في يقيني وكثيرون غيري أن أداء أماناتنا لا يرقى للحرفية التي تؤهله لمواكبة الخط التصاعدي للتنمية في بلادنا، وشاهد ذلك في أكثر من مدينة كبيرة أو حتى صغيرة، حيث إنه نادرا ما نجد مشروعا خدميا أو بلديا لا يتعرض لأوضاع صيانة أو إعادة تأهيل قبل أن يحول عليه الحول.. وكنا نسمع عن عدم إتقان المقاولين أعمالهم غير أن هذه حجة أصبحت مكررة وغير مقنعة لأنه يفترض بالأمانات أن تتسلم مشروعاتها وفقا لكراسة المواصفات والشروط وليس عندما يطرق المقاول الباب لاستلام بقية مستحقاته، لذلك أصبحت السمة الغالبة لكثير من المشاريع الفشل، ولن نذهب بعيدا لنقف فيما حدث لجدة. الحقيقة أننا نفتقد الحرفية في مجمل الأداء البلدي، وحتى المجالس البلدية ركبت موجة الفشل وجرفها طوفان السلبية، دائما كنا نتقول بأن الأمانات تفشل في تنفيذ مشاريعها وكان مسؤولوها يتهمون الصحافة بعدم الحيادية، وها نحن تركنا جدة لمشاريع الأمانة الفاشلة حتى وقعت الكوارث، وحينها كان اللجوء لشركة أرامكو التي لا يصيب مشروعاتها ما يصيب مشروعات الأمانات من الشيخوخة المبكرة لاعتمادها على أساليب حرفية عالية في التخطيط والتنفيذ لمشروعاتها، لذلك تبدو أرامكو بمثابة المنقذ دائما لتصلح ما أفسده الدهر، لذلك من الطبيعي ألا تعتمد الحكومة على الأمانات في المشاريع العملاقة مثل جامعة الملك عبد الله ومشروع مدينة الملك عبد الله الرياضية والمشاريع التعليمية في المنطقة الشرقية، وأخيرا مشروع حلول مشكلة جدة من السيول، وكل ذلك يؤكد فشل البلديات والقطاعات الحكومية في تنفيذ المشاريع. ينبغي ألا يغضب أي مسؤول أمانة من ذلك فهذا رأي عام. الذي يتابع عمل الأمانات يكتشف فشلها في صيانة مشروعاتها وهذه مشكلة، وإن لم يبادروا في حلها فهي مشكلتان، لأننا في الحقيقة نفتقد الحرفية في مجمل الأداء البلدي، وحتى المجالس البلدية ركبت موجة الفشل وجرفها طوفان السلبية، وعلى هذه الأمانات أن تعيد النظر في طرق وأساليب إدارتها للشأن الخدمي العام، لأن أعمال الصيانة الكثيرة إنما هي هدر للمال العام وليس تجويدا لتلك المشروعات بأي حال، وعليها أن تقتدي بأرامكو التي يكمن سر نجاحها في المحاسبة والشفافية، فلا شيء فيها يحدث في الظلام، والكل يعمل في وضح النهار وعلى المكشوف، وبسهولة تستطيع أن تعرف تفاصيل أي مشروع ومن يعمل عليه وكم أخذ.