منذ روايته الأولى «سقف الكفاية» التي دخل بها إلى المشهد الروائي المحلي دخولاً مدوياً نظراً لصغر سنه ومستواها الفني المتقدم، وبما تلاها لاحقاً من روايات كتبها في صمت وهدوء بعيداً عن صخب الإعلام وضجيجه، والسعي لتلميع الذات واصطناع النجومية الزائفة بشتى السبل الممكنة، نجح محمد حسن علوان أن يصنع له اسماً بارزاً في المشهد الروائي المحلي والعربي في غضون سنوات قليلة لم تتعد السنوات العشر بدءاً من تاريخ نشر روايته الأولى لأول مرة في 2002 ووصولا إلى روايته الأخيرة «القندس» التي نشرت في أواخر 2011. شخصياً، سبق لي أن قرأت رواياته الثلاث الأولى. وهو من الروائيين المحليين القلائل الذين لا أتردد في اقتناء أي كتاب جديد لهم، لأنني على ثقة أنني في الأغلب لن أندم على ذلك. وحتى الآن لم يخيب علوان ظني. صحيح أن هناك تفاوتاً في مستوى رواياته الأربع التي نشرها حتى الآن إلا أنها جميعاً تستحق القراءة، بل والإشادة أيضاً. أستطيع القول إن علوان هو من الروائيين الذين نستطيع المراهنة عليهم ليكون واحداً من أبرز الأصوات الروائية العربية مستقبلا خاصة أنه لا يزال في مقتبل عمره. رواية القندس أسرتني منذ فصلها الأول الذي تحدث فيه السارد بشكل آسر عن علاقته وتواصله مع حيوان القندس الذي يجمع ما بين الألفة والتوحش وظرافة المظهر.رواية القندس أسرتني منذ فصلها الأول الذي تحدث فيه السارد بشكل آسر عن علاقته وتواصله مع حيوان القندس الذي يجمع ما بين الألفة والتوحش وظرافة المظهر، وأعجبني توجه السارد منذ البدء لعقد مقارنة قد تبدو غريبة لأول وهلة ما بينه وبين ذلك الحيوان حاد الطباع، ومن ثم قيامه بتوسيع دائرة تلك المقارنة لتشمل عائلته بأكملها، فيما يشبه خلق المعادل الروائي غير المألوف. أحببت الرواية كثيراً في فصولها الأولى، أو لنقل في النصف الأول منها، ولكن الملل بدأ يتسرب إلي مع تقدمي في قراءة الكتاب وصولا إلى الفصول الأخيرة للكتاب الذي أعتقد أنه كان يمكن أن يكون أقصر مما هو عليه الآن دون أن يخل ذلك بالبنية السردية للرواية، أو إبراز ملامح شخصيات الرواية والعلاقات والانقطاعات التي تربط ما بينها. لغة علوان جميلة ومتألقة كما عودنا في رواياته السابقة، والحوارات التي تتخلل فصول الرواية الأربعين أضفت الكثير من الحيوية والواقعية على الرواية إجمالا، وإن كان الكاتب قد وقع في خطأ الخلط بين اللغتين الفصحى والعامية في بعض تلك الحوارات، إذ كان الأولى أن تحتفظ بمستوى لغوي واحد وثابت كما أرى.