يعيش زائر سوق عكاظ عندما يدلف إلى جادته أجواء مفعمة بعبق الماضي العريق ويستذكر وهو يتطلع إلى جانبي الجادة ما كان عليه الآباء والأجداد في تلك العصور السالفة فهي تمثل بما تحتويه من عروض لصناعات ومهن ومنتجات تراثية يصاحبها عروض الخطب وإلقاء الشعر الفصيح بجميع مقاصده, لوحة بانورامية من الماضي العريق. وتميزت عروض الجادة لهذا العام بعرض درامي مسرحي بصري على امتداد مسرح الشارع ينقل بصرياً لما كان يحدث قبل (1400) عام، وتكون العرض من أكثر من سبعة مشاهد رئيسة على طول الجادة بامتداد الكيلو متر جاء أولها في « السوق» ..أما المشهد الثاني فيتمثل في « حي عكاظ « حيث يشاهد الزائر من خلال العرض البصري أنماط الحياة التي كانت سائدة في تلك الحقبة من الزمن الماضي والمتمثلة في الخيام والإبل والخيل, ونمطية حياة أهل سوق عكاظ فترة انعقاده تجسدها مشاهد تمثيلية مباشرة يتفاعل معها جمهور السوق، فيما يقف الزائر مع المشهد الثالث من العرض البصري على « الممر التاريخي « في الجادة الذي زود بنحو (1200) فانوس يضفي بعداً بصرياً لمختلف أرجاء السوق. ويقدم المشهد الرابع عرضين مسرحيين «بمسرح الجادة « الأول منهما يعرض عقب صلاة المغرب والثاني بعد صلاة العشاء ومدة كل عرض ساعة من الزمن طيلة أيام السوق, وتنفذ هذه العروض المسرحية تحت مسمى « يوم من عكاظ «, وتحكي دخول الشعراء ومناقشاتهم لقضايا الجوار وتفقد البضائع من بيع وشراء وإغاثة الملهوف وإلقاء قصائد الحكمة والتفاخر بالكرم, ومن ثم تكتب القصيدة الفائزة بماء الذهب وتعلق, وهو ما يعرف بشعراء المعلقات التي خلقت عصر قوة اللغة العربية. يجسد المشهد الخامس من العرض البصري لمشاهديه من زوار السوق تفاخر العرب بالفروسية من خلال المبارزة وتعلم وإتقان فنون القتال، بينما يعرض المشهد السادس «مسيرات القوافل « التي كانت تفد إلى السوق من اليمن والشام ونجد والعراق. وتمثل «مشاعل النار «من خلال المشهد البصري السابع الوسيلة التي كان يستدل بها على الوجهات والاتجاهات في التحذير من الحروب وعلى طرق القوافل والمناسبات مثل الأعياد, إضافة إلى ما يصاحب المشهد من عرض حي لطرق سقيا الماء وتنصيب المعلقات السبع وتعليم الفروسية وركوب الخيل. وأوضح مدير عام الإدارة العامة للبرامج السياحية المكلف بالهيئة العامة للسياحة والآثار عبدالله بن عبدالملك المرشد أن عدد المحلات المصطفة على جانبي الجادة يبلغ (160) محلاً, وتعرض مختلف الحرف والمهن والصناعات اليدوية والمقتنيات الأثرية والأسر المنتجة والمأكولات الشعبية التي تشتهر بها مختلف مناطق المملكة من خلال (460) مشاركا من الحرفيين والحرفيات ومقدمي عروض الجادة. ونوه المرشد بالنقلة النوعية من ناحية تنظيم العمل المسرحي والثقافي والتاريخي الذي يشهده السوق هذا العام نتيجة الإقبال الكبير على زيارة السوق.