• في يوم لم يكن رتيبا ولا تقليديا دمغ على ناصية ورقته التقويمية اليوم الثامن عشر من شهر ابريل 2018، يوم لن ينساه السعوديون، فللمرة الاولى سوف يعيش السعوديون تجربة سينمائية كاملة، مع افتتاح أول دار سينما في الرياض، لتنهي حظرا دام نحو 4 عقود من غلقها. والتي تأتي في إطار الحملة التي يقودها باقتدار وحكمة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتحديث المملكة والنهوض بها. فمنذ فيلم «الذباب» اول فيلم سعودي الذي انتج في بداية الخمسينات الميلادية، بطولة حسن الغانم وحمل الى فيلم «اغتيال مدينة» في منتصف السبعينات الميلادية عن الحرب الاهلية في لبنان من اخراج المخرج السعودي سعد الفريح وبطولة الممثل السعودي حسن دردير، رغم تواضع الامكانيات والدعم، كانت السينما السعودية في بداياتها تتلمس خطاها لكي تكبر وتزدهر مثل باقي القطاعات، الا ان السنوات التي تلت أحداث احتلال الحرم المكي بداية الثمانينيات الميلادية وبروز التيار الصحوي (الاخواني واخواتها من السرورية وغيرها) ادخلت كل ما يتعلق بالفن والثقافة ومن بينها السينما الى غياهب الجب. • رغم هذا الحظر الذي استمر اربعة عقود الا ان المجتمع السعودي كان مواكبا بشكل مستمر لأحدث إصدارات السينما العالمية، يتابعون بشغف وحرص سواء أكانوا كبارا أم صغارا. وبالتالي فالمجتمع لم يكن مغيبا عما يدور حوله بل الكل كان له باع طويل وتاريخ بعيد مع السينما. ما تأثر كثيرا هي صناعة السينما في السعودية، والتي تأخرت كثيرا وتخلفت كثيرا. وبالتالي سوف تحتاج فترة من الوقت لكي تأخذ انفاسها وتوفر قاعدة راسخة للإنتاج السينمائي تسمح لها بتنافس المنتج الاجنبي (خاصة الامريكي) ذات المستوى المتطور ويكون لها حصة في السوق. ولا اعتقد ان الامر مستحيل اذا توفرت الارادة والدعم. فبوليود السينما الناطقة بالهندية كانت في فترة التسعينات تعاني التكرار ولا تحظى بالمشاهدة المطلوبة. الا ان الاستمرار والدعم الكبير لها جعلها تتخطى هوليوود في عدد الافلام واصبحت أكبر منتج للأفلام على مستوى العالم مع مبيعات للتذاكر تصل إلى نحو 3 مليارات دولار وإيرادات تبلغ 8 مليارات دولار. وهذا جعل الشركات العالمية بالسينما كفوكس وديزني ووارنر براذرز وسوني فياكوم تحاول إيجاد موطئ قدم لها في بوليوود. • في المرحلة الحالية نريد سينما سعودية تركز على الشأن الداخلي تعالج قضاياه وهمومه واحلامه بقدر عال من الاحترافية والمتعة والتشويق. نريد سينما سعودية تعمل على تعزيز الهوية الوطنية، كتبت مقالا منذ عدة سنوات عن اليوم الوطني وذكرت فيه اننا مقصرون في ابراز شخصية المؤسس والتاريخ السعودي من خلال افلام تعرف الجيل الجديد بتاريخه بتراثه بهويته. كل الدول تحتفي برموزها السياسيين والفنيين والثقافيين. وهذا المنتج الحضاري هو في نهاية الطاف ما يكون هويتك الوطنية. حرمان هذا المجتمع طوال العقود الماضية من الفن والثقافة وادخاله في جدال طويل بين الحلال والحرام ولد لنا جيلا يعاني من ضعف بالهوية الوطنية واصبح سهلا انقياده من خلال جماعات ارهابية وتجنيده في صفوفه. وبالتالي ابراز المنتج الحضاري السعودي والفني والثقافي في قالب سينمائي بلا شك سوف يساهم في تعزيز الهوية الوطنية. • السعوديون اكثر شعب ينفق على تذكرة صالات السينما في العالم. يشترون فقط عبر الاون لاين ما يزيد على اربعة ملايين تذكرة سنويا من حجم خمسة ملايين تبيعها الشركة عبر منافذها، فاذا اضفت الى سعر التذكرة تكاليف التنقل والسفر والسكن لمشاهدة فيلم تكون النتيجة هدر مليارات الريالات التي من المفترض ان تنفق في الدورة الاقتصادية للدولة. وهي جزء من مجموع 7 مليارات ريال يصرفها السعوديون على الترفيه عالميا. • انا متأكد انه قريب جدا سوف نرى اول فيلم سعودي يحكي مسيرة مجتمع يتم ترشيحه لنيل جائزة الأوسكار. [email protected]