محمد فريد أبو سعدة، شاعر مصري من شعراء السبعينيات، أصدر العديد من الدواوين والمسرحيات الشعرية، عضو بلجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة، حصل على العديد من الجوائز، منها جائزة الدولة التشجيعية في الشعر عام 1993، وجائزة اتحاد الكتاب عام 2003 تُرجمت بعض أعماله إلى الإنجليزية والفرنسية. وهو أيضًا فنان تشكيلي، تجلى الفن لديه ليس في لوحات مرسومة بالفرشاة والألوان فقط بل في مجموعة من «البورتريهات» التي كتبها عن شخصيات اقترب منها، عن الثورة والحياة والشعر وسنواته التي قضاها في المملكة العربية السعودية كان ل (اليوم) هذا الحوار معه على هامش إحدى الندوات التي أقيمت له بالإسكندرية احتفالًا بصدور أحدث دواوينه: (أنا صرت غيري). كتاب وشعراء سافرت إلى المملكة العربية السعودية عقب رحيل الرئيس السادات، وقضيت بها اكثر من 5 سنوات فما ذكرياتك عن تلك الفترة؟ - بعد انفجار «الكعكة الحجرية» عام 1972، وازدياد هياج السادات ضد معارضيه، واغلاقه المجلات والمنابر الثقافية، ومطاردة أجهزة الأمن للتيارات الفاعلة، خاصة بعد انتفاضة يناير 1977، وتوقيع كامب ديفيد خرج المثقفون الى المنافي الاختيارية، خرجوا إلى العراق و فرنسا واوروبا ودول الخليج.. بعد معاهدة «كامب ديفيد» فقدت القدرة على الكتابة، ولم أدر ماذا أقول لمدة ثلاث سنوات، وكان الحل هو ترك مصر التي كانت الأحداث فيها غير محتملة. ولذلك وفي يونيو عام 1982أي بعد 8 شهور من اغتيال السادات سافرت الى السعودية، التي سبقني إليها صديقي الشاعر محمد صالح، والشاعر بدر توفيق، والقاص سعيد الكفراوي، والاعلامي كمال ممدوح حمدي، وآخرون، ذهبت إلى «جدة» للعمل مخرجًا فنيًا في جريدة «المدينة»، وهناك تعرّفت إلى الكاتب الصحفي الجميل علي الغامدي، وصادق دياب، والشاعر عبدالله الخشرمي، وتعرّفت على الشاعر والصحفي بمجلة «اليمامة» محمد الحربي وسعيد السريحي الناقد والصحفي بجريدة «عكاظ»، وتعرّفت على القاص عبده خال، والشاعر علي الدميني وعندما تعاونت مع «جريدة البلاد» تعرّفت الى الكاتب الكبير، ورئيس نادي جدة الأدبي وقتها عبدالفتاح أبو مدين، كما تعرّفت على الكاتب والمثقف الرفيع عبدالله مناع، وقرأت ديوان محمد الثبيتي الأول «تضاريس» وهنّأته.. وبتعرّفى على «أبو مدين» كنت اذهب لحضور امسيات وفعاليات نادى جدة، وهناك تعرّفت على آخرين منهم الدكتور عبدالله الغذامي، بل وحضرت لقاءات مع ضيوف من خارج المملكة مثل سمير سرحان، وعبدالوهاب البياتي، كما حضرت بعض ندوات «إثنينية» خوجه. ازداد اقترابي من المشهد الثقافي والادبي بالمملكة مع انتقالي للعمل مخرجًا فنيًا لمجلة «المنهل»، أقدم المجلات في المملكة، والتي أنشأها عبدالقدوس الأنصاري أحد رواد النهضة الأدبية في المملكة. كنت بالطبع أتابع هذا التسلل الحثيث نحو الحداثة في الأدب. هل كنت تنشر قصائدك في صحف المملكة..؟ خلال الفترة التي قضيتها في المملكة (من 82 إلى 87) نشرتُ قصائد كثيرة فى جريدة «المدينة» وملحقها الأدبي «الأربعاء» الذي ترأسه عبدالله الجفري، وفي مجلات «اليمامة» و»اقرأ» و»القافلة»، كما بدأت النشر في جريدة «الحياة» اللندنية، من مكتب جدة، الذى كان يتولاه الصديق عبدالله الجفري. وازداد اقترابي من المشهد الثقافي والادبي بالمملكة مع انتقالى للعمل مخرجًا فنيًا لمجلة «المنهل»، أقدم المجلات فى المملكة، والتي أنشأها عبدالقدوس الأنصاري احد رواد النهضة الأدبية في المملكة وكنت بالطبع اتابع التسلل الحثيث نحو الحداثة في الأدب. عندما كتبت قصيدة النثر هل تأثرت بأحدٍ ما؟ أحببت الكثير من الشعراء ولم أقلد أحدًا منهم بل ذهبت مثلهم إلى المنبع. وأعجبت بقصائد الماغوط.. لقد تقلص عدد البحور التي نكتب عليها قصيدة التفعيلة إلى 2 أو 3 ومقلوباتها، وهذا جعلنا أمام ميلودى بسيط وأضاع كنزًا من الموسيقى، ربما كان اللجوء الى قصيدة النثر محاولة لاستعادة هذه الموسيقى التي هي قرينة باللغة العربية، كما قال العقاد بحق، إلا أني عند الكتابة لا أقرر ماذا سأكتب او كيف سأكتب، قصيدة نثر أو تفعيلة، بل أقتنص الصوت الذي يرافق المعنى الذي يفور داخلى، وأمضي مع الموسيقى التي تولدها الأصوات المبهمة وهى تحاول أن تتكلم!!. و لذلك ربما تضمّنت بعض دواويني عددًا من قصائد النثر ولم يلحظ أحد في ديوان (وردة القيظ) به ثلاث قصائد نثر. أستخدم في قصائدي البنية الحكائية البسيطة، مستخدمًا الكناية والتورية جاعلًا للنص ظاهرًا وباطنًا، فيؤدى النص معنى للعامة ويؤدي معنى للخاصة في نفس الوقت، يدعو إلى التأمل.. لقد علّمتني السينما تكوين المشهد، وعلّمني المسرح الإيقاع، وعلمتني الرواية الحكي، وعلّمني الشطح الدهشة، وعلّمتني الطبيعة الصامتة (في الفن التشكيلي) الاقتصاد فتكون القصيدة جزءًا من المشهد المسرحي، والمقطع كادر سينمائي، واكتفت اللغة بتصوير الحدث البصري بالعين المندهشة، في محاولة للوصول إلى الحدس البصري. كيف يرى الشاعر ابو سعده ثورة 25يناير؟ - الثورة لم تشتعل في 25يناير كما نظن، الثورة بدأت من عام 1972، كانت مثل الجمر المتقد تحت الرماد. الثورة كانت مستمرة منذ السبعينيات، منذ الحركة الطلابية، وكذلك الاحتجاجات والتظاهرات التي شهدناها. وإنما في الفترة الأخيرة أصبح الضغط الذي تمارسه السلطة أشد مما يحتمله أحد، بالإضافة إلى دخول الشباب باعتبارهم عنصرًا جديدًا، وكان ذلك هو المفاجئ، فهذا الشباب ضحّى بنفسه من أجل قضيته العادلة، وتلك كانت المفاجأة الحقيقية، فالمجد لهذا الجيل، لشهدائه ولمصابيه. ولابد أن نتذكّر أنه قبل الثورة وفي عام 2008 تحديدًا قيل لأول مرة (يسقط حسني مبارك) في مدينة المحلة الكبرى أثناء احتجاجات 6 إبرايل، والآن أصبح الهتاف أشد جرأة ليرتفع مناديًا: «يسقط حكم العسكر»، فحاجز الخوف قد تكسر، وأصبح الرهان بالدم والروح من أجل تحقيق المطالب وهذا ما حاولت قوله في ديواني الاخير» أنا صرت غيري».