فترة وأخرى يسألني أحدهم عن كيفية الشروع في تأسيس مشروعه الخاص وكيف السبيل لاستمراره في أسواقنا المحدودة والصغيرة، فالعديد يبدأ مشروعا صغيرا وسرعان ما يخسر جهده وماله ومشروعه. بيد أني أرى ليس أي منا قادرا على أن يدير مشروعا، فنجاح أي مشروع وفشله يعود في الأساس لصاحبه قبل أي أسباب أخرى وإن تعاظمت. فن الإدراة يحتاج لمران وصفات شخصية أكاد أن أطلق عليها صفات نوعية، فأولى تلك الصفات أن يتمتع صاحبها بالصبر والمرونة العالية وتحفيز العقل وإخماد العاطفة قدر المستطاع، لا غلبة إلا للعقل والابتكار في كل شيء بدءا بنوعية المشروع وفكرته ومن ثم المنتج وطريقة تقديمه وتسويقه وانتهاء بالابتكار والفن في التعامل مع العملاء قبل وحين وبعد البيع. البدء في مشروعك الصغير يحتاج لشجاعة ومغامرة قبل رأس المال والفكرة، ومن ثم إلى جهدك الشخصي في كل شيء، لذا لا تسأم ولا تيأس ولا تضجر، أسأل نفسك هل أنت مستعد لفترة من الشقاء تصرع فيها ذاتك؟؟! أجل سوف يتغير كل شيء وقتك وراحتك ونظرتك، سوف تحتاج لكل شيء مالك ووقتك وعقلك وصحتك ونصائح الآخرين والتعامل مع الناس، لا تفوت أي شيء ولا تنظر لنفسك على أنك ناجح ومستقل ومستغنٍ. الفترة الأولى من المشروع هي أقسى الفترات وأهمها، البعض يأخذه نجاح المشروع فيهملها إهمالا يندم عليه بعدها. كل مشروع جديد يلزمه عامان على الاقل ليكسب صفة النجاح والاستقلالية وإن تكشفت أسارير النجاح له، لذا فإن أي أرباح خلال هذين العامين الأوليين للمشروع لا تعتبر أرباحا، ويجب أن توضع في خانة «التحوط» لأي طارئ ولا يجب العبث بها أبدا ولأي أمر كان. يجب التعرف على مواسم الأسواق قبل رصد مدى إقبال الناس، لضمان الفهم الصحيح لأي طارئ في السوق قد يعيق ويتسبب في خسارة ما، فموسم الركود أو الكساد أو الانتعاش كل له ميزاته، فلكل موسم ميزة وسلعة يتم الإقبال عليها، ففي الموسم المزدهر والمنتعش هناك سيولة وهناك أموال يتم هدرها فيتوجه الناس لشراء الكثير من الكماليات والخدمات، وأما في مواسم الشح فهناك سلع يتم الإقبال عليها دون غيرها وهي الاساسية ففي هذه المواسم يجب أن تكون السلع في متناول الامكانيات المالية المقدرة والمقتصدة، ويجب أن تكون من الاساسيات كالاكل والشرب واللبس والسكن وخلافه، ويجب أن تكون نوعية وذات جودة جيدة، لأن المشروع الذي سيتم افتتاحه سيتنافس مع مشاريع قائمة على مستهلكين لديهم ميزانية محددة سيسعون للأفضل لهم. إن كنت تدرس إمكانية تأسيس مشروعك، فهذا الوقت قد يكون مناسبا، ولكنك وحدك من يقدر حجم المخاطرة، عليك أن تبادر وتغامر وتكافح وتصبر، والأهم أن تدير مشروعك وكأنك تخسر لتربح، وتربح لتكبر، وتكبر لتبقى وتنافس وتتوسع وتصنع لك عائلة تجارية ممتدة. وثق بأنك بمشروعك الذي قد تتردد من تأسيسه وتستهين فيه ربما، أنت ستساهم في تنمية اقتصاد بلدك، وستكون فاعلا جدا في تنشيطه، فالاقتصاد المحلي في أي بلد إنما يعتمد في الأساس على المشاريع الصغيرة والمتوسطة والتي تدرج مشروعك من ضمنها. hana_maki00@