الصالحة، الأشخاص الصالحون، إذا انتشر التعليم ارتفع مستوى المواطنين، غرس الأخلاق الطيبة لأن الأخلاق إذا فسدت فسدت الأمة. هذه العبارات ليست عن وسطية الاسلام في كتب إسلامية، إنها من كتاب «عقيدة الوسط» لكونفوشيوس 551 ق.م انتشر افتراض أزلي أن الدول تتقدم كقانون حتمي، وأتى ابن خلدون في تفنيده ذلك بأن مسير الدول دائري يتصاعد ثم ينهار. انكبت كتب عديدة تتناول قوانين التقدم فأتى الإسلام ترياقا وشفاء. العوامل التي تجمع بين البشر تتعدد مرارا وتكرارا، لكن العقل هو الراكد، وطبقا ل«فرير»، التفكير النقدي هو أفضل طريقة للحفاظ على العقل في حالة يقظة ونشطة. وهذا النقد ليس حلا لكنه جزء مهم في طرح مشكلة ما، ورؤيتها من خلال منظور متعدد. وقد تكون تجربة «مشكلة الجبال الثلاثة» للعالم النفسي بياجيه التي كانت للأطفال وأمامهم نموذج بلاستيكي للريف هضاب ونهر وطرق ومعالم أخرى، وكيف ينظر الطفل للنموذج من الجانب الذي يقف فيه وكيف يتوقع أن تنظر دمية وضعها من الجانب الآخر. وكان الاطفال يؤكدون أن الدمية تنظر لنفس ما يرونه من زاويتهم مهما حاول بياجيه أن يقنعهم، فهل يمكن أن ننظر لشيء بتأكيد كهؤلاء، من زاوية تمركزنا نحن، والإقناع شبه مستحيل، والحقيقة ليست حقيقة. هدف التجربة الأساسي إثبات أن ارتكاب الأخطاء جزء من عملية التعلم، واحيلها هنا أنه قد تكون الأشياء التي نتوقع أنها أخطاء هي ذاتها التي عالجت المشكلة بطريقة ما. وأننا إذا نظرنا من مختلف جوانب الموقف قد نراه بشكل آخر تماما. في حال اتهامنا بأن مناهجنا متشددة مثلا في إحلال مواد الدين التوحيد والفقه والتفسير والحديث والقرآن حيزا كبيرا من المناهج، وكنت بنفسي ابحث طوال ثلاث سنوات عن العنف في المناهج في مواد الأدب للمرحلة الثانوية. وكما تأتي فجأة تلك اللحظة الرائعة وجدتها. وبطريقة تناقض ما طرح من قبل. قد تكون مناهج الدين هي ذاك الخيط الرابط والداعم والمنقذ. تميزنا بفضل الله تعالى عن بقية شعوب الأرض أن تعليمنا الديني هو نفسه للوالي والقاضي والشعب، الكل تخرج من المدرسة السعودية ذاتها التي أثبتت حاليا أنها لو كانت متشددة لما وصلت لهذه الحضارة الحقيقية. إنها مناهج دعمت أسس الوسطية للمستقبل. مصطلحاتنا، سلوكنا، شخصياتنا، متناغمة. جيل بكامل أطيافه تخرج بعقول تلقت نفس التعليم الذي ظلم كثيرا. فكانت أهم مخرجات التعليم أن التقارب بين وجهات النظر كان الأقوى، وأن وهم تهمة أن الارهاب بدايته من مناهج الدين، قد يكتب عنه التاريخ أنه أساسيات انبنى عليها النجاح السعودي بوسطية إسلامية تضرب بجذورها أرض الحرمين منذ الأزل.