تفاعلت الأسواق الخليجية مع المتغيّرات السلبية التي عصفت بالأسواق العلمية واستهلت تعاملات الأسبوع الأول من يونيو الجاري على تراجعات متفاوتة متأثرة ببيانات اقتصادية سلبية في الولاياتالمتحدةالأمريكية ومنطقة اليورو على رأسها بيانات الوظائف التي جاءت أقل بكثير من التوقعات. وقد اجتمعت مؤشرات الأسواق الإماراتية في المنطقة الحمراء بنهاية مايو الماضي بعد أن هبط مؤشر سوق دبي بنسبة بلغت 9.78 بالمائة وتبعه أبو ظبي بتراجع 2.51 بالمائة. وشهد المؤشر العام لسوق دبي المالي بنهاية تعاملات مايو تراجعًا حادًا بنسبة 9.78 بالمائة تعادل 159.46 نقطة ليغلق على مستوى 1471.49 نقطة وفق تقرير مباشر مقارنة بنحو 1630.95 نقطة بنهاية تعاملات أبريل الماضي. الناتج المحلي الإجمالي في اقتصاديات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية سيظل ضعيفًا العام الجاري والقادم بسبب السياسات المالية الصارمة. وفي مستهل الأسبوع جاء «سوق دبي المالي» كأكثر الأسواق الخليجية تراجعًا بنحو 2.4 بالمائة وصولًا إلى 1438 نقطة، مع تراجع شبه جماعي للأسهم المتداولة باستثناء أربع شركات فقط، مسجّلًا سهم «إعمار» تراجعًا بأكثر من 4 بالمائة عند 2.78 درهم، كما تراجعت أسهم «ارابتك» و»دبي الوطني» و»سوق دبي المالي» بنحو 3 بالمائة. وتزامن مع تراجع المؤشر العام خلال مايو تدنٍ ملحوظ لحركة التداولات على كل المستويات، وذلك مقارنة بشهر أبريل الماضي، حسبما ذكر تقرير «مباشر»، وبلغ إجمالي قيم التداولات خلال مايو حوالي 3.2 مليار درهم مقابل 6.75 مليار درهم خلال شهر أبريل بانخفاض 52.6 بالمائة، كما تراجعت كميات التداولات خلال شهر مايو بنسبة 49 بالمائة إلى 2.4 مليار سهم مقابل 4.7 مليار سهم في أبريل. وجاءت محصّلة أداء سوق أبو ظبي سلبية خلال مايو بتراجع نسبته 2.51 بالمائة ليفقد مؤشره العام 62.8 نقطة من رصيده، هبط بها بنهاية آخر جلسات مايو إلى مستوى 2441.03 نقطة وفق تقرير مباشر وكان إغلاقه بنهاية أبريل الماضي عند مستوى 2503.82 نقطة. وجاء التراجع الملحوظ لمؤشر سوق أبو ظبي خلال مايو بعد أن أغلق باللون الأحمر في 16 جلسة من إجمالي 23 جلسة تداول له خلال الشهر مقابل 7 جلسات فقط من الارتفاع. وسجّل سوق أبو ظبي أعلى خسائر له خلال مايو في جلسة الرابع والعشرين من الشهر والتي أغلق فيها المؤشر العام للسوق عند مستوى 2 464.68 نقطة متراجعًا بنسبة 0.44 بالمائة بخسائر بلغت 10.84 نقطة. أما أعلى المكاسب لمؤشر سوق أبو ظبي خلال شهر مايو فكانت بنهاية جلسة الحادي والعشرين من الشهر والتي أغلق فيها عند مستوى 2 468.49 نقطة بارتفاع نسبته 0.21 بالمائة بمكاسب بلغت 5.06 نقطة. وخلال جلسات الأسبوع سجّل السوق السعودي تراجعًا بنحو 300 نقطة و»سوق الكويت المالي» تراجعًا بأكثر من 1.6 بالمائة وصولًا إلى 6089 نقطة، كاسرًا مستوى ال 6100 نقطة لأول مرة منذ قرابة الشهرين، مسجّلًا أدنى مستوى منذ مطلع مارس 2012، وذلك مع تراجع شبه جماعي للأسهم المتداولة، مسجّلة الشركات الكبرى تراجعًا بنحو 2 بالمائة. وسجّلت «بورصة قطر» تراجعًا بنحو 1 بالمائة وصولًا إلى 8335 نقطة، كأدنى مستوى منذ أكتوبر 2011، مع تراجع جميع الأسهم باستثناء أربع شركات فقط، وسجّل سهم «صناعات قطر» تراجعًا بنحو 2 بالمائة حتى اللحظة عند 133.6 ريال. وبالنظر الى انعكاس القيم السوقية على الأداء الاقتصادي في القطاعات المختلفة، فقد أشار تقرير لوكالة «ستاندردز اند بورز» للتصنيف الائتماني عن أسعار النفط العالمية، الى أن التوقعات تظهر أن اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي المصدّرة للنفط بحال أفضل خلال الأعوام القادمة عن فترة الأزمة الاقتصادية في عام 2008/2009. وعزا التقرير ذلك الى توزيع النمو الجغرافي بين الأسواق الناشئة والمتقدّمة، حيث تفوّقت الأولى من حيث الأداء على الأخيرة، متوقعًا أن تستمر أسعار النفط في الاتجاه التصاعدي خلال 3 - 5 سنوات مقبلة. ويؤكد التقرير أن نمو الناتج المحلي الإجمالي في اقتصاديات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية سيظل ضعيفًا العام الجاري والقادم بسبب السياسات المالية الصارمة، وتباين التوقعات يظهر أن الصين والهند والبرازيل والسعودية تسيطر على نمو الطلب على النفط خلال العام الحالي والقادم، بينما سينكمش الطلب من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. ووفق وكالة الطاقة العالمية سيصل الطلب العالمي على النفط الى 90 مليون برميل يوميًا هذا العام أي بزيادة 1 بالمائة عن 2011، كما سينخفض الطلب من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بنحو 0.2 مليون برميل يوميًا، فيما سيستفيد اقتصاد الدول الخليج من قوة الطلب من الأسواق الناشئة. ويتوقع التقرير أن نمو الناتج المحلي الإجمالي سيعتدل خلال العام الجاري والمقبل بنسبة 5 بالمائة، ثم 4 بالمائة على التوالي، حيث ستنخفض نسبة الزيادة في الإنتاج عن عام 2011، عندما تحمّلت الدول الخليجية تعويض نقص إنتاج ليبيا. وتبدو اقتصاديات الدول الخليجية في مركز جيد للاستفادة من زيادة أسعار النفط المتوقعة خلال الأعوام الخمسة المقبلة، حيث تحتم حصتها السوقية في الأسواق النامية الأكثر طلبًا على إمدادات النفط مستقبلًا تعزيز مركز حساباتها الجارية القوي، ويعدّ ذلك نقطة قوة عندما يصبح الطلب على تمويل أسواق الدين العالمية أكثر تنافسية، إلا أنه لا ينبغي أن تؤدي هذه القوة إلى الرضا، حيث يوصي التقرير بأن تتغلب اقتصاديات الدول الخليجية على التحدّيات الديموغرافية القوية، عن طريق استمرار الجهود لتنويع هيكلها بعيدًا عن النفط.