في غضون عام واحد فقط تعاقب على تدريب منتخب جمهورية التشيك اربعة مدربين قبل ان يستقر الأمر وتهدأ العاصفة عند شواطئ المدرب الحالي مايكل بيليك الذي قاد بأمان سفينة بلاده صوب بر الأمان الاوربي رغم وجود العملاق الاسباني في مجموعته خلال التصفيات الامر الذي لم يترك لبيليك أملا سوى التمسك بقشة المركز الثاني والدعاء في مواجهة يسيرة في الملحق وهو ما تحقق فعلا فما اهدر التشيكي ولا مدربه فرصة العودة الى مسرح النهائيات بحثا عن مجد السلف أمثال نيهودا وبانينكا ممن حققوا اللقب الاوربي لبلادهم – تشيكوسلوفاكيا سابقا- للمرة الاولى والاخيرة قبل اكثر من خمسة وثلاثين عاما مضت. يأمل كثير من الجمهور التشيكي ان يحمل المنتخب الحالي بشكله وروحه المنتخب الذي خاض النهائيات الاوربية قبل ثمانية أعوام في البرتغال بقيادة المدرب العجوز كارل بروكنير. ويعول هؤلاء على ما تبقى من صفوف ذلك المنتخب والذين يُعدون حجر اساس التشكيلة الحالية وهم الحارس العملاق بيتر تشيك ولاعب الوسط توماس روزيسكي والمهاجم ميلان باروش الذي تُوج يومها هدافا بخمسة أهداف. روح المنتخب السابق وارد جدا لكن دون هامش أمل كبير في عروض خلابة مشابهة لتلك التي زينت حينها مباريات المنتخب التشيكي فالتشكيلة الحالية رغم ملامح الطول الفارع والاستقرار في التشكيلة والتجانس بين اللاعبين لكن "الخلطة" التشيكية بعيدة كل البعد عن منتخب يبعث القلق والتوجس والريبة في صفوف المنافسين. اكسبت القرعة المنتخب التشيكي فسحة من الزمن للدخول في أجواء البطولة فمجموعته السهلة نسبيا قد تكون فرصة ذهبية لأداء تصاعدي قبل الدخول في اجواء المنافسة الحقيقية ومواجهة منتخبات ثقيلة الوزن كالاسباني او الألماني او الايطالي في الدور الثاني حيث يكون المنتخب التشيكي قد اعتاد على الأجواء البولندية على افتراض صدق توقعات المراقبين التي ترشحه لتجاوز مجموعته باحراز المركز الثاني على اقل تقدير. الحارس تشيك سيكون بلا شك مصدر طاقة ايجابيا لبقية زملائه بعد أدائه المتميز الذي ضمن به لفريقه اللندني تشلسي الظفر للمرة الاولى في تاريخه بكأس دوري أبطال اوربا على حساب بايرن ميونيخ الألماني. ولا ينطبق الأمر بالنسبة لزميله المخضرم باروش فأعوامه الثلاثون قد لا تترك له فرصة في الحضور اساسيا طوال النهائيات مثلما كان قبل ثمانية اعوام وهنا قد يكون الرهان على تنوع مصادر تسجيل الأهداف وكأن الفلسفة التشيكية قد سبقت مفاهيم كرة القدم الحالية وأهدت العالم مفهوم المهاجم الحر وانهاء مسمى رأس الحرب الهجومية. ولعل ما يعزز مصداقية هذه الفرضية ان افضل هدافي المنتخب في التصفيات لم يكن مهاجما بل لم يكن لاعب وسط انما كان صخرة الدفاع ميشيل كادليتش صاحب الأهداف الخمسة. ليس بملء الارادة التشيكية فعلا الاعتماد على غير المهاجمين في التسجيل فالفراغ الذي تركه اعتزال عملاق الكرة يان كوللر لم ينجح أي مجتهد حتى الآن في سده بحضور متواصل كمهاجم اساسي يزين حضوره بتواصل تسجيل الاهداف مثلما كان يفعل سلفه. وليس مرجحا ان يخرج التشيكي عن النص فيُعيد عقارب الزمن الى الوراء ويهدي النهائيات نجما هدافا مثلما قدم في النسخة العاشرة في انجلترا حفنة لاعبين اقلهم كارل بوبورسكي واهمهم بافيل نيدفيد. اخطر سلاح يملكه المنتخب الحالي استغلاله الذي قد يصل الى درجة كاملة للضربات الثابتة وهنا قد ندعو القراء لحزم أربطة مقاعدهم خلال النهائيات كلما حصل التشيكي على ضربة ركنبة او ضربة حرة مباشرة قريبة من منطقة الجزاء حينها سيظهر المد البشري في منطقة جزاء الخصم والفرصة كبيرة جدا لهدف رأسي فالعمالقة فارعو الطول سيكونون بلا شك بانتظار فرصة الدخول في قائمة من حضر وسجل في النهائيات الاوربية. ومن المستبعد ان يلعب قائد الفريق روزيسكي دور الدينامو المميز مثلما كان حاضرا قبل ثماني سنوات بتحركاته السريعة التي يخترق بها صفوف المدافعين ويضرب بحركة او حركتين خطوط المنتخب المنافس ليجد نفسه واحد زملائه وجها لوجه في مواجهة المرمى. ولعل غياب هذا السيناريو مرده الاصابات المتكررة التي تعرض لها "القصير المكير" وعدم حصوله على فرصة مع ناديه الانجليزي ارسنال في حضور متواصل كأساسي. رغم هذا وذاك فان روزيسكي ابن الثلاثين سيكون هو الشريان الذي يوصل خطوط الدفاع بالهجوم ولكن بحركة بطيئة جدا ربما هي السبب في يباب الأهداف بكثرتها عن مباريات المنتخب التشيكي خاصة عندما يكون الخصم بدوره بطيئا في انتقالاته من الدفاع للهجوم كمثل المنتخب اليوناني.ابتسمت القرعة بوجه التشيكي ربما لكن وجود الروسي والبولندي في المجموعة ذاتها أمر قد لا يترك للتشيكي مفاجآة الخصم لان المدرسة الاوربية الشرقية متقاربة بشكل كبير جدا ولو اصبحت اوروبا نظريا اتحاداً اوربيا!!!.