تبدو الساحة الثقافية بشقيها الفني والأدبي أكثر ارتباكا ، وذلك لعدة أسباب: ليس أولها الإضافات او الاعباء التي أعقبت اضافة الثقافة الى وزارة الإعلام لتكون (وزارة للثقافة والإعلام) وطلب افتتاح فروع لجمعية الثقافة والفنون او تقليص النشاطات الخارجية خلال الاعوام الاخيرة ثم قيام الجمعيات المتخصصة دون تفعيل وغير ذلك كثير. من الكيانات الرسمية المعنية بالثقافة والفنون في المملكة : الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بفروعها، والأندية الأدبية في مدن المملكة والجمعيات الفنية المتخصصة، التي وُلدت مثلّجة، اضافة الى وكالتي الشئون الثقافية ، والعلاقات الدولية في وزارة الثقافة والإعلام. تقوم وكالة وزارة الثقافة والإعلام للشئون الثقافية بالإشراف على النشاط الثقافي والفني ومؤسساته على المستوى المحلي، ولم تزل الثقافة المحلية في حال من عدم الاستقرار فالانتخابات في الأندية الأدبية اتجهت إلى تحويل النظرة من الإنتاج الثقافي الى إشغال الرأي العام والمثقفين خاصة بشأن إداري، وبانتخابات مجالس الأندية الأدبية التي أصبحت إضافة أو عبئاً بدلا من ان تكون حلا، ولعل نادي المنطقة الشرقية الأدبي وحال وصول مشاكله الى المحاكم يؤكد ذلك فالأنشطة المتتالية التي رسمتها إداراته الأسبق، ونفذتها لأعوام غابت تقلصت الى حد كبير، خاصة بعد استقالة مجلس الإدارة الذي رأسه لأعوام القاص جبير المليحان، كما أن بعض مجالس الأندية الأدبية غاب عنها الأدباء وحل فيها من ليس لهم علاقة بالآداب والفنون، هذا خلاف ما يمكن ان تفرزه الانتخابات من تأخير العمل والنشاط الأدبي إلى ما يمكن الاشغال به إعلاميا، ولعل حالة الانتخابات التي مرت على نادي الاحساء الأدبي والطعن في الانتخابات لأسباب لا اعلم ما اذا كانت مختلقة او متعمدة او طبيعية مثال على ذلك. الأندية الأدبية وبعض أعضائها تحدثوا أكثر من مرة عن الحاجة الى دعم مادي الا ان البعض الآخر منها يعمل وفق إمكانات متاحة وليس هناك طموح يرقى الى تفعيل اوسع في الساحة وخلق مزيد من التأثير الثقافي، وهذا الدعم المادي الذي اشتكت منه بعض الأندية الأدبية اشتكى منه أيضا رئيس مجلس إدارة جمعية الثقافة والفنون السابق د.محمد الرصيص، خاصة ان هناك كما قال طلبات لافتتاح فروع جديدة في بعض المدن وطلب متزايد على الأنشطة الفنية والثقافية. استذكر قول احد الزملاء في احد الفروع ان احد الأقسام فيه يعتمد على دعم خارجي بموجبه يتم العمل والنشاط وهو ما يشجع كما يبدو للإقدام على العمل في قسم المسرح في ذلك الفرع، وإشارة إلى قول لرئيس مجلس إدارة الجمعية الجديد سلطان البازعي، في رغبته ان يكون مجلس إدارة الجمعية القادم منتخبا فنخشى ان يقع فيما وقعت فيه الأندية الأدبية وتأخذ العملية سياقا آخر يؤخر او يقلّص أكثر مما نحن عليه. بالفعل لم يعد الدعم المادي لفروع الجمعية كما كان سابقا وقد عملت لأكثر من عقد في فرع الجمعية بالدمام كانت الميزانيات أعلى والنشاطات أكثر واستفادة الفنانين والموهوبين أعم واشمل، كانت هناك حيوية تفتقدها فروع الجمعية الآن، تحاول الجمعية حسب ظني العمل وفق ما هو متاح وتوزيع ميزانيتها على حساب أي فرع جديد، ومع تعيين رئيس جديد لها فلا اعتقد انه قادر على العمل دون دعم حقيقي من الوزارة فالعمل الفني او الثقافي ليس عملا تطوعيا كما يظن أو يعتقد البعض. الأنشطة الثقافية التي تبنتها الرئاسة العامة لرعاية الشباب امتدت سابقا الى مكاتبها في جميع مناطق ومدن المملكة، إلا ان الثقافة والإعلام المعنية بذلك لا توجد لها أقسام او إدارات فاعلة للثقافة في مدن المملكة، والحالة الوحيدة التي نعرفها في المنطقة الشرقية هي إجازة معارض الفنون التشكيلية، وابلغني بعض الزملاء الفنانين بأن آلية الإجازة تستوجب من جهة التنظيم إرسال صور المعرض فقط دون حضور مندوب. الساحة الفنية خسرت بذلك قناة هامة كانت تفعل الأنشطة في مناطق المملكة ويستفيد من فعالياتها الفنانون الشباب بجانب المحترفين، والمهتمين بجوانب أخرى كالمسرح، ففي الدمام كان مكتب رعاية الشباب وكان فرع جمعية الثقافة والفنون وكنا نشتكي من قلة الأنشطة حينها، فكيف بإحدى هاتين الجهتين قد توقفت.