لعله من السابق لأوانه الحُكم على القرار الذي صدر الأسبوع الماضي بخصوص الرهن العقاري ولكن الموضوع كبير، ويحتاج إلى نقاشٍ قد يُبنى عليه شيءٌ من القرارات التي ستنظم عملية الرهن العقاري، والتي من شأنها كما يعتقد الخبراء أن تخفّض تكلفة الإقراض الموجّه للقطاع العقاري في المملكة وتزيد من حجمه مقارنة مع القروض الاستهلاكية «الشخصية» التي تجاوزت المائتي بليون ريال بنهاية العام الماضي، حيث تقدّر «ساما» حجم القروض العقارية بحوالي 13% فقط من الحجم الإجمالي للقروض، وهذه النسبة منخفضة جدًا مقارنة مع دول مثل أمريكا وأستراليا، ولذلك جاء قرار تنظيم عملية الرهن العقاري لزيادة حجم السيولة «القروض» الموجّهة لهذا القطاع الحيوي والمهم. والسؤال هنا: ما هي تأثيرات الرهن العقاري على السوق العقارية في المملكة؟ والجواب بكل بساطة أنه سيوفّر المزيد من السيولة «قليلة التكلفة» لملاك العقار مع توفير الأمان للمموّلين العقاريين برهن الاصول العقارية مقابل القروض التي تصدرها، ولكن اين ستستثمر هذه القروض؟ هذه القروض قد تزيد المشكلة إن استخدمت في تمويل شراء أراضٍ أو عقارات أخرى مما سيزيد السيولة الموجّهة للأراضي والعقارات وليست لزيادة المعروض من الوحدات السكنية التي تلبّي النمو المتزايد على المساكن فهذه القروض قد تزيد المشكلة إن استخدمت في تمويل شراء أراضٍ أو عقاراتٍ أخرى مما سيزيد السيولة الموجّهة للأراضي والعقارات وليست لزيادة المعروض من الوحدات السكنية التي تلبّي النمو المتزايد على المساكن، والمشكلة هذه سوف تزيد من «تضخّم» السعر السوقي للأراضي «المتضخّمة أساسًا» والتي يحتكرها ويتداولها «سماسرة» لا يعرفون أي شيء عن التطوير العقاري سوى تحديد الأراضي وتقسيمها واستخراج الصكوك ومن ثم اكتنازها، وربما دون دفع زكاتها، بالرغم من انها تقتنى لأجل تحقيق «مكسب» رأسمالي، والمشكلة الأخرى التي قد تنتج من ذلك أن رهن اراضٍ او حتى مبانٍ بأسعار مرتفعة قد يعرّض أموال المودعين لمخاطر تكدّس الصكوك أو حتى مفاتيح المنازل التي سيتركها المقترضون في البنوك حال نزول الأسعار لأي سبب كان، كما حدث في الولاياتالمتحدة نهاية عام 2008 خاصة أن الجميع «تقريبًا» يقرّون بأن أسعار الأراضي تتداول فوق سعرها الذي تستحقه، وعندها مَن سيكون الضامن لحقوق المودعين؟، هل ستترك للإفلاس أم يتمّ ضمانها عبر الصناديق والمؤسسات الحكومية، وما تأثيرات ذلك خاصة إن علمنا أن حجم القطاع قد يتجاوز التريليون ريال، لذلك كان العديد من المختصين في الشأن العقاري يترقبون صدور قرار ينظم عملية الاحتفاظ بالأراضي التي تقع في النطاق العمراني للمدن، وذلك بفرض الرسوم على السماسرة ومنح التسهيلات للمطوّرين قبل صدور قرار الرهن العقاري. وختامًا نقول: القروض العقارية يجب أن تكون «داعمة» للبناء ومحفزة للحركة العمرانية التي ستوفر قنوات استثمارٍ «آمنة» للأموال المكدّسة في البنوك لما فيه خير الوطن ورفاهية للمواطن لا وسيلة لزيادة الاحتكار والتضييق على الناس في معيشتهم.