أثارت تغريدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن حملة إبادة جماعية في جنوب أفريقيا ضد مزارعيها البيض، غضب الحكومة هناك؛ ما دعاها للرد بأنه بنى حديثه على معلومات خاطئة، واتهمته بأنه «يريد تقسيم أمتنا وتذكيرنا بماضينا الاستعماري». وجاءت تغريدة ترامب في مقطع بثته قناة فوكس نيوز، ادّعى فيها أن الرئيس رامافوزا بدأ بالفعل «الاستيلاء على الأراضي من مواطنيه بلا تعويض» بسبب لون بشرتهم، رغم أنه لم تحدث أي مصادرة للأراضي حتى اليوم. وغرّد ترامب بمعلومات يقول الجنوب أفريقيون إنها ملفقة، ويروّج لها الشعبويون البيض والنازيون الجدد، الذين يصنفهم البعض بين مؤيديه، وجاء في تغريدته أن «حكومة جنوب أفريقيا تستولي حاليًا على أراضي المزارعين البيض». واتضح فيما بعد أن ترامب اعتمد على معلومات مضللة نقلها تكر كارلسون أحد المقربين منه في قناة فوكس نيوز التي تروّج لمؤامرة عنصرية يتبناها القوميون البيض المتشددون في جنوب أفريقيا. وتستند النظرية إلى قضية حقيقية مثيرة للجدل تتعلق بعملية إصلاح الأراضي بعد القضاء على نظام الفصل العنصري، استغلها الشعبويون البيض الذين يزعمون أنها كابوس يهدد بإبادة جماعية للبيض. وحول حقيقة ما يجري، أورد موقع «ناشيونال ببلك راديو»، وهو إذاعة أمريكية مستقلة، عن تغريده ترامب و«توظيفه، السياسة الخارجية الأمريكية في إثارة قضية هامشية مبنية على نظرية مؤامرة ينسجها البيض في جنوب افريقيا، وتاريخ طويل من الأكاذيب عن سياسة عنصرية متبعة في توزيع الأراضي هناك». قبل نصف قرن، فرضت حكومات الأقلية الأوروبية البيضاء التي استعمرت جنوب أفريقيا سياسات عنصرية على سكانها الأفارقة بلغت حد الإبادة الممنهجة في بعض الأقاليم، وكان ذلك مطبقًا لمئات السنين قبل أن تصبح سياسة رسمية محمية في مواجهة المجتمع الدولي. ويحظر على المواطنين الأفارقة بنص القانون العيش في مناطق الخدمات وممارسة الأعمال التجارية وامتلاك الأراضي التي تخصص بمساحات شاسعة للعنصريين البيض الذين استولوا على ما يقرب من 90 بالمائة من جميع أراضي جنوب أفريقيا رغم أنهم يشكّلون عشرة بالمائة فقط من مجموع سكانها. بذلت الحكومة الوطنية بعد استرداد الحكم من العنصريين البيض عام 1994 جهودًا مضنية في معالجة قضية الأراضي لتصحيح الوضع، فوجدت بعد مرور ربع قرن أن الفارق ما زال شاسعًا.. وفي عام 2016 أجاز برلمان جنوب أفريقيا الذي يضم في عضويته أحزاب البيض، مشروع قانون يسمح ب «مصادرة الملكية للمصلحة العامة مع التعويض العادل والمنصف»، وقد اتضح وفقًا لمراجعة أجرتها الحكومة في العام التالي أن البيض ما زالوا يمتلكون 72 بالمائة من الأراضي الزراعية. ويطرح موقع «ناشيونال بابلك راديو» الأمريكي السؤال عن كيف استطاع هذا اللوبي إقناع البعض بأن ما يحدث هو إبادة جماعية بحق البيض؟ ثم يجيب بأن في جنوب افريقيا نفسها توجد مجموعة ضغط أعضاؤها من البيض الأفريكانيين تأسست عام 2006 وتعمل على إقناع المجتمع الدولي بوجود عمليات قتل واسعة على أساس العرق تستهدف المزارعين البيض، ويتم توظيف وسائل إعلام رقمية ضخمة يسافر قادتها في جميع أنحاء العالم للترويج لهذا الادعاء، حيث يجتمعون بالسياسيين البارزين والأشخاص المؤثرين، وتأليبهم ضد الأفارقة في جنوب أفريقيا. وكتبت الصحفية لينسي تشوتيل التي تعمل في صحيفة «كوارتز آفريكا» الأسبوعية أن المعلومات المتوافرة لا تظهر أي دليل على وجود موجة عنف ضد المزارعين البيض، ولاحظ جو والش في نيو ستيتسمان أن معدلات القتل في ضواحي جنوب أفريقيا الغنية، ومعظم سكانها من البيض يقل بكثير منها في المدن الفقيرة ذات الغالبية السوداء.