«يحكى أن أحد البسطاء سأله شديد من الأشداء: كم عدد أركان الإسلام؟!، فلم يعرف الجواب! هنا أراد رفيقه مساعدته فرفع أصابعه الخمسة، فقال البسيط: خمسون! كرر الزميل الإشارة بغضب، فقال: خمسمائة! هنا تم عقابه، وبعد العقاب عاتبه الرفيق: لقد رفعت لك أصابعي الخمسة، هي خمسة! فقال الرجل البسيط: يا رجل لم تكفه الخمسمائة، وتريده أن يوافق على الخمسة!». أتمنى أن يعي كل مرب، أباً كان أو معلماً أو بأي قطاع من قطاعات التربية والتوجيه أن أساس التعليم هو الرفق والرحمة، فالرفق ما كان في شيء إلا زانه ولا نُزع من شيء إلا شانه، كما أخبر قدوة المربين صلوات الله وسلامه عليه، والشدة والغلظة قد تحقق الهدف ولكنها على حساب أمور أخرى، نفسية واجتماعية قد تكون أهم من المعلومة المراد إيصالها. يفاخر البعض بأن شدة الأمس، وقاعدة «لكم اللحم ولنا العظم» خرّجت طلاباً تميزوا بالرجولة والجدية، وقد يكون هذا صحيحاً، لكن السؤال الذي يجب أن يُطرح: كم شخصا هرب من المدرسة بسبب هذه السياسة ولم يكمل تعليمه؟! فإن كانت سياسة الشدة المبالغ فيها قد نجحت مع عدد معين إلا أنها دمرت العشرات، على المستوى الشخصي والمستقبلي. وفي الحديث الصحيح، جاء شاب إلى نبي الله صلوات الله وسلامه عليه فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا! فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه! فقال: «ادنه»، فدنا منه قريبًا، فجلس، قال: «أتحبه لأمك؟»، قال: لا والله! جعلني الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لأمهاتهم»، قال: «أفتحبه لابنتك؟»، قال: لا والله يا رسول الله! جعلني الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لبناتهم»، قال: «أفتحبه لأختك؟»، قال: لا والله! جعلني الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لأخواتهم»، قال: «أفتحبه لعمتك؟»، قال: لا والله! جعلني الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لعمَّاتهم»، قال: «أفتحبه لخالتك؟»، قال: لا والله! جعلني الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لخالاتهم»، قال: فوضع يده عليه، وقال: «اللهم اغفر ذنبه، وطهّر قلبه، وحصِّن فَرْجَه»، فلم يكن بعد الفتى ذلك يلتفت إلى شيء. معاشر المربين.. نحن بأمس الحاجة لكم في هذا الوقت، ولكن اجعلوا أبناءكم وطلابكم يلتفتون إليكم لا عنكم.. ويهربون إليكم لا منكم.