تشهد سوق اللحوم السعودية أزمة في أسعار اللحوم الحمراء والدواجن، خصوصاً بعد الأحوال الجوية السيئة والجفاف الذي اجتاح مناطق زراعة الذرة الصفراء وفول الصويا في العالم، وأبرزها الولاياتالمتحدة، ما أدى إلى ارتفاع مفاجئ لأسعار الأعلاف، ما انعكس على أسعار اللحوم. ولم تقتصر الأزمة على اللحوم الحمراء والدواجن بل طاولت الأغنام، خصوصاً مع بدء العد التنازلي لموسم الحج، وسط توقعات بارتفاع أسعارها بين 10 و30 في المئة خلال الفترة المقبلة بسبب زيادة أسعار الأعلاف. وسعى تجار المواشي والدواجن في حديثهم إلى «الحياة» إلى تبرئة أنفسهم من أزمة ارتفاع الأسعار، وألقوا بالمسؤولية على عوامل خارجية، وفي مقدمها ارتفاع أسعار الأعلاف وزيادة الأسعار من بلد المنشأ. وفي المقابل، بدأ مستثمرو الدواجن تحركاً لتطويق التداعيات السلبية لاستمرار ارتفاع أسعار الأعلاف في السوق المحلية، بهدف إنقاذ تلك الصناعة من التدهور، محذرين من زيادة متوقعة في أسعار الأعلاف قد ترفع سعر كيلو لحم الدجاج إلى 18 ريالاً (4.7 دولار)، إلا أن وكيل وزارة الزراعة خالد الفهيد كشف أن هناك 750 مشروع دواجن في طور إنهاء الإجراءات لبدء التشغيل، وفي حال قيام مثل هذه المشاريع سيرتفع المعروض محلياً. وقال: «الطاقات الإنتاجية لمشاريع الدجاج اللاحم تختلف من مشروع إلى آخر، ويبلغ عدد المشاريع المرخص لها في المملكة 1200، 450 منها قائم والباقي في طور إنهاء الإجراءات». ومع بدء العد التنازلي لعيد الأضحى، توقع مستثمرون في قطاع الأغنام وصول أكثر من 300 ألف رأس من الغنم «النعيمي» عبر الأردن من سورية في حال استمرار فتح الحدود بين البلدين. وأكدوا ل «الحياة» انخفاض الطلب على الأغنام بمعدلات كبيرة جداً، بسبب أسعارها التي تجاوزت 2000 ريال للرأس الواحد. التجار وعزا رئيس لجنة تجار المواشي في غرفة جدة سليمان الجابري، ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء إلى غياب دعم الأغنام من قبل الحكومة، وقال: أسعار الأغنام غالية من بلد المنشأ وليس لنا علاقة بزيادة أسعارها، إذ إن هذا الغلاء عالمي، والأسعار تزيد، والحكومة دعمت الأعلاف والشعير وغيرها ولكنها لم تدعم الأغنام، ونحن نستورد من الكويت لأن الحكومة الكويتية تدعم الأغنام، ويتم الاستيراد حالياً من السودان والصومال أيضاً». وأكد رئيس مجلس إدارة «مجموعة شركات أبناء عبدالله العلي المنجم» علي بن عبدالله المنجم، ارتفاع أسعار اللحوم المجمدة من بلد المصدر مثل البرازيل وغيرها. أما مستورد الأغنام حمود القرشي فلفت إلى أن «كل السلع شهدت ارتفاعاً في أسعارها، وليس الأغنام فقط. وبالنسبة للأغنام المستوردة فإن سعر «السواكن» يبلغ 1200 ريال، أما الأغنام الأسترالية فوصلت منها باخرة واحدة فقط، وتم بيع الرأس الواحد ب900 ريال، في حين تراوحت أسعار البربري بين 420 و480 ريالاً. وفي ما خص طلب المواطنين السعوديين على الأغنام، قال: «إنهم يفضلون بعض الأصناف على غيرها، مثل النعيمي، في حين يقبل المقيمون على البربري بكثرة»، لافتاً إلى استيراد نحو 3.5 ملايين رأس أغنام سنوياً معظمها من السودان والصومال، إضافة إلى الأغنام الأسترالية والأثيوبية، وليس هناك أي توجه لاستيراد الأغنام من أوروبا الشرقية. وتوقع القرشي ارتفاع أسعار الأغنام خلال الفترة المقبلة نحو 20 في المئة، بسبب غلاء الأعلاف في السعودية. وأوضح أن وزارة الزراعة تكشف على الأغنام على البواخر، وإذا وجدت أغناماً مصابة بمرض ما تأمر بإعادة الباخرة إلى بلد المصدر، مؤكداً أن الوزارة أمرت بإعادة باخرة أغنام إلى الصومال قبل أيام قليلة بسبب الاشتباه بأن الأغنام مصابة بالطاعون، وكانت الباخرة تقل 16 ألف رأس. إلى ذلك أكد المستثمر في قطاع الدواجن خالد الحمودي وجود تحرك جاد يقوده المستثمرون لتطويق التداعيات السلبية لاستمرار ارتفاع أسعار الأعلاف، رافضاً الكشف عن تلك التحركات بالقول: مازال من المبكر الحديث عن تلك الخطوات. واعتبر أن مساعي المستثمرين تهدف إلى إنقاذ تلك الصناعة من التدهور، لاسيما في ظل وجود مخاوف كبيرة من خروج بعض الاستثمارات نتيجة عدم القدرة على مواصلة التكاليف التشغيلية المرتفعة. وأوضح رئيس لجنة منتجي الدواجن في منطقة عسير عبدالله الدكمان، أن الزيادة المتوقعة في أسعار الأعلاف ستبلغ نحو 120 ريالاً للطن وليس 250 ريالاً كما يردد بعض منتجي الدواجن، مطالباً اللجنة الحكومية المشكلة من وزارات الداخلية والزراعة والتجارة والمال بتسريع صرف إعانة الأعلاف للدواجن، وداعياً وزارة التجارة إلى إيجاد جمعيات تعاونية للمحافظة على أسعار السلع. ورأى المستثمر في قطاع الدواجن فهد الحمودي، أن وزير الزراعة يرفض مقابلة مستثمري الدواجن عندما تكون هناك مشكلة، ويشترط أن يتم اللقاء عبر جمعية منتجي الدواجن أو اللجان الزراعية، مشيراً إلى أن رئيس اللجنة الزراعية في غرفة الرياض لا يمكنه الدفاع عن مزارعي الدواجن في حال ارتفاع أسعار الأعلاف لأنه يملك مصنع أعلاف.