قريبًا ومع مطلع العام الهجري الجديد سيدخل السوق السعودي مرحلة هامة، والتي ستبدأ بتوطين المهن بمنافذ البيع في 4 أنشطة تم تحديدها مسبقًا، وهي «السيارات والدراجات النارية، الملابس الجاهزة وملابس الأطفال والمستلزمات الرجالية، ومحال الأثاث المنزلي والمكتبي الجاهز، ومحال الأواني المنزلية»، وفِي هذا المقال سأكتب عن تحليل شخصي للوضع الذي سيكون عليه سوق العمل بعد بداية تطبيق القرار. في البداية من المهم أن نوضح أن التستر التجاري موجود في جميع المنشآت «الصغيرة جدًا، الصغيرة، المتوسطة، الكبيرة»، ومن يظن أنه فقط بالصغيرة جدًا والصغيرة فيحتاج للاطلاع أكثر على السوق، وبالرجوع للسنوات الماضية نجد أننا ركّزنا في القرارات على المنشآت الصغيرة جدًا والصغيرة، ولم نركّز على باقي المنشآت بنفس المستوى، وهذا سبب لعدم القضاء على هذه الظاهرة المضرة اقتصاديًا، ولو بحثنا عن الموزعين وتتبعنا أعمالهم ستتضح الصورة أكبر من أين يبدأ خلل السوق، خاصة أن مجموعة من تلك المنشآت متستر عليها وغير نظامية. شخصيًا أنا أتفق مع تملك الشباب السعودي تلك المشاريع وتطويرها باستخدام التكنولوجيا أكثر من اتفاقي على توظيفهم بشكل كامل فيها، خاصة لحملة الشهادات العليا من الثانوية وفي المنشآت الصغيرة جدًا من تلك الأنشطة، وإضافة لذلك أنا أتفق بأن هناك فرصًا قوية جدًا، خاصة فيما يتعلق بإنشاء المتاجر الإلكترونية في مختلف الأنشطة في جميع المراحل التي شملها القرار، فالتحول للتجارة الإلكترونية في الوقت الحالي سيقلّص من التكاليف التشغيلية للمنشآت، وسيساهم في انتشارها بشكل أوسع حتى لو اتجهت لتقليص عدد فروعها؛ مما يعني أن البقاء سيكون للأكثر تنظيمًا وتطويرًا، بالإضافة لزيادة الحصة السوقية التي كانت تحت سيطرة المنشآت غير المُنظمة والمتستر عليها، والتي ستخرج من السوق. ابتداء من تطبيق توطين المرحلة الأولى من الأنشطة التي تم الإعلان عنها سيكون خروج العمالة الوافدة فيها أكثر «كمًا» من دخول العمالة المحلية، وذلك بسبب خروج العديد من تلك المنشآت من السوق بعد تطبيق القرار، وستشهد أول سنة من تطبيق هذا القرار خلافات عديدة بين المتسترين والمتستر عليهم، ولذلك أنا أنصح أي شاب سيتجه لتلك الأنشطة بألا يصمت بالإبلاغ عن أي حالة تستر للجهات المسؤولة كأقل واجب وطني يقدمه. كتوقع شخصي سيكون هناك تحسّن في معدلات البطالة بانخفاض يتراوح بين «1-2٪» خلال فترة برنامج التوازن المالي، وسيتبع ذلك استقرار في معدلات البطالة لفترة تمتد لسنتين حتى ندخل لمسار فك ارتباط توظيف الأيدي العاملة المحلية باستقدام العمالة الوافدة، والتي لا يمكن ان نستغني عن وجودهم بشكل كامل «خاصة في الوظائف المتدنية» حتى ندخل في مرحلة «الانفتاح»، والتي من المتوقع أن تبدأ بعد نهاية برنامج التوازن المالي، وهي مرحلة ستشهد نموًا ملحوظًا في المشاريع داخل المملكة من خلال دخول فِعلي لاستثمارات محلية وأجنبية متنوعة، بالإضافة للقضاء على ما يُسمّى بظاهرة التستر، وستشهد تلك الفترة «تزايدًا» لأعداد العمالة المستقدمة، وستكون طبيعة العمالة الوافدة فيها «منتجة ومستهلكة داخليًا»، بمعنى آخر «مساهمة في تصدير المنتجات وتصرف أغلب دخلها داخليًا بدلًا من تحويله خارجيًا»، ومن خلالها سينتعش سوق العمل ويبدأ بالتعافي وتوسيع القاعدة الوظيفية فيه، خاصة للوظائف «التطويرية»؛ مما سيسهل توظيف أبناء الوطن. ختامًا: بعد نهاية برنامج التوازن المالي ستزداد فرص التوظيف للسعوديين «كمًا ونوعًا»، بغض النظر عن تزايد العمالة الوافدة المستقدمة، والتي ستكون مفلترة نوعيًا، والسبب الرئيس هو التحوّل الاقتصادي الذي ستشهده المملكة خلال تلك الفترة.