تعيش الأسرة السعودية هذه الأيام ( الموسمية )حالة من المعاناة مع البحث عن الخادمة المنزلية، وقد اشتعلت أسعار الخادمات مع الموسم الرمضاني إلى الحد الذي بلغت معه الأجور ما بين 20 ريالا للساعة الواحدة أو 3500 ريال شهريا، كما ارتفعت أسعار الخادمة المنزلية في بعض المناطق لتصل إلى أكثر من 5000 ريال شهريا، وهذا طبعا بلغة سوق سوداء وغير نظامية، الأمر الذي أوعز لمرتزقة هذا السوق الولوج بكل قوة إلى ميدان الخادمات، مستغلين تنصل الرقابة وشح المصادر وفوضى الاستقدام للعمالة المنزلية قبيل استقبال السوق المحلي لشركات الاستقدام الجديدة، .. كما استغل تجار هذه السلعة هذه الفوضى ليفرضوا أجندة احتيال غير مسبوقة، وذلك من خلال تحفيز الخادمات للهروب من كفلائهن، ويتم ايواؤهن والعمل على توفير فرص وظيفية لهن بأجر أكبر وشروط مريحة أكبر حتى لو كان ذلك بصفة مؤقتة، .. تأجير الخادمات هو الحدث الذي استوجب علينا الحديث حوله بغير قليل من التفاصيل .. فإلى محاور هذه القضية : عقوبات صارمة المواطنة نورة الغامدي، تطالب الأجهزة المعنية في وزارة الداخلية إقرار عقوبة صارمة لكل من يتاجر في الخادمة المؤقتة، والسجن لمدة لا تقل عن سنة للخادمات الهاربات، وذلك كي يتم القضاء على هذه الظاهرة على حد قولها، تقول نورة :» تزامنا مع شهر رمضان المبارك تتزايد عملية هروب الخادمات اتساعا بغية الحصول على مرتبات عالية لا يوفرها لها كفيلها، إذ يتحول راتبها الشهري من 700 ريال إلى أكثر من خمسة آلاف ريال، كما أن أسعار الخادمات في السوق السوداء تختلف من مدينة إلى مدينة، فعلى سبيل المثال في العام الماضي وصلت أسعار الخادمة المؤقتة في مدينة الجبيل إلى خمسة آلاف ريال، وفي الدمام وصل سعرها إلى ثلاثة آلاف وخمسمائة ريال، وفي مدينة الرياض لا تقل عن ألفين وخمسمائة ريال، أما هذا العام فقد اشتعلت الأسعار بسبب توقف الاستقدام من كينيا بالإضافة للجنسية الفلبينية والأندونيسية»، وتضيف الغامدي:» ولم يسلم زوار المملكة القادمين من دول الخليج من هروب الخادمات، وسبب ذلك يعود إلى أن المملكة أصبحت تربة خصبة لاستقطاب الخادمات الهاربات لأسباب عدة، أولها ارتفاع أجور الخادمة المؤقتة، وثانيها عدم وجود ضوابط قانونية وجزائية صارمة للتصدي لهذه الظاهرة، والاكتفاء بعقوبة التسفير مع التوقيف لمدة بسيطة «، ومن هذا المنطلق تناشد نورة سمو وزير الداخلية وضع نظام يحمي المواطنين من استغلال تجار الخادمات في السوق السوداء والمتاجرين بهن، كما طالبت بتطبيق أقصى عقوبة على كل من يساهم في هذا المجال غير النظامي والناظر في تعامل وزارة العمل تجاه أزمة الخادمات الأندونيسيات والفلبينيات يشعر أنه لا يمكن أن يعمل في المملكة سوى هاتين الجنسيتين، مع العلم أنه يوجد العديد من الجنسيات يعملن مثل تلك الموقوفة وأفضل « عصابات عصابات منظمة تتحكم في سوق الخدم !! ..هذا ما أكده سيف الدوسري في تحليله حول ما يجري خلف الكواليس، ..