أكد محمد عصمت سيف الدولة مستشار الرئيس المصري للشئون العربية ضرورة تعديل معاهدة كامب ديفيد, منتقدا تصريحات الجانب الإسرائيلى حول سيناء وأمنها ورفض سيف الدولة تقسيم مصر بين إسلاميين وغير إسلاميين، وقال: إن لقاءه بالرئيس مرسي كان ديمقراطيا، نافيا ما يتردد عن سيطرة الإخوان المسلمين على قصر الرئاسة, وعن مستشاري الرئاسة الجدد قال : إن الفرق بيننا وبين المستشارين فى ظل عهد مبارك أننا لسنا موظفين وإنما نمثل توجهات كل القوى السياسية وننقلها إلى مؤسسة الرئاسة، وقال فى حواره مع «اليوم» : هناك أهداف خبيثة من وراء إثارة أزمة الفيلم المسيء للرسول «صلى الله عليه وسلم» أخطرها إحداث فتنة طائفية داخل مصر , مشيرا إلى احتمال ارتباط ما حدث في الانتخابات الأمريكية. وعلى الصعيد العربي أكد أنه بتوليه الملف العربي سيسهم فى تنفيذ رؤيته القومية العروبية، رافضا تصنيف الدول العربية إلى درجات. وواقع الأمر أن الحديث مع ناشط ضد الصهيونية ومفكر قومي يتولى عمله حديثا مستشارا للشئون العربية للرئيس الدكتور محمد مرسي يحمل فى طياته أهمية لما يكشفه من أوراق خاصة بقواعد اللعبة السياسية وأسلوب إدارة مصر العلاقات العربية فى ظل حكم إخواني، وكانت البداية من أحداث الساعة المتعلقة بالفيلم المسي للرسول الكريم ....، بداية ما تعليقك على توابع أحداث السفارة الأمريكيةبالقاهرة وتصعيدها بهذا الشكل ؟ طبعا على المستوى الرسمي لم نتحاور مع الرئيس مرسي حول هذا الموضوع، لكن على المستوى الشخصي تعليقي ككل المصريين أن الغضب مشروع بشرط عدم الخروج عن القواعد الرئيسة وإن كنا عندما شاهدنا الفيلم شعرنا بأنه يمثل إهانة كبيرة ليس فقط ممن قام بصنعه وإنما للبيئة التى سمحت أن يصدر فيها مثل هذه الأفلام. نوايا خبيثة هل تعتبر إثارة هذه الأزمات الآن تحمل في طياتها نوايا خبيثة ؟ بالطبع هناك نوايا خبيثة وراء إثارة هذا الموضوع الآن، ولا أستبعد أن يكون للأمر علاقة بالانتخابات الأمريكية للمعسكر الجمهوري والمحافظين الجدد، لكني غير متأكد من ذلك. وهل يمكن أن يكون له علاقة أيضا بالزيارة المرتقبة للرئيس مرسي أمريكا والرغبة في تعكير الصفو ؟ وهذا أيضا وارد، لكن الأخطر من كل ذلك هو محاولتهم إثارة الفتنة الطائفية بين مسلمي ومسيحيي مصر ، لكن بفضل الله من أول لحظة تم تفويت الفرصة عليهم، لأن المسيحيين كانوا أكثر إدانة لهذا الفيلم من المسلمين. ما رأيك في مشهد المصادمات الذي عاد من جديد بين الشرطة والمتظاهرين ؟ بالطبع نحن نرفض أن يكون هناك مصابون وقنابل مسيلة للدموع وخلافه، فكل هذه المصادمات أمر لا يعقل، وعندما اتصلت بجميع فئات المشاركين في المظاهرات أكدوا لي جميعا رفضهم أي عنف. خطر القاعدة لو انتقلنا إلى المشهد في ليبيا على خلفية نفس الأحداث .. كيف تقيم الموقف؟ وهل ترى فعلا أن الخطر الذي يهدد مصر يأتيها من الحدود الغربية بسبب احتمالات وجود القاعدة ؟ أولا أنا دائما أؤكد أن مصر وكافة الأقطار العربية ومنها ليبيا أمة واحدة وجميع العرب أدانوا قتل السفير الأمريكى، ونحن نقول من البداية : إن ثورات الربيع العربي سلمية وأن أي شخص يسلح الثورات ليدخل إليها العنف هو من خارج سياقنا الثوري، ولن تكون هناك أي مخاوف على الشعب المصري من الشعب الليبي الشقيق، ودائما فى كل المجتمعات هناك أخيار وأشرار وأظن أن ما نمر به الآن فى المنطقة هو سحابة صيف وستمر إن شاء الله. العنف باسم الثورة الذي يجتاح المناطق العربية شرقا وغربا .. هل يمكن تفسيره بأن هناك من يحاول النفخ في النيران لتصدير الثورة ؟ لا شك في أن كل المصريين لا يؤيدون مبدأ تصدير الثورات، لكن فقط أود أن أقول: الديمقراطية معدية ! وأعتقد أن كل البلاد العربية ستتحول عاجلا أو آجلا إلى الديمقراطية سواء بثورات أو بدون ثورات. بالطبع مازلت على موقفي المناهض لمعاهدة كامب ديفيد والمصريون جميعهم يؤيدون تعديلها خاصة ما يتعلق بالمادة الرابعة الخاصة بتعريض سيناء لخطورة مستمرة بسبب عدم وجود قوات وأصبح هذا الرأي أكثر قوة بعد أحداث سيناء الأخيرة . ما خطتكم لتحويل فكركم القومي العروبي إلى ممارسات واقعية بحكم منصبك الجديد ؟ لنتفق أولا على أن كل المصريين مؤمنون بهذه الأفكار القومية وبقضية مصر العربية، وكذلك الدول العربية وكلنا أعضاء فى الجامعة العربية ونغضب لنفس الأسباب، وكان نظام مبارك يتجه لعزل مصر عن أمتها العربية وبعد الثورة تحررت مصر من هذا العزل وسنتواصل معا لمصلحة الجميع والمشاركة فى الوطن الواحد. مستشار الرئيس ما الدول التى تراها ركيزة مع مصر في بعث الروح العربية من جديد ؟ وهل ترى أن خريطة القوى العربية في المنطقة تغيرت؟ لا يجب أن نميز بين قطر عربي وآخر لأنها جميعا وطنية, وبالتالي لست مع تقسيم الدول العربية لدرجات، فكلنا سواسية ولنا دور متواز، ويبقى فقط الانتقال من مشاركة الحكام العرب إلى مستوى مشاركة الشعوب العربية. لكن هل يمكن تطبيق هذه النظريات على أرض الواقع في ظل أجواء سياسية عربية متوترة ؟ هذا سيتحقق مع الوقت لأن العالم كله بما فيه العالم العربي صار قرية صغيرة بحيث لو عطس شخص في المملكة السعودية فسيرد عليه شقيقه التونسي بقوله : « يرحمكم الله»! ما دور مستشار الرئيس للشئون العربية ؟ وكيف يديره ؟ وبمعنى آخر ما الذي كلفك به الرئيس مرسي ؟ يجب أن نعترف بأن مصر لم يكن لها خبرة سابقة فى مجال فريق العمل الجماعي. كما أن فكرة الفريق الرئاسي مطلب شعبي منذ الأيام الأولى للثورة للإلمام بكل وجهات النظر الخاصة كافة التيارات ولتكون ممثلة لدى صناع القرار، وبالتالي فالفرق بيننا وبين المستشارين فى ظل عهد مبارك أننا لسنا موظفين وإنما نمثل توجهات كل القوى السياسية وننقلها إلى مؤسسة الرئاسة، وكل المستشارين شخصيات وطنية مستقلة قبل الثورة ولها مشروعاتها الفكرية والسياسية، وبالتالي فهدف الفريق الرئاسي أن يكون معبرا عن أكبر عدد ممكن من المصريين. من خلال الاجتماع الوحيد الذي تم حتى الآن مع الرئيس المصري ما انطباعك عن مدى رحابة صدر الدكتور مرسي في الاستماع لمعارضيه ؟ كان اللقاء ممتازا وكان مساعدوه ومرافقوه يتحاورون معنا حوارا حرا وكأننا فى مائدة مستديرة وكانت الفكرة الرئيسة التعارف، لكننا لم نبلور بعد الوضع النهائي لطريقة وآلية عمل الفريق الرئاسي، لكن الروح العامة كانت روحا ديمقراطية بين الرئيس والآخرين. هل سيكون التعامل مباشرة مع الرئيس أم من خلال مساعديه ؟ كل السبل مطروحة حسب الضرورة ونحن كفريق عمل جماعي نناقش كل القضايا بما فيها الملفات التخصصية لكل مستشار. هناك من يرى أن 17 مستشار للرئيس عدد كبير ! لو بدأ كل منا العمل على القضايا المختلفة فسنجد قضايا عديدة تحتاج لجهود كبيرة، ولو تأملناهم سنجدهم ليسوا 17 فقط، بل يعادلون مئات المستشارين، لأن كل مستشار يدير حوارات وصلات وتفاعلات مع عديد من الشخصيات الوطنية والمفكرين من خارج الفريق بحيث نستطيع تمثيل أكبر عدد من الآراء داخل مؤسسة الرئاسة. حكم الإخوان التعامل كمستشار ينتمي للفكر القومي العروبي مع رئيس من مدرسة الإخوان هل يبدو صعبا ؟ بالعكس فأنا كنت واحدا من الناس الذين نادوا منذ عام 2000 بضرورة تذويب الخلافات بين الوطن الواحد والتوحد بين التيارين القومي والإسلامي لأن مناطق الالتقاء بيننا كثيرة جدا خاصة ما يتعلق باستقلال الوطن وتقدمه وأنا علاقتي بالتيارات الإسلامية بما فيهم الإخوان المسلمون علاقة قديمة فى عشرات القضايا التى عملنا فيها لمواجهة نظام مبارك، ولا أعتقد أنه يمكن أن يحدث أي صدام مع الرئيس، لأنني لا أتعامل مع رايات الناس، وإنما أتعامل مع مواقفهم السياسية. لكن هناك تخوف من الإخوان فى ظل ما يتردد حول سيطرتهم على القصر الجمهوري فهل استشعرت ذلك بعد اقترابك من دائرة الرئاسة؟ أم أن ما يقال غير صحيح ؟ أنا ضد فكرة تقسيم المصريين إلى قوى وطنية وإسلاميين, فهناك قضايا وملفات متعددة ولو أجرينا استطلاع رأي بين القوى السياسية سنجد أن هناك أمورا كثيرة مشتركة بين التيارات السياسية المختلفة ربما تقربها من بعضها أكثر من أن تفرقها . كما أن اختصار القوى السياسية في الإخوان وغيرهم شئ مرفوض، لأنه يذكرنا بالحملات التى تم توجيهها ضد مختلف التيارات السياسية خلال العقود الماضية، وأنا ضد فكرة النظر فى عنوان واحد ثم نهاجمها ونجد أن الخلاف وهمي وغير حقيقي وأؤمن بأننا جميعا فى مركب واحدة، وأننا نتفق على الثوابت الوطنية لصالح مصر خاصة استقلال مصر ومعالجة الفقر وبناء الاقتصاد المصري، وأن نختلف كما نريد فى الملف السياسي والدستوري وأن نعي فى ذات الوقت أن يكون اتفاقنا فى الملف الأول لا يمنع اختلافنا فى الملف الثاني . ومتى ينتهي ملف الدستور الشائك ؟ وما مصير الدستور المصري؟ كنت أتمنى من البداية أن تكون هناك نسبة توافق أكبر حول الجمعية التأسيسية، والآن بعد كل الجهد الذى بذلوه، فأنا أرى أنه على كل القوى الوطنية فى مصر سواء الراضية عن الجمعية التأسيسية أم لا أن تركز على فكرة المنتج النهائي وتدلي بدلوها فيه، لأنه يكون من إنتاج الجمعية التأسيسية فقط، بل أيضا من إنتاج عشرات دوائر الحوار التى كانت تدور فى مصر. وهل أنت مطمئن شخصيا لدستور تكتبه جمعية من أغلبية إسلامية ؟ أنا مؤمن بأنه لن يكون هناك دستور نهائي إلا إذا كانت مواده تعبر عن كل الجهات ولن تمر أي مواد عليها رفض كبير ومعظم المواد نجد عليها توافقا حتى وإن كان الناس يشتبكون مع بعضهم البعض أحيانا على شاشات الفضائيات، لأنه لن تمر أي مادة مثيرة للخلاف الكبير . كامب ديفيد وصفت معاهدة كامب ديفيد سابقا بأنها «انتحار» وطالبت بتعديلها فهل مازلت على موقفك وأنت مستشار للرئيس ؟ بالطبع مازلت على موقفي المناهض لمعاهدة كامب ديفيد والمصريون جميعهم يؤيدون تعديلها خاصة ما يتعلق بالمادة الرابعة الخاصة بتعريض سيناء لخطورة مستمرة بسبب عدم وجود قوات وأصبح هذا الرأي أكثر قوة بعد أحداث سيناء الأخيرة، وهذا الموضوع حق أصيل بصرف النظر عن منصب مستشار الرئيس أو منصب رئيس الجمهورية نفسه، فلا يمكن التضحية بالموقف الوطني أمام أي منصب سياسي، وهناك إجماع وطني بين الحكام والمحكومين وبين الأغلبية والأقلية وبين كل التيارات السياسية في مصر على أنه لابد من استرداد كامل السيادة المصرية على سيناء، وقد قلت هذا الكلام فى جلسة مجلس الشورى بصفتي الشخصية والرسمية، ويجب أن يكون هذا الكلام معلوما لأنه ليس من المعقول أن إسرائيل بكل مؤسساتها تكون بها مجموعة من الوزراء والمسئولين يدلون بتصريحات كما يريدون ضد مصر ويشككون فى سيناء وأمنها ولا يكون مقبولا عندنا بعد الثورة أن يكون لدينا مستشارون يعارضون القيود التى فرضت على مصر وهذه علامة أن الثورة سمحت بأن يعبر الصوت المصري الأصيل عما يريده ملايين المصريين بضرورة تعديل المعاهدة ليكون جزءا من مطبخ صناعة القرار، ونحن ننادي بذلك بكل وضوح ولا نخجل ولا نكف عن طرح هذه الغاية النبيلة. متى تقرر التنحي عن منصب مستشار الرئيس ؟ هو نفس الموقف الذى ينطبق على أي شخص في أي مهنة ويشعر بأنه غير قادر على الإنتاج وعلى خدمة وطنه فإنه يبعد وأنا ككل الناس وكل زملائي المستشارين لو شعرنا بعدم القدرة على العطاء سيصبح من المؤكد أن ننسحب، وإن كان من المبكر جدا الحديث عن هذه المسألة فالتجربة مازالت وليدة ولابد أن نعطيها الفرصة وسنبذل كل جهودنا لتتحول إلى فكرة قابلة للتنفيذ . ملف المشير ما رأيك فى الجبهات المصرية المتعددة التى تشكلت مؤخرا لمواجهة ما سمي بأخونة الدولة ؟ كل الشخصيات الموجودة فى هذه التجمعات وطنية وصديقة ولا تقل وطنية أبدا عن أي شخص آخر وكل شخص من حقه أن يعبر عن فكره ومن الجيد أن تتحول فسيفساء الأحزاب إلى عدة تيارات سياسية كبرى ومتماسكة لتكون إضافة للحياة الديمقراطية، لكن كل ما أرجوه أن تكف كل التيارات عن اعتبار نفسها أو قيمها الهدف الرئيس، وإنما عليهم أن يعملوا فى إطار أن وجودهم في حد ذاته ضروري وأن يقدموا برنامجا مستقلا يلائم البرامج الأخرى، وفى النهاية تستفيد مصر من الجميع. ما رأيك فى فتح ملفات التحقيق مع كبار رجال القوات المسلحة وعلى رأسهم المشير ؟ وهل يمكن أن يهدد ذلك استقرار مصر ؟ تعلمنا بعد الثورة أنه عندما يحدث شبه إجماع سياسي وشعبي على قضية تتم ترجمتها إلى مجموعة من القرارات والمعروف أن كل ما يتعلق بأفعال جنائية فى حكم القضاء وهو أمر ليس بيد أحد لا رئيس حكومة ولا رئيس جمهورية ومن حق أي مواطن أن يتتبع ما يرى فيه شبهة جنائية ويلجأ للقضاء وهو الذي يفصل في الأمر. أما حول ما يثار من احتمالات المخاطر فأتصور أن مصر عبرت مرحلة المخاطر منذ قرارات يوم 12 أغسطس الذي تمت فيه إعادة القوات المسلحة إلى دورها في حماية الأمن بالبلاد وتسلم رئيس الجمهورية المنتخب كل سلطاته السياسية.