عندما تهتز الفرق الكبرى وتفقد جزءا من بريقها تختلف الرؤى المتناولة لأسباب التراجع وتكثر الانتقادات الرامية لإصلاح الخلل ..وهنا تأتي الحلول وفقا لدراسات وإحصاءات وتجارب يتم من خلالها اتخاذ القرارات الكفيلة بردم القصور وإصلاح الخلل .. في كرتنا السعودية تعودنا أن يكون المدرب هو الخلل الدائم والثابت والوحيد في كل كبوة أو فشل .. يكرس هذا المبدأ إعلام رياضي ( أبله ) في بعضه و( موجه ) في بعضه ..حيث لا يملك القدرات ولا المؤهلات التي تساعده على تقديم نقد موضوعي عقلاني فيلجأ سريعا للعنصر الأسهل والأبرز للنقد .. هذه العادة المملة والسيئة والقاتلة أيضا فشل كل المجتمع الرياضي في التخلص منها وفشلت معها أيضا كرتنا السعودية منتخبات وأندية في تجاوز عثراتها المتتالية .. مسألة المطالبة برأس المدرب هو بالنسبة لنا إجراء مثالي يرضي غرور الجميع .. يتباهى به الناقد الرياضي حيث يثبت مدى فراسته وبعد نظره الرياضي الخارق، ويرضي الإدارة كون هذا الإجراء يعني تحديدا البراءة من تبعات الفشل الحاصل، ويرضي أيضا الجماهير الرياضية فهي لا ترى أبعد من حدود ملعب ونتيجة مباراة ..!! سنوات طويلة ضاعت من عمر الكرة السعودية وهي تستقبل وتودع المدربين، وبدلا من أن نستغل هذا الوقت المهدر للبناء والارتقاء والتطويرأضعناه بممارسة سلوك سلبي وعقيم أفشل كل عملية اصلاح لحال الكرة السعودية المائل .. نادي الهلال، أحد أشهر وأقوى الأندية السعودية، ظننت يوما أنه بدأ يتميز عن البقيه إداريا، بوجود عقلية حكيمة وواعية وقوية لا تلتفت للرأي العشوائي والانتقاد الخالي من أدنى درجات المهنية والعلمية، إدارة لا تكترث لصيحات الجماهير المشحونة عاطفة أكثر من أي شيء آخر .. كنت أرى في إدارة الأمير عبدالرحمن بن مساعد النقلة النوعية لفن الإدارة والتخطيط السليم في الأندية الرياضية، كانت تلك نظرتي المبدئية لحال الإدارة الهلالية لمعطيات كانت ماثلة للعيان سواء من خلال عمل أو تصريح أو تعامل مع متغيرات قسرية شهدها الفريق الأزرق خلال بدايات إدارة الأمير عبدالحمن بن مساعد. هذه النظرة التفاؤلية أحبطتها بكل أسف جملة أعمال عشوائية أثبتت بالدليل القاطع أن رؤساء الأندية السعودية يتوارثون النمط التقليدي للإدارة والمرتكز في مجمله على ما يطلبه الإعلام والجمهور .. ولعل الحدث الأبرز المدلل على ذلك هو الاستسلام للضغوط المختلفة المنادية بإبعاد المدرب الألماني توماس دول في الوقت الذي كان فيه الرئيس يصرح دائما بأنه لا يمكن تقييم عمل المدرب إلا في نهاية الموسم كنوع من العدالة .. فكان أن غادر دول قبل أن ينهي الدور الأول من الدوري .. أما نتيجة هذا الفعل السلبي والمعتاد فهو المعاناة الفنية والتي شهدها الفريق الأزرق في مشواره التنافسي آسيويا ومحليا وأرجو ألا يدفع ثمنها أيضا مساء هذا اليوم .. مؤسف جدا أن يدخل الفريق مرحله مهمة في مشوار المنافسة الآسيوية وكل انظار الريبة والخوف تتجه صوب مدرب الفريق التائه بين تناقضات الدعم والتشكيك .. وضع مزعج أرغم الفريق على التعايش معه وتحمل تبعاته بسبب إداره مهزوزة مترددة تخشى من ترسيم قناعاتها وتفعيلها وتلجأ كثيرا للهروب من المسئولية من خلال الانحياز للصوت الإعلامي وهتاف الجماهير أو الاستشارة الدائمة والمتكررة في كل صغيرة وكبيرة .. نعلم جيدا أن الهدف الأسمى لكل الفرق الكبيرة هو البطولات القارية، لذا فهي تلجأ دائما للتحضير الخاص لهذه البطولة وتهيئة كل السبل الكفيلة بمشاركة تنافسية فعالة .. فهل هذا الوضع المتردي لزعيم الكرة الآسيوية عناصرا وتدريبا وإدارة هو الوضع المثالي في نظر الأمير عبدالرحمن بن مساعد للدخول في المعترك التنافسي الأشرس في القارة الصفراء ؟!! وهل من الحكمة أو الدهاء الإداري أن يدخل الفريق كل بطولة بمدرب جديد؟! من أوصل الفريق الأزرق لهذا الحال المزعج لجماهير المتعة الكروية؟ وكيف أضحى الزعيم ميدانا لتجارب المدربين ؟ ياسمو الأمير عبدالرحمن أن تعمل وفق قناعات ثابتة واستراتيجية واضحة وأهداف محددة فهذا أمر إيجابي يسهل علاج عثراته في حال عدم الوصول للهدف، أما العمل وفق قناعات مترددة وأهداف ورؤى ضبابية وقرارات يمليها الغير فهنا يكون العلاج مستحيلا .. والعجلة لن تبرح مكانها .. ياسمو الأمير الاستشارة والاستماع للرأي الآخر هي عوامل مساعدة للترجيح ولكنها لا تعني بالضرورة القرار والإلزام .. وكثرتها وتكرار اللجوء إليها هو خلل إداري يشير بوضوح إلى عدم الثقة بالكفاءة الشخصية بل والخوف من تحمل المسئولية .. ياسمو الأمير عندما أستمع لحديثك يبهرني جمال خطابك ووضوحه وحجته وصرامته، وعندما نرى العمل نشك بأن هذا نتاج فكرك.. نعم نؤمن بكفاءة نائبك الأمير نواف بن سعد ونقدر ونجل إخلاص سامي ونثق أيضا بحنكة الأمير فهد بن محمد ولكن نرفض أن يتجاذب الجميع أطراف القرار ليخرج ممزقا ومهترئا وضعيفا وكأنه بلا سند شرعي .. لازال في الوقت متسع ولازلت مؤمنا بأن الأمير عبدالرحمن بن مساعد يملك قدرات إدارية تصح أن تكون أنموذجا للإدارة الرياضية .. ولكن هذه القدرات للأسف الشديد أراها معطلة ومهملة وتخشى المغامرة ولأسباب مجهولة .. ياسمو الأمير جماهير الهلال تثق بك فاعقلها وتوكل.