ويشرح الدوسري منظوره للقضية بقوله:» حالي مثل حال الكثير من المواطنين الذين انشغلوا بأعمالهم، ويحتاجون فعلا لمن يساعدهم في أعمال المنزل، ولكن الاستقدام متوقف من بعض الدول، ومدة انتظار قدوم الخادمة بالنسبة للدول المسموح منها لا تقل عن أربعة أشهر، والأزمة تتفاقم في مثل هذه الأيام، وربما هذا العام هو الأكثر ضغطاً وطلباً على الخادمات المؤجرات،ويعود هذا الضغط لرغبة الكثير من الناس الاستعانة بالخدم في شهر رمضان بدون عملية استقدام، لأن الاستقدام حالياً متوقف عن بعض الدول، ولم يتبق من مصادر الخادمات إلا سريلانكا وأثيوبيا فقط، وفي نفس الوقت مبالغ فيه من ناحية التكلفة، فبعدما كان استقدام الخادمة السريلانكية بحدود ستة آلاف ريال، أصبح الآن ما يقارب 18 ألف ريال .. مع انتظار حضور الخادمة مدة تتراوح ما بين أربعة إلى ستة أشهر وربما تزيد!»، ويضيف سيف متسائلا :»من يضمن لي عدم إصابة الخادمة المؤقتة بمرض خطير أو معدٍ؟، وإلى من أتقدم باعتراضي في حال حدوث أي مشكلة ؟!»، وعن المتسبب في حدوث هذه الأزمة يقول الدوسري:» في رأيي أن وزارة العمل هي السبب الرئيس في تفاقم أزمة الخادمات .. وإعطاء الفرصة للمتاجرين بهن، إلى أن تشكلت في المملكة خلايا تقتحم منازلنا بنعومة عن طريق الخادمات الهاربات المؤجرات وتسرق معلوماتنا قبل ثرواتنا، والناظر في تعامل وزارة العمل تجاه أزمة الخادمات الأندونيسيات والفلبينيات يشعر أنه لا يمكن أن يعمل في المملكة سوى هاتين الجنسيتين، مع العلم أنه يوجد العديد من الجنسيات يعملن مثل تلك الموقوفة وأفضل « هروب أم محمد معلمة،ولديها تجربتا هروب للخادمات، وكل واحدة ولها قصة، .. تروي لنا إحداها أم محمد فتقول :» بعدما استهلكت جميع الإجازات المتاحة لي بعد سفر خادمتي، اضطررت لشراء خادمة من الجنسية الأندونيسية بالتنازل مقابل ثلاثين ألف ريال، وذلك من إحدى النساء المتاجرات بالعمالة، ولم تكمل الشهر حتى هربت الخادمة، ولم أر لها أي أثر منذ ذلك الحين»، وتضيف أم محمد :» كوني موظفة أعمل في الفترة الصباحية، فقد ساقتني حاجتي لاستقدام عاملة فلبينية من إحدى الدول الخليجية باسم أحد أقاربي .. وذلك بعد إصرار مني حتى لو لفترة بسيطة، وفعلاً استجاب قريبي لطلبي تعاطفاً مع حالتي، وبالفعل وصلت الخادمة إلى منزلي بعد أسبوع من استقدامي لها .. خلاف ما نعانيه من الاستقدام في المملكة والذي يطول عن الثمانية أشهر، ولكن سرعان ما انتقلت العدوى، فهربت خادمتي بعد جلوسها مع بنات جنسيتها في إحدى المناسبات، وبعد معرفتها أن راتب الخادمة الهاربة يصل إلى خمسة آلاف في شهر رمضان،ومازلت أبحث وأعاني مع إغلاق الاستقدام منذ فترة طويلة « تخطيط وسرقة « حصلت على خادمة مؤقتة،وبعد جهد .. وفي النهاية سرقت مني الخادمة اثنين وعشرين ألف ريال « ، .. هذا ما بدأ به عبدالعزيز الحمد حديثه حول محور الموضوع، الحمد الذي دعته الحاجة إلى إدخال إحدى الخادمات المؤقتات إلى منزله بلا عقد ولا ضمانات .. يقول :» من المعروف أن عمل المنزل يزيد في شهر رمضان،لذلك قررت أن أستأجر خادمة تساعد زوجتي في عمل البيت،وبعدما رأيت جميع أبواب الاستقدام المناسبة مغلقة أمامي، وللأسف تبين لنا أن الخادمة المستأجرة الجديدة لا تفقه في عمل المنزل شيئاً، بل وجدنا حولها العديد من الملاحظات،ولكن الحاجة في شهر رمضان أجبرتنا على الصبر، وقبل انقضاء المدة المتفق عليها اختفى من خزانتي مبلغ نقدي من المال بحدود اثنين وعشرين ألف ريال، كنت قد أعددته لشراء عقد خادمة بالتنازل، وبعد اختفاء المبلغ توجهت جميع الأنظار إليها، وبعد التضييق عليها اعترفت بأنها سرقت المبلغ وسلمته لأحد أبناء جلدتها وقت خروجها لرمي القمامة، حينها أحسست بحجم المشكلة التي وقعت فيها لأنني لا أستطيع إبلاغ الشرطة بسبب إيوائي عاملة مخالفة لنظام الإقامة !!» وباء كبدي سلطان القحطاني، صاحب تجربة مع سماسرة الخادمات, يقول :» حماني الله تعالى من كارثة كادت تصيبني وعائلتي بمرض معد والسبب هو الخادمة، وتعود القصة عندما اشتريت خادمة بالتنازل في شهر رمضان بمقابل 26 ألف ريال، ولكن لاحظت عليها بعض الأعراض فتوجهت بها للمستشفى بغرض فحصها، وبعد الفحص تبين أنها تحمل فايروس الوباء الكبدي المعدي،فاتصلت بالشخص الذي اشتريت منه الخادمة وأبلغته بما حدث .. فأنكر معرفته بذلك، وحاول المراوغة والمماطلة في الرد،وبعد إصرار مني وافق على استردادها بمقابل خمسة آلاف ريال إيجار الخادمة في شهر رمضان» تجار الشنطة في نفس السياق حمل علي العرفح صاحب مؤسسة استقدام من سماهم «تجار الشنطة» مسئولية تأخير قدوم الخادمات فقال :» لقد تخلت عنا بعض المكاتب التي نتعاون معنا للاستقدام في مواطن الخدم، والسبب يعود إلى تجار الشنطة، وهم السعوديون الذين يجمعون أعدادا من تأشيرات الخادمات ويذهبون بها إلى مكاتب الاستقدام في بلد الخادمة مباشرة وبدون المرور على مكاتب الاستقدام السعودية «، ويكمل العرفج حديثه فيقول :» هؤلاء المرتزقة تجاوزوا حدودهم وتعدوا على أرزاقنا، فعندما أدفع مبلغاً من المال للمكتب السريلانكي مثلاً .. اكتشف أن هناك من يدفع له ثلاثة أضعاف ما دفعته ويقدم للمكتب أفضل العروض، وهذا ما سبب التأخير لدى بعض الخادمات، وما يجعلنا في حرج أمام عملائنا، وهذه منافسة بين أبناء البلد، مع العلم أننا نضمن الخادمات لمدة ثلاثة أشهر، ونلتزم بذلك عكس تجار الشنطة الذين يستقدمون الخادمات لبلدنا بدون ضمانات «، وأردف العرفج قائلاً :» لقد نتج عن التنافس بين مكاتب الاستقدام في المملكة والأفراد السعوديين استقدام خادمات رديئات في العمل، وارتفاع أسعار الاستقدام .. ما انعكس على أسعار الخادمات المؤقتات المتواجدات داخل المملكة،فأصبحت الخادمة المتواجدة داخل المملكة على علم بالأزمة وما آلت إليه الظروف، فأخذت تساوم مكفوليها على زيادة المرتب، وفي حال حدوث خلاف أو ما شابه يتم هروبها والتحاقها بالسوق السوداء للخدم»، وعن انفراج أزمة الاستقدام من الدول المتوقفة يقول العرفج :» الإعلام الأندونيسي قوي جداً، وفي نفس الوقت يثق الشعب بالإعلام، وهذا ما فاقم المشكلة وجعلها تأخذ أبعادا كبيرة، أما بالنسبة للجنسية الفلبينية فموقفها موقف المتفرج، فهي تنتظر ماذا ستنتهي المفاوضات السعودية الأندونيسية لكي تعود بضمانات مناسبة لها ومماثلة للجنسية الأندونيسية» من كينيا محمد تميم الفاضلي صاحب مكتب استقدام يعرض لنا أسعار الخادمات لديه في الوقت الحالي فيقول :» بالنسبة للخادمة الأندونيسية، فسعر نقل الملكية يتراوح ما بين 25 إلى 30 ألف ريال، أما الأثيوبية فيتراوح ما بين 13 إلى 15 الف ريال، والسريلانكية ما بين 18 إلى 20 ألف ريال، أما بالنسبة للاستقدام .. فالأثيوبية بتسعة آلاف ريال مع التأشيرة، والسريلانكية ب 18 ألفا مع التأشيرة، أما بالنسبة للرواتب .. فالأثيوبية تتقاضى 700 ريال،والسيرلانكية تتقاضى 750 ريالا، والكينية 800 ريال، ولكن الأخيرة تم وقف الاستقدام منها مع العلم أن أغلب الكينيات يملكن شهادات خبرة ويتحدثن الإنجليزية «