تختلف وجهات النظر والرؤى تجاه المواقف باختلاف الدين والمبادئ والبيئة والسن. لكن للأسف هناك من القيم النبيلة التي لم تحافظ على نفسها. وكثيراً ما كانت تمر علينا مرور الكرام في علاقاتنا الاجتماعية، فمعها نتحسس بفقدان طابعها العفوي أو التلقائي، لكن رغم تفاؤلي في الحياة وحبي لها إلا أنني عندما أشاهد هذه الظاهرة اصاب بالغثيان فيصبح من الصعب استساغتها بسهولة. وقد تكون الفرضية التي تجمعنا اننا نرى أنفسنا «ملوكاً»، لا بأس ان كانت تلك النظرة لا تتعدى نطاقك الخارجي الملموس، وان تعدت لن تتخطى عتبات المنزل، على الأقل ليس هناك أحد سينظر إلى تباهيك وسيتأثر بتفاخرك، ويمكنني أن أفعل ذلك أيضا، طالما لم تتعد حد المرض المزمن الذي قد يزحف حتى يَصل مرحلة «الفشخرة» امام القاصي والداني، وهذا في العرف حديث نعمة أو «جاه الخير على غفلة». في الحقيقة هذه الظاهرة ليست جديدة لكنها كانت متخفية وراء الستار، ولا أحد يبالي بها اهتماما، ولكن مع انتشار برامج التواصل الاجتماعي أصبحت علنية وبصوت مزعج. نجد أشخاصا نعتوا أنفسهم ب «فنشستات» يستعرضون منتجاتهم وآخر «براند ايتاعه» سنشعر بحداثة نعمته التي اصابته «بفاجعة مزمنة» يحاول معها استيعاب رفاهيته ليقنعنا بشكل مقزز انه «وااااااااو» يا الله، كم أشفق كثيرا على تلك الفئة وأحيانا أتساءل متى ستنقرض هذه السلالة؟! المشكلة انه لا شيء يوقفهم «أنا املك سيارة، انا عندي فيلا، هذا لي، وهذا حقي انا راتبي 000 الف....» بشكل مبالغ فيه وبطريقة متعجرفة مشغولة بالأنا، حتى يلفت معها الانتباه إلى الذات كوسيلة لاظهارها بشكل «اوڤر» ومتفرد. على الرغم من بحة حناجرعلماء النفس وهم يثبتون أن «التباهي» ينبع من الشعور بالنقص. مع ذلك نجد الكثيرين ما زالوا يحاولون ان يكملوا نقصهم المفلس ليثبتوا امام الجميع ضعفهم الإنساني وهشاشة شخصيتهم وربما «خوائها». اما البعض الآخر فهم يتفاخرون بما لديهم امام من يملكون مثلهم او يوازيهم، فيقومون باستعراض الأشياء ليصبح الامر لديهم منهجا في حياتهم يتحول فيما بعد الى منافسة خاوية مِن القيم على شاكلة مزاد «من يملك اكثر.. من يشتري اغلى». وهذا هو الافراط الذي غالبا ما يؤدي الى التفريط! متى نهتم بجوهر الأمور لا بشكلياتها؟ لنعش حياتنا كما هي ببساطتها وحلوها ومرها بعيدا عن التباهي والتصنع والتملق والنفاق الاجتماعي.