رئيس تحرير و كاتب وصحفي، أثار جدلا واسعا من خلال تغطياته الصحفية أو كتاباته المشاكسة والجريئة، وحين يخرج قلمه من غمد أفكاره، فهناك ضربة إلى بعض التيارات أو الاتجاهات الفكرية أو الدينية التي لا يتواءم معها، مما تسبب له بعض الأحيان صراعا محموما بينه وبينها، تزعجه أحيانا ولكن لا يستكين إليها، في هذا الحوار يطل علينا رئيس التحري السابق لجريدة الوطن و الكاتب والصحفي جمال خاشقجي أحد أبرز الوجوه الإعلامية السعودية وإلى نص الحوار: جمال خاشقجي يقال إنك لم تكن محايدا في لقاءاتك على قناتي العربية والجزيرة فترة تغطية الأحداث في مصر؟ ما ردك؟ نعم لم أكن محايدا ، كنت منتشيا بعودة الروح للعرب ، ولم استطع ان اخفي ذلك . دائما تميل في حواراتك إلى «الوفاقية» وأحيانا إلى الوسطية غير المقبولة؟ فهل هذا صحيح؟ خير الأمور الوسط ، والتوافقية منهج طيب. القناة الفضائية التي ستشرف عليها ... هل ستكون بولادة مبهرة ؟ لابد أن تلفت الاهتمام ، وتخدم مجتمعها ، المشاهد العربي بات صعبا ويتوقع الكثير . أنت عاشق للحوارات أكثر من الكتابة..أليس كذلك؟ الحوارات أسهل ،أعشق الكتابة ولكني كسول. دائما لك معارك مع هيئة الأمر بالمعروف، لماذا؟ أبدا ، لي أصدقاء في الهيئة ، ولكني لم أجاملهم ، الهيئة أحرجت نفسها بأفعال منسوبيها ثم دفاعها عنهم ظالمين ومظلومين . أين تضع نفسك في التصنيفات الفكرية؟ حُر ، بل أتمنى أن أكون أكثر حرية . مصطلح «الإسلاميين» بحاجة إلى إعادة نظر، لماذا؟ بدأت أفكر هذه الأيام أن الإسلام انتصر ، فما يكن هناك إسلاميون ما الفرق بين «الرؤية الإسلامية» و «المنهج الإسلامي».برأيك؟ لا أعرف ، لست مفكرا ، وإنما صحفي أسجل ما أراه . ما هي العوامل التي عززت من انغلاق المجتمع السعودي على نفسه؟ الرأي الواحد . أنت تنفي وجود تيار ليبرالي في المشهد الثقافي السعودي بينما الواقع يؤكد ذلك. لماذا هذا التناقض؟ نعم بيننا من يصف توجهه بالليبرالي وهو يحسب أنه يصف حاله بالمتسامح او المتفتح المستنير في مواجهة المنغلق المتشدد ، ولكن الليبرالية فلسفة كاملة ، لا تستقيم مع طبيعتنا المحكومة بالإسلام ، قال سيد قطب -رحمه الله-: خذوا الإسلام كلّه أو دعوه كلّه ، وكذلك الليبرالية ، إن في الإسلام من التسامح والقبول بالتعددية وتنظيم الخلاف ما يغنيني عن الليبرالية . «التسامح» القوة المنسية ،كيف ذلك؟ مرة أخرى ، بسبب الانتصار للرأي الواحد. في مسيرة الإصلاح عقبات وقيود. فمن يصنعها؟ يصنعها من يخاف الإصلاح . رحلة الإنسان عبارة عن شريط من النجاحات والإخفاقات, فما هو رصيدك من النجاحات والإخفاقات؟ نعم ، لدي نصيب زائد من الإخفاقات ، البعض يجاملني ويقول : جمال كلّما سقط وقف ، أقول لهم: الحمدلله ، وقولوا ما شاء الله . ما هي تطلعاتك في المرحلة القادمة؟ كثيرة ، أرى أبوابا كثيرة تفتح ، الإعلام والصحافة ستكون أقوى وأشرس وتحتاج إلى الصادقين والمحترفين . رسالة خاصة توجهها لمن؟ طالما أنها خاصة ، أفضل أن أوجهها بشكل خاص . الإعلام سُلطة أم رسالة، ولماذا؟ الإعلام سُلطة ، سلطة للرقابة والمحاسبة . هل انعتقت الصحافة من الرقابة المفروضة أم أنه لا توجد رقابة أصلا؟ دوما تبقى هناك رقابة ، أفضِّل أن أسميها مسؤولية . ما هو الخط الفاصل بين الإعلام المؤدلج والحُر من وجهة نظرك؟ المؤدلج هو الموجّه من شخص واحد ، أو موجّه إلى شخص واحد ، والحر هو الحر ، هل تحتاج هذه الكلمة العظيمة إلى شرح . أين تقضي أوقات فراغك؟ هذه الأيام في البيت بين الجزيرة والعربية وبقية المحطات وتويتر . للماضي ذكريات لا تُمحى. فما هي أبرز ذكرياتك السعيدة والحزينة؟ الفقدان ، فقدت المدينةالمنورة ، فقدت روحها وتاريخها بدون سبب وجيه ، فقدت أحباء بدون سبب ، يكفي . المنصب الصحفي (الرفيع)، متى يكون ضمانة للإبداع؟ الإبداع ليس بحاجة إلى منصب . ماذا تشعر عندما يقال: جمال خاشقجي كان مشاغبا في الفترة الأولى وأكثر رصانة في الفترة الثانية؟ أشعر بحيويّة هذه الأيام، غير مسبوقة ، أشعر أني صغرت عشرين عاما ، عاد لي الأمل في المستقبل ، أتمنى أن أكون مشاغبا . تجربتك الصحفية، هل جعلتك أكثر انفتاحا على كل التيارات والاتجاهات الفكرية المغايرة ؟ نعم ، حتى القذافي لديه وجهة نظر ، غبية دموية غارقة في الوهم ، ولكن تظل وجهة نظر من واجبي كصحفي أن أنقلها . يقال: إن المؤسسات الصحفية ليس لها هم سوى تحقيق الربح المادي على حساب المنتج الصحفي. فهل أنت مع أو ضد هذه النظرة؟ ولماذا؟ توجد مشكلة يمكن اختصارها في العلاقة بين المدير العام و رئيس التحرير ، وكلاهما معه حق. كيف كنت تدافع عن التهم الموجهة لصحيفتك التي توصف بالعلمانية والليبرالية تارة أخرى؟ كلام فاض ، إنه الرأي الواحد يبحث عن منجاة بصنع الكوابيس . هل تتوقع أن تكال نفس التهم لقناتك الإخبارية لذاتك؟ وكيف ستتعامل معها؟ نعم، ولكن من يهمه ، هذا ليس زمنهم . حياتك المهنية حافلة ،ما الذي علق في ذاكرتك من شخصيات كان لها تأثير كبير عليك؟ والدي رحمه الله : الاعتزاز بالنفس ، والحب والتسامح من والدتي . تركي الفيصل : حب العمل والتمتع به والإيمان بالوطن . عمر بهاء الدين الأميري الشاعر الإسلامي : علمني الاعتدال وحب الحياة والتمتع بها دون إفراط . قلب الدين حكمتيار وأسامة بن لادن : ضرر الهوى والإعجاب بالنفس ، وأن أعرف الحق بالحق لا بالرجال . التقيت بالكثيرين وتأكدت بمعرفتهم من سنن الله ، أن لا احد كامل ، والبشر يعتريهم عوارض النقص والخطأ ،فكن مستعداً ،إن تسامح لأنك مثلهم ستخطئ يوماً ،وتتمنى لو يسامحك الآخرون . مساحة حرة، ماذا تقول فيها؟ جميعنا يعيش في زمن لم نتوقعه ، أبدا لم أتوقعه ؟ أحداث قرن تحصل في عام واحد ، إنه زمن الشعوب والمشاركة ، أتمنى أن يدرك الجميع هذا، ففي الأرض ما يكفينا جميعا ، هذه الأيام نرى فشل القذافي في استيعاب هذا التحول ، مثلما فشل غيره من قبله ، هل هذا الفشل سنة ماضية ؟ هناك ما يكفينا جميعا فلم نختلف ، ليس فقط الثروة بل في كل شيء ، السُّلطات القادمة أفقية وليس في ذلك ما يعيب ، بل فرصة يمكن أن تستثمر فنشترك جميعا في مسؤولية بناء الوطن . والله أعلم . السيرة الذاتية جمال أحمد حمزة خاشقجي صحافي سعودي وُلد في المدينةالمنورة عام 1958م عمل في بداية مسيرته الصحافية مراسلا لجريدة «سعودي غازيت» . ثم أصبح مراسلا لعدد من الصحف العربية اليومية والأسبوعية في الفترة الممتدة من 1987 إلى 1990. نائب رئيس تحرير صحيفة آراب نيوز من 1999 إلى 2003. و تولى منصب رئيس تحرير صحيفة الوطن. عمل منذ العام 2004 مستشاراً إعلاميّاً للأمير تركي الفيصل (السفير السعودي في لندن ومن ثم في واشنطن). مؤلف كتاب: « علاقات حرجة - السعودية بعد 11 سبتمبر «.