مجموعة من السيدات الأمريكيات أنشأن موقعاً الكترونياً عبر الإنترنت يحوى مدونة لأسماء وصور أطفالهن الذين انجبنهن من أزواجهن السعوديين الذين كانوا مبتعثين للدراسة في عدد من الجامعات الأمريكية، وعلى لسان الأمهات الأمريكيات ذكرت المدونة أن الأزواج/ الآباء «السعوديين» قد تخلوا عن مسئولياتهم تجاه أبنائهم، الأمر الذي دفع الأمهات إلى طلب استغاثة لمن ينهي معاناتهن في هذا الأمر عبر موقع إلكتروني يمكنه شرح أوضاعهن للرأي العام فيما يعطي صورة واضحة للمجتمع السعودي بما فعله أبناء جلدتهم بغية الحصول على اعتراف من العائلات السعودية بأحفادهم في الخارج، العديد من آراء المعنيات بالأمر تضمنته هذه المادة فضلا عن مشاهدات سعودية من أرض الواقع ورأي «أواصر» حول القضية وتفاصيل هذا الحدث: قصة «إنجل» حاولنا في البداية الاتصال بالسيدة «إنجل» وهي إحدى السيدات اللائي قمن على تأسيس الموقع، واتصلنا بها رغبة منا في معرفة كامل قصتها والحديث عن تفاصيل زواجها من الطالب السعودي كما نشرته في الموقع بكل أحداثه، ولكنها آثرت الصمت على الحديث في هذا الموضوع، وما غير رأيها في ذلك سوى أنها تخشى من أن تتأزم مشكلتها مرة أخرى بعد نشر الموضوع في الجريدة، وما لفت الانتباه أنها كانت لبقة في تعاملها معنا رغم الأوضاع المتردية التي تمر بها والتي كان سببها زواجها من الطالب السعودي»، ومن خلال الاطلاع على الموقع ومحتوياته، تبين أن السيدة إنجل أم لطفل يدعى جبريل له من العمر 6 سنوات، وهو من أب سعودي هجرهما وتركهما تحت وطأة الظروف الصعبة، ولم تقصد إنجل كما جاء على لسانها من نشر قصتها في هذا الموقع انتقاد الثقافة السعودية بقدر ما كانت تريد التواصل مع القراء بهدف الوصول إلى زوجها الذي تخلى عنها وعن ابنهما جبريل وهو في عامه الأول، لاسيما وأن جبريل الآن أصبح كثير السؤال عن والده، وفي تفاصيل قصتها أوضحت «إنجل» أنها أنجبت هذا الابن من زواج شرعي، وكان والده في حينها على وشك الانتهاء من دراسته، وقد تعرف عليها من خلال الجامعة التي حضر للدراسة فيها وهي جامعة تامبل في ولاية بنسلفينيا، مضيفة أن علاقتهما لم تدم طويلا، حيث أتما الزواج بعد قصة حب واستمر زواجهما بعدها قرابة 4 سنوات، وقبل تخرج الزوج بعام تقريباً أنجبت «إنجل» طفلهما جبريل، ورغم كثرة المحاولات من زوجها لإجهاض الحمل إلا أنها رفضت ذلك قطعياً، وقد ختمت «إنجل» قصتها بأنه بعد أن أنهى زوجها دراسته في الجامعة قرر العودة إلى السعودية، وفي تلك اللحظة لم تكن «إنجل» تمانع في عودته إلى الديار شريطة أن يبادر بالاتصال للسؤال عن أوضاع طفله، وقد تقبل زوجها الأمر في تلك اللحظة ولكن في الواقع لم ينفذ أي شيء من اتفاقهما، وذلك رغم أنه كان قبل سفره حريصا على السؤال عن ابنهما، مهما كلفه الأمر. حكاية ليزي قصة أخرى لسيدة أمريكية تدعى «ليزي»، فعندما التقت هذه السيدة بزوجها الطالب السعودي من خلال إحدى صديقاتها كانت تبلغ من العمر 16 عاماً، وكانت تسكن في نفس الحي الذي يسكنه، فتعرف عليها وأتما الزواج الشرعي بعد علاقة لم تتجاوز الشهرين، فقد كانا قبل ذلك يتواعدان في أماكن عامة ويقضيان أوقاتا مع العائلة والأصدقاء خاصة في الإجازات، وقد ذكرت «ليزي» أنه بعد قرابة 4 أشهر انتقلت للعيش معه في مسكن واحد، والواضح من قصة «ليزي» أنه عندما علم زوجها أنها حامل، طلب منها أن تجهض حملها، ولكنها رفضت الإجهاض، والسبب أن ديانتها المسيحية تمنعها من ذلك، خاصة إذا كان الارتباط يعد في إطار الزواج، كما تقول «ليزي» من خلال الموقع: «تزوجت بهذا الشاب السعودي وأنجبت طفلاً منه، ولكن مع الأسف فقد كان وقت ولادة عبدالله موعدا لنهاية صلاحية التأشيرة التي منحتها الحكومة الأمريكية لزوجي الدارس»، وذكرت ليزي أنه قبل عودة زوجها إلى المملكة العربية السعودية بيوم واحد سمى الأب ابنه حديث الولادة فيما ودعهما ووعدهما بالوقوف بجانبهما ماديا ومعنويا ولكن كانت مجرد وعود فقط. أغراض وقوانين وفي سياق هذه القضية تحدث الطالب المبتعث عبدالله الخرس فقال: «عندما يأتي الطالب السعودي للدراسة في أي جامعة أمريكية تقوم السفارة السعودية بواشنطن بتوقيعه على تعهد ينص على أنها غير مسئولة عن أي أمر يلحق بالطالب بسبب زواجه من أمريكية، خاصة أن البعض من الطلبة يسعى لمسألة الزواج لأمرين، أولهما للمتعة، ويتم هذا الزواج في الغالب بطريقة غير شرعية، أما الأمر الآخر فيكون بغرض الحصول على الجنسية الأمريكية، ويتم هذا الزواج بطريقة شرعية، ولكن ينتهي بعودة الطالب إلى السعودية بعد تخرجه من الجامعة. وأضاف الخرس: «هناك العديد من الطلبة السعوديين اقترنوا بطالبات أمريكيات يدرسن معهم في الجامعة، وقد نتج عن هذه الزيجات أطفال، وفي الواقع أن البعض من هؤلاء الطلبة كان صادقاً مع نفسه ومع زوجته، حيث لم يتخل عن مبادئه وسعى جاهداً أن يجلب زوجته معه إلى السعودية للعيش معه والاستقرار». أواصر خارج المسؤولية من جانبه نفى الأمين العام لجمعية الأسر السعودية في الخارج «أواصر» إبراهيم الشريف أن تكون للجمعية علاقة بالموقع الإلكتروني الذي أطلقته السيدات اللاتي تزوجن من طلبة سعوديين كانوا مبتعثين للدراسة في الجامعات الأمريكية. وحول محور الحدث قال الشريف: «جمعية أواصر مسئولة عن كافة الأسر السعودية التي تعيش في الخارج من أب وأم سعوديين، ويتم توثيق ذلك من خلال تسجيل كافة بياناتهم الشخصية لدى السفارات السعودية في الخارج، ونحن في أواصر ليس لدينا أي فكرة عن هذا الموقع، ومن قام على تأسيسه في الشبكة العنكبوتية، بالإضافة إلى ما يحتويه من معلومات وصور تتعلق بطلبة سعوديين مبتعثين سبق لهم الزواج من سيدات أجنبيات وأنجبوا أطفالا وقد تخلوا عنهم، غير أن الجمعية ليست مسئولة عن مصير الأطفال الذين يولدون من أمهات أجنبيات والتي تمت ولادتهم في الخارج سواء كان هؤلاء الأطفال شرعيين أو غير شرعيين، وذلك لأن الجمعية لا تتدخل في هذه الأمور التي هي من مسئوليات السفارات في الخارج، وأن من لديه أي مشكلة تتعلق بهذا الأمر عليه مراجعة مكتب السفارة السعودية في الدولة التي يعيش فيها». تحديد الهوية محمد آل سعيد محامي كان ضيفنا في هذه القضية، يقول آل سعيد: «بنود القانون الدولي الذي وقع في مدينة فينا النمساوية من قبل غالبية دول العالم بما فيهم المملكة العربية السعودية يضمن حقوق هؤلاء الأطفال في الدولة التي يعيشون فيها، وإذا كانت الأمهات يملكن ما يثبت أحقيتهن فعليهن اللجوء إلى السفارة السعودية من خلال تقديم المستندات والأوراق الصادرة من المحكمة الشرعية التي أتمت الزواج في أمريكا لإثبات صحة الزواج من عدمه، وفي حال كان الزواج موثقا فيمكن أن تقوم السفارة السعودية بمخاطبة وزارة الداخلية ممثلة في إدارة الأحوال المدنية بمناطق المملكة لتقصي مكان الطالب السعودي المبتعث والذي تزوج هناك ومن ثم تخلى عن زوجته وطفله لكي لا يتحمل مسئولية تبعات هذا الأمر، ومن جهة أخرى عادات وأعراف يتماشى معها غالبية الدول في العالم حول ما يتعلق بمصير الأطفال الشرعيين وغير الشرعيين، وهذه لا يمكن أن تتغير مهما تغيرت ظروف الحياة، فعلى سبيل المثال هناك غالبية الدول الآسيوية سواء دول إسلامية أو غيرها تأخذ بمبدأ رابط الدم المنحدر من الأبوين في تحديد هوية الطفل، أما في الدول الأوروبية وأمريكا فيؤخذ بمبدأ رابطة الإقليم والمكان الذي كان يعيش فيه الأبوان لتحديد هوية الطفل، والقانون الأمريكي خاصة يسمح للطفل المولود على الأراضي الأمريكية بأخذ الجنسية حتى لو كان من أبوين غير أمريكيين، وهذه تسمى جنسية مكتسبة، بحيث لا يحق له الترشيح ولكنه يتمتع بالحصانة الدولية، أما إذا كان من أم أمريكية وأب غير أمريكي فيعطى جنسية أصلية ويتمتع بكافة الحقوق المدنية». واجهة الموقع الإلكتروني المخصص للتعريف بأسر السعوديين في أمريكا