منذ مدة نأيت بنفسي عن الكتابة في مجالات السياسة أو الحوم حولها لأنني مع الوقت لاحظت أن السياسة لا قرار لها ولا صاحب يمكنه الاعتماد على مجريات أجوائها ، وبذلك أحببت أن أحتفظ ببقية من عقل تسكن جمجمتي واريا بقلمي أن يخوض في تلك المخاضة التي اختلط فيها الطين والحمأ والتراب الملوث .. لأن معطيات السياسة لا تحتمل الصدق دائماً ، لكن مع تزايد الأحداث من حولنا من تونس إلى مصر ، والأردن ، ومن السودان إلى الصومال ، ومن العراق إلى البحرين ، وما تشكله تلك اللوحات العابرة أمام آلات التصوير التلفزيوني من تناقضات غاب الصدق عن أكثرها وأخذ أولئك المبتعدون عن أجوائنا بزعمهم أن ما يحدث في أي بلد عربي هو شأن داخلي، فإذا هذه المقولة تطرح خارج السياق بمجرد حدوث شرارة الثورات والمسيرات والمطالبات التي كانت مكبوتة ومخبأه داخل العقول والصدور المنتفخة حقداً بفعل تراكمات القمع والإقصاء في بعض البلاد وبفعل الفقر وتدني أسباب المعيشة في بلدان أخرى فإذا بتلك الدول التي تعتبر نفسها كبرى تهب لتصب الوقود على النار ليزيدها اشتعالاً ، والنفخ في الرماد كلما أخذ يخبو باتجاه نحو المصالحة والتفاهم وتحقيق المطالب بين الشعوب والحكام اعتماداً على الروابط الشرعية ، والعلاقات الإنسانية التي تربط أبناء الشعوب ببعضها البعض وروابط الدولة المدنية التي تؤمل أن تتحقق معطياتها في أقرب وقت لتكون ظاهرة مرضية لجميع الأطراف ، أخذ أولئك المبتعدون عن أجوائنا بزعمهم أن ما يحدث في أي بلد عربي هو شأن داخلي، فإذا هذه المقولة تطرح خارج السياق بمجرد حدوث شرارة الثورات والمسيرات والمطالبات التي كانت مكبوتة ومخبأه داخل العقول والصدور المنتفخة حقداً بفعل تراكمات القمع والإقصاء في بعض البلاد وبفعل الفقر وتدني أسباب المعيشة في بلدان أخرى فإذا بتلك الدول التي تعتبر نفسها كبرى تهب لتصب الوقود على النار ليزيدها اشتعالاًإلا أن أولئك الذين لا يريدون لهذه البقعة من العالم التي ظلت ناعمة البال يعمها الهدوء والرخاء أن تستقر فلا بد من الحرث وليّ أعناق الحقائق وإخضاعها لمخططات يقصد بها انشغال الأمة العربية وباستمرار حتى تتعطل خطوط التنمية وتتوقف قطارات الأعمار وينشغل الناس حكاماً ومحكومين في مكافحة جرثومة الشر وتنصرف الأنظار عما يحدث في فلسطين بعبث إسرائيل في البقية الباقية من تلك الأراضي التي شرد رجالها ويتم أطفالها ورملت نساؤها بفعل فاعل غير مستتر لأن قوى الشر تحوطه وترعاه ولذلك فيجب أن تخرس تلك الأبواق الاستعارية التي أطلت علينا من نافذة جهنم لتزيد الحريق اشتعالاً مظهرة لنا تعاطفها مع الشعوب والتي أوقدت فيها شعلة الثورة بصورة مفاجئة وكأن هناك من يخطط لها منذ زمن بعيد لأن ما حدث لم يكن وليد الساعة وإنما مخطط غزلت خيوطه منذ أن قسمت البلدان العربية والإسلامية بين الغزاة المنتصرين على بعضهم فإذا أراضيها خاضعة لذلك التقسيم الذي قد يكون زال اسماً لكنه بقي مترسخاً في عقول الكثير من أبناء هذه البلدان ممن أخذوا يمارسون النهب والسلب والقرصنة على مدى عقود مضت من الزمن فالتقت رغباتهم وممارساتهم مع رغبات الغزاة الذين أخذوا يحركون مجريات الحوادث بالريموت كنترول والفيس بوك والإنترنت والقنوات الفضائية التي لم تخف حقد من يديرونها ويشرفون عليها ويمولونها لذلك فإن على العرب شعوباً وحكاماً ألا يصغوا لتلك النفثات الحاسدة وأن يعودوا إلى التصالح مع أنفسهم ومع بعضهم البعض وإلى دفع عجلة الإصلاح والتنمية والانتباه لما يجري حول الحرم القدسي من هدم وتدمير وإنشاء مساكن للغزاة ملاصقة لحائط الحرم المقدسي حيث لم تخف إسرائيل ممارساتها إلى درجة أن رفعت عملها على قبة الصخرة في فترة هذا الانشغال الذي أحرق الكثير من المنجزات وقضى على البقية الباقية من الثقة والعلاقات الطيبة ، وإنني واثق أن أولئك الشباب ومن انضم إليهم وساندهم يحملون قلوباً نقية طاهرة ومطالب عادلة وأنهم يقصدون الخير لأهلهم ولأوطانهم لولا أن بينهم من اندس ليجعل من تلك الشرارة حريقاً لا يخبو أبداً . أيها العرب .. أيها المسلمون انتبهوا فإن الثورات لا تولّد الإصلاح ، وإنما الإصلاح يحدث بالتعاون والتكاتف والعمل الجاد الهادف إلى الخير . [email protected]