المركز الرائع أهل له. كما أسأل الله، جل وعلا، أن يكون هذا الإنجاز حافزا لتحقيق إنجازاتٍ أكبر وأروع، تُعلق أوسمة مُستحقة على صدر وطنٍ هو رمز العزة والفخار لنا جميعا.