عرفت الفنان الإنسان علي الدوسري في مرحلتين مختلفتين من حياتي إحداها عندما كنت أتردد على أحد الأصدقاء في لقاءات شبه أسبوعية للفترة من أواخر السبعينات لمنتصف الثمانينيات الميلادية وكنت غالباً ما ألقاه هناك يحمل في طياته حماس الشباب وعنفوانه يخطط ويناقش لأفكار تبدو جريئة عمن حوله ومختلفة لما يراه الآخرين. بدا لي كمن له نظرته الخاصة في الأشياء فهو لا يخالف المحيطين به ولكنه يبلور رأيه بأيقاع ولون فني مختلف عنهم حتى أسلوبه في الحديث كان متميزاً هادئاً وذا نغمة صوتية بها ألفة تشد مسامعك وتجعلك تتفرس به بكل أحاسيسك لمحاولة الانصات له وهو غالباً ما يقنع من يخاطب برأيه من المرة الأولى وهو أيضاً لا يتراجع عما يقتنع به بسهولة فتلقاه مثابراً لتحقيق ما يؤمن به ، لقد كانت شخصية علي رحمه الله جذابة وهادئة ولطيفة لا تسأم من الحديث معه والحوار أو الاستماع لرأيه مهما طال الوقت . عرفته في المرحلة الثانية أواخر التسعينات حيث التحقت بالعمل هذه المرة في مجموعة عبدالله فؤاد وهكذا التقيت بأبو خليفة من جديد، وكم كانت فرحتي أن أراه وقد تطورت أفكاره عرفته في المرحلة الثانية أواخر التسعينات حيث التحقت بالعمل هذه المرة في مجموعة عبدالله فؤاد وهكذا التقيت بأبو خليفة من جديد، وكم كانت فرحتي أن أراه وقد تطورت أفكاره ونمت مشاريعه الفنية ومعارضه وهو فنان بكل أحاسيسه ، لقد استشعرته في المرحلة الثانية فنانا فذا وناقداً متمرسا ذا أفكار إبداعية ، ولا أنساه إذا كان يشرح لي فكرته حول التصوير المغاير والفن الرقمي وكم كنت أحاول أن أستوعب ما يقوله دونما اقتناع بالفكرة لأنها كانت لي غامضة في بدايتها وهو يكرر سترى نجاحها لاحقاً. آه أبو خليفة أتذكرك وأنت تستعرض وتعترض على الكثير من الآراء لمجرد أنها لا تحوي معنى فنيا أو صورة جمالية وكم قدمت واقترحت آراء بدت مصيبة وجميلة بعد تطبيقها لاحقا، لقد كان قرارك بالتقاعد المبكر من العمل من أجل التفرغ للفن صدمة لنا فكم أخذ منك هذا الفن حتى أصبحت لوحاتك تعرض في معارض ومهرجانات دولية ، لقد أعطيت للفن كل ما تملك من احساس وجهد حتى طورت أسلوباً خاصاً متميزاً بك وأصبحت بصمتك الفنية معروفة ولكن هل أخذت من الفن مثلما أعطيته؟ وهل كرمك رواده مثلما افتديته؟ لقد ذهبت فجأة بينما لا زال الطريق مليئا واسعا وطويلا امامك للعطاء والأبداع ، أصبنا بصدمة الفراق إذ سمعنا خبر رحيلك ولكن لا اعتراض على قضاء الله ونسأله الذي من عليك بهذه الموهبة المبدعة أن يمن عليك برحمته ومغفرته ويدخلك فسيح جنته.