لقد مات أبي لا أدري أي شيء سأبدأ به ..... هل أبدء بمعاناتي أم بالقهر الذي أخفيه بداخلي أم زفرتي ودمعتي .. لقد مات أبي ولقد مات شيء كثير في داخلي ولقد تغيرت الحياة بداخلي ولا أحد يعلم إلا الله منذ تلك الليلة ألا وهي ليلة الأربعاء من الشهر السادس لعام ألف وأربع مائه وسبعه وعشرون للهجرة في ذلك المنزل بمدينتي حين كنت في رحلة الكبد والعناء يا ترى ..؟ هل ستقرأ مقالي أم سيعلو صوتك بالبكاء والنحيب لشعورك بما في داخلي أو لفقدك غاليك مثلي .. نعم اليوم سأكتب عن أبي عن الشمس التي توارت خلف الغيوم ولن تنقشع تلك الغيوم عنها ،،،، عن تلك الشمس الدافئة في أيام الربيع الحانية .. فماذا بعد رحيلك يا أبي .. فألمٌ يعتصر الفؤاد .. وحرقة تكوي الروح .. ونار فراقك تتأجج في الأحشاء .. قد أوقدتها منذ أن أعلنت ذلك الصمت الرهيب ..وحتى وقت رحيلك الأبدي .. وإلى الأبد .... أبي دعني أتحدث معك قليلاً لعلك تعلم بي أبي لن تغيب شمسك الدافئة بين الكثبان الرملية .. ولن يغيب شخصك الكريم في أكفان الموت القهري .. ولن تغيب روحك عن كياني لحظة .. ولن ادفن اسمك أو جاهك حتى الممات ..أبي.. ... ستبقى ترفرف في سماء أفقي كل حين .. فما زلت حياً وإن أمحي أسمك من سجل الأحياء .. ما زلت حياً وإن غاب جسدك .. .. لا زلت تعيش في أعماق أعماق أعماااقي .. في الفكر .. في القلب ... في الروح .. ..أبي .. كم أحسد قبراً ضم بين جنباته جسدك .. وكم أهني كل من أراه مع أبوه .. أبي هذه الكلمة التي افتقدتُ حروفها بعد رحيلك .. أبي بعد انطواء الأيام وتساقط أوراق العمر سريعاً فمنذ ذلك اليوم الذي افتقدتُ فيه شخصك وحتى اليوم مازلت تعيش في أعماقي ومازالت حروف أسمك تمنحني القوة والصبر على تحمل ألآم الحياة وغصغصتها المريرة .. أفتقدك .. افتقد حنانك .. عطائك .. عطفك .. رحمتك .. أبي لا يوجد من ينظر إلي بحنان الأبوة غيرك حتى وان تجاوزت طفولتي .. وكم يصعب عليَّ ذلك الشعور القاتل ( الشعور باليتم ) كيف لا وقد انتزعت مني نصف روحي .. وبقيت أعيش بنصفها الأخير وهذا النصف كم يتوق لنصفه في كل حين .. أبي كم اشتقت إليك .. اشتقت لأردد كلمة الأب التي طالما ترنمت بها شفتاي على مسامعك .. اشتقت أن أسمع منك اسمي وكلماتك المدللة لي التي طالما حلقت بي الآفاق عندما كنت أسمعها منك .. لكنها خُنقتْ .. دًفنت ... مع جسدك في التراب .. فهل يا ترى يأتي الزمان بمثلك ..؟ هيهات !! وإن أتى ففي جيