يواصل قطار الغلاء طريقه بسرعات ثابتة وواثقة، تشير إلى أننا فعلاً على مقربة من أزمة غذاء، طالت أخيراً أسعار الخضراوات واللحوم والدجاج، وتنفي في الوقت نفسه، صحة تصريحات التطمينات التي أطلقها أكثر من مسؤول، يؤكدون فيها أن المملكة العربية السعودية، بعيدة عن أي أزمة غذائية مستقبلية، وأن الدولة أمنت سلعها الضرورية بصفقات غذاء ضخمة مع الدول المصدرة. لا أدرى لمصلحة من إطلاق مثل هذه التصريحات، كم تمنيت أن تضع الوزارة المواطن محدود الدخل في حساباتها، وتدرك أن هذا المواطن يدفع ثمن سياسة زراعية لا تخلو من سلبيات، أخطرها تأمين معظم حاجة المملكة من المزروعات من خارج البلاد بالعملة الصعبة وهل من العيب أن يعترف مسؤول ما أننا نقترب من أزمة غذاء ومعها أزمة غلاء، شأننا شأن بقية الدول، بما فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية، صاحبة أكبر اقتصاد في العالم، وهل هناك إهانة تلحق بنا إذا حذرنا المواطنين من هذه الأزمات وتوابعها، حتى يأخذوا حذرهم، بدلا من أن يفاجأوا بها. فمن يصدق أن سعر كيلو الطماطم، يساوي ضعفي كيلو التفاح "الأمريكاني"، ومن يستوعب أن أربع حبات من الخيار الطازج داخل كيس بلاستيك صغير، يساوي عشرة ريالات؟. بوادر أزمة الغذاء مازلنا في بدايتها، ولابد من حلول جذرية لها، وإلا كانت العواقب وخيمة. بالأمس البعيد، تنصلت وزارة الزراعة من مسؤولية غلاء أعلاف المواشي والدجاج المصنعة محليا، ملقية بالمسؤولية كاملة على وزارة التجارة، وكررت "الزراعة" تأكيداتها بأن زراعة الأعلاف في الداخل، أمر مستبعد حفاظاً على الثروة المائية، وكم تمنيت أن تضع الوزارة المواطن محدود الدخل في حساباتها، وتدرك أن هذا المواطن يدفع ثمن سياسة زراعية لا تخلو من سلبيات، أخطرها تأمين معظم حاجة المملكة من المزروعات من خارج البلاد بالعملة الصعبة، وكأننا نقضي بأيدينا على الثروة الزراعية، ونقضي معها على طموحات المواطن في أن يجد سلعته الضرورية بأسعار معقولة، دون غلاء أو احتكار. وزير الزراعة لم يجد حرجاً في أن يعلن على الملأ أن الوزارة تشجع على الاستيراد، وتحفز المستوردين على زيادة وارداتهم، ولنا أن نتخيل نتائج هذا التحفيز في قادم السنوات، سنبقى معتمدين على الغير في تأمين غذائنا، وتتحول أرضنا الزراعية إلى مساحات قاحلة جافة، عندئذ، سندرك خطأنا الفادح، وندعو إلى زراعة أرضنا من جديد، حفاظاً على العملة الصعبة التي ننفقها على الاستيراد. [email protected]