رغم كل ما تحاول أن تتشدق به دولة «الملالي» في طهران، إلا أن مجريات الوقائع والأحداث على الأرض، تؤكد أن هذا النظام منذ تأسيسه عام 1979، وهو يحمل بذرة و«جينات» الوهم الامبراطوري التوسعي والاستعلائي الفارسي القديم القائم على الأجندة المذهبية والطائفية البغيضة. وسلوك كل «العمائم» المتتالية منذ هذا التاريخ وحتى الآن، يجافي تماماً ما يتشدقون به ويعلنونه ظاهرياً من «قيم إسلامية»، سعياً وراء تحقيق أجندتهم والتغرير بالبسطاء والمخدوعين باسم «تصدير الثورة» المزعومة باسم الدين، وجعلها أداة للتدخل في شؤون الدول المجاورة إقليمياً وكذلك دول العالم الأخرى. كل تسلسلات الوقائع، طيلة قرابة أربعة عقود، لا تخرج أبداً عن حقيقة التورط الإيراني الواضح في العبث في شؤون المنطقة والعالم، تحت مسميات مختلفة، إضافة للتواطؤ المشين مع جماعات الإرهاب المعروفة في العالم، ونعتقد أن علاقة نظام العمائم القديمة والمستمرة حتى الآن مع تنظيم «القاعدة» الإرهابي، لا تحتاج لشرح أو إضافة.. وكذلك تبني هذه العقليات لكل الجماعات والميليشيات الخارجة على قانون دولها الأم، واحتضانها ودعمها وتمويلها لتنفيذ انقلابات داخلية وتهديد جيرانها والسلم الإقليمي والدولي إشارة أخرى لحقيقة التورط الإيراني الفاضح.. حتى على المستوى الديبلوماسي والعلاقات بين الدول، والتي لم يراعها هذا النظام. كلنا يذكر حادثة السفارة الأمريكية في طهران، بمثل ما زالت في الأذهان تلك الصورة الخارجة عن الأعراف والتقاليد الديبلوماسية المتعارف عليها دوليا، كما حدث في حادثي الاعتداء على السفارة والقنصلية السعودية هناك، وأيضاً كل التدخلات المشينة التي يمارسها النظام الإيراني في دول المنطقة لزعزعة أمنها، مثل ما حدث في المملكة والبحرين والكويت قبل فترة، إضافة لكل جرائم القمع الممنهجة ضد المعارضة في الداخل وتكميم أفواه الشعوب الإيرانية، وقضية الأحواز المحتلة أبرز مثال. وربما يكون ما أعلن في الساعات الأخيرة، من طلب النمسا رفع الحصانة عن أحد دبلوماسيي سفارة هذا النظام في فيينا والذي أوقف في ألمانيا، للاشتباه في تورطه بمخطط لتنفيذ اعتداء ضد تجمع للمعارضة الإيرانية السبت الماضي في باريس، دليلاً إضافياً على جرائم ممنهجة ومستمرة لا تحتاج لدليل أصلاً. قد يكون صحيحاً أن الطلب النمساوي الأخير، عمَّق أزمة الدول الأوروبية، وخاصة عقب الانسحاب الأمريكي من الملف النووي الإيراني الذي يشكل وحده هاجساً مقلقاً لغالبية دول العالم وفي مقدمتها دول الخليج العربية، والقلق الأهم سيكون لنظام «العمائم» ذاته، الذي تزداد محاصرته داخلياً وخارجياً، والأهم أنها فضيحة دولية أخرى تضاف إلى سجلات الفضائح الإيرانية المرتكبة منذ 40 عاماً، وللأسف يدفع ثمن تهورها الشعوب الإيرانية المغلوبة على أمرها، والتي تكتشف يوما بعد يوم، زيف العمائم التي تحكمها وتتحكم في مصيرها.