الطالبة رقية محمد عجاج، فتاة من المنطقة الشرقية، أول سعودية تحصل على جائزة مجلس الشباب العربي للتنمية، وأصبحت مضرب المثل لغيرها من شباب الوطن، ليس لكونها أول من يحصل على هذه الجائزة فحسب، ولكن لأنها تحدت إصابتها بكف البصر، وكانت مثالا في التحدي والمثابرة، لتؤكد كل يوم أن الإعاقة ليست سببا أو عائقا أو سدا يمنع تحقيق الطموح، ما دام الشعار المرفوع دائما هو خدمة الوطن. وتقول رقية في أول حوار لها بعد حصولها على الجائزة: بدأت دراستي الأولى بالمراحل الثلاث في التعليم العام وذلك في المدارس الحكومية بمدينة صفوى. وفي ذلك الوقت لم توجد خدمات مخصصة للمكفوفين وهذه من المعوقات التي واجهتني في بداية مشواري العلمي، وكنت مصابة في الشبكية الصباغية ولدي بقايا نظر لدرجة أنني كنت كالكفيفة، ولكن اعتقد البعض أن نظري ضعيف فقط، وإنني لا أستطيع قراءة الكتب أو المطبوعات، وكانت هناك بعض المدرسات المتعاونات معي فيقمن بتكبير الخطوط خلال الاختبارات، ومنذ ذلك الوقت عزمت على تطوير الوسائل الخدمية للمكفوفين بشكل خاص ولذوي الاحتياجات الخاصة بصفة عامة. فشل ونجاح وتضيف بنت الشرقية: في الوقت ذاته لم أكن أعرف كيف ومتى يكون ذلك ولكن كنت مصرة على أن يكون لأنني لا أرغب بمرور أي طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة أو أي شخص بالظروف التي مررت بها، فبعد التخرج من المرحلة الثانوية حاولت عمل عدد من المشاريع ولم أوفق في ذلك لعدم وجود الخبرة والمساعدة من الآخرين، وتضيف: الفشل دعاني إلى أن أقدم في عدد من الجامعات لأكمل مشواري العلمي فقبلت في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة عام 2008م وتخصصت في قسم الإعلام، وقبلت كأول طالبة كفيفة في جامعة الملك عبدالعزيز، وكان ذلك لرغبتي في نشر الوعي في المجتمع عن المكفوفين بشكل خاص والتعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل عام، وأجريت مقابلات مع المكفوفين المتخصصين آنذاك لإبرازهم في المجتمع، ففي ذلك الوقت كانوا يتحدثون عن المكفوفين القدماء كالشيخ عبدالعزيز بن باز والشخصيات التاريخية فأردت أن أسلط الضوء على الشخصيات المتواجدة لتكون القدوة في الوقت الحالي. وأجريت مقابلة مع محمد بلو وحسني بوقس والعديد من الشخصيات، فكنت أسمع العديد عن إنجازاتهم فعرفت بعد ذلك أن الإعلام المكتوب لن يوصلني لما أرغب فيه. برنامج فريد وتضيف: بدأت أستغل الفرص لعمل حملات توعوية داخل الجامعة وكان ذلك على حسابي الخاص وأنجزت حملة مع مركز الاحتياجات الخاصة وكنت أركز على المكفوفين والمبصرين أيضا وذلك للتعريف بالتقنيات والتكنولوجيا المعاصرة من أجل نقل المكفوفين من عالم الاعتماد على الآخرين إلى الاستقلالية والاعتماد على النفس. فكنت أحاول أن أقدم التوعية للمكفوفين بالأجهزة الناطقة واستخدام العصا البيضاء وكيف يتعامل المدرسون مع المكفوفين ومن ثم إقناع الكفيف باستخدام التقنية وكان ذلك بالتعاون مع عدد من المكفوفين. وكان مشروع التخرج بالجامعة هو عمل برنامج تليفزيوني سميته «ذوي التحديات البصرية» وكانت فكرة البرامج أن جميع الأفراد العاملين في البرنامج من المذيع والضيف والمخرج والمعد من المكفوفين ما عدا المصور وكان التركيز على حياة المكفوفين الشخصية وتجاربهم المتعلقة بهم والإنجازات وتخرجت في الجامعة عام 2012م. رحلة الابتعاث وتكمل رقية: بعد التخرج في جامعة الملك عبدالعزيز اعتقدت أن لدي جواز مرور للوظيفة فشاءت الأقدار ألا أجد وظيفة، ولكني كنت مؤمنة أن الله لا يضيع مجهود أي فرد فقدمت على عدد من الوظائف بالصحف ولم يكن هناك نصيب بسبب كوني كفيفة وكل ذلك بسبب عدم وعي أرباب الأعمال بطاقة ذوي الإعاقة البصرية فكان هناك شك في كفاءة وقدرة هذه الفئة. فقدمت على الابتعاث ببرنامج الملك عبدالله وابتعثت إلى أمريكا في عام 2013 وكانت وجهتي إلى تكساس وكان المستوى ضعيفا جدا في اللغة الإنجليزية، وقابلت العديد من الصعوبات ولكني لقيت المساعدات من المبتعثين السعوديين ثم نقلت من تكساس إلى جامعة مينيسوتا وفيها أكبر المراكز لذوي التربية الخاصة فدرست فيها ثم تخصصت في التربية الخاصة وبدأت التخصص في الجامعة عام 2015 وقابلت مجددا الصعوبات التي تواجه الطلاب والمعلمين وأصررت على التحدي حتى يكون لي تأثير قوي غدا لأني من ذوي الإعاقة ومتخصصة أيضا فاحتجت أن أتعلم وأدرس ليكون عندي تعمق في معرفة احتياجات ذوي الإعاقة وبجميع أنواعها وبذلك أصل إلى مرحلة التوعية.