في كتابه الجديد «الرؤساء والسينما».. قدم الناقد السينمائي هشام لاشين تحليلا رائعا لصورة الرؤساء من جمال عبدالناصر وحتى الرئيس المحكوم عليه بالمؤبد حسني مبارك على الشاشة. وقال لاشين: «أحيانًا تكذب وأحيانًا تنافق وتتجمل، لكنها لا تقول أبدًا الحقيقة.. هكذا بدت صورة الرئيس المصري بدءًا من ثورة 1952 وحتى الأيام الأخيرة في عهد المخلوع على شاشة السينما المصرية». وأضاف: «في أعقاب ثورة يوليو 52 مباشرة اتجهت السينما المصرية بشكل محموم لتكريس إنجازات الثورة وأهمية العمل والصناعة والعدالة الاجتماعية كشعار ثوري مهم خلال هذه الحقبة، وكانت صورة الرئيس في خلفية هذا المشهد السينمائي على نحو غير مباشر أقرب لجيفارا الذي أعاد ضخ الحياة في شرايين الملايين عبر نضاله وشعاراته التي بثت الوعي ليس على مستوى كوبا أو الأرجنتين وحسب، وإنما على مستوى أمريكا اللاتينية والعالم.. كانت مقولات ومواقف الرئيس عبدالناصر مصدر إلهام لأفلام تناقش في خلفيتها بناء السد العالي أو سوء الحياة في عهد ما سُمِّي بالإقطاع ودور الثورة في ردِّ الاعتبار للفقراء والبسطاء، كذلك أهمية العمل والكفاح بشرف في أعمال سينمائية مختلفة، وإن لم تتطرق غالبية هذه الأفلام للحديث عن ناصر مباشرة، باستثناء غناء هدى سلطان لعبد الناصر في فيلم «بور سعيد» حيث كان الرئيس «الغائب الحاضر» الذي يتحدَّث عنه الفيلم ولا نراه.. كما قدَّمت شخصيته بشكل رمزي عبر صوره المعلقة كرمز للمرحلة الناصرية، ومشهد التنحي في فيلم «العصفور» ليوسف شاهين حتى جاء الحديث عن الرئيس وسيرته الذاتية بعد وفاة الرجل، وهو نفس ما حدث بعد وفاة الرئيس التالي أنور السادات. وفي الغالب سيحدث الأيام القادمة بعد خلع مبارك، وربما تنتظر السينما لما بعد وفاته لو ظلت ذيول مبارك تحكم كما يحدث الآن.! ناصر وصور الملوك في رؤيته لعلاقة ناصر والسينما.. كتب هشام لاشين: «أثناء حكم الرئيس ناصر قامت الرقابة في السينما المصرية بتظليل صور الملوك والرؤساء السابقين بالظلال الأسود، وظل مقص الرقيب يطارد الملك فاروق والرئيس محمد نجيب خلال العهد الناصري.. وبعد وفاة الرئيس ناصر بفترة طويلة بدأ الحديث عنه بتردد في كواليس أعمال سينمائية ظهرت فيها جنازة الرئيس أو موقفه من الإقطاع وأثَّر ذلك على المجتمع سلبًا وإيجابًا.. حتى جاء الحديث مباشرة عبر فيلمين حملا اسمه في العناوين وتحدثا عن سيرته الذاتية. اغتيال السادات وبعد اغتيال الرئيس السادات بفترة رفضت الرقابة أفلامًا من نوعية «اغتيال السادات»، والفيلم عن كتاب ل «عادل حمودة» وإخراج منير راضي، وهو الفيلم الذي من المرجح أن يظهر للنور خلال الفترة القادمة بعد انكشاف الغمة.. في حين ظهرت شخصية الرئيس السادات في عملين لنادية الجندي: الأول يؤدي دوره أحمد عبدالعزيز في فيلم «امرأة هزَّت عرش مصر» والثاني «الجاسوسة حكمت فهمي» الذي يتناول قصة حياة الراقصة حكمت التي جنّدت للتعامل مع الألمان أثناء الحرب العالمية الثانية لخدمة مصر وعندما ينكشف أمرها ينقذها السادات الذي كان مازال ضابطًا صغيرًا. المخلوع والسينما وجاء عهد مبارك، ونظرًا لطول المدة التي حكم فيها مصر، فقد حاولت بعض الأفلام الاقتراب بقدر من التملق أحيانًا، وبقدر آخر من التردد أحيانًا أخرى من شخصية الرئيس، حتى وصلت لحدِّ النفاق الواضح والتبرير الشيطاني لسوء فترة حكمه في فيلم «طباخ الرئيس» الذي يظهر فيه الرئيس باعتباره مغيبًا عن المشاكل الحقيقية للشعب بحكم الحاشية التي حوله، فبدا مثل الملاك الطاهر البريء المنزَّه عن الهوى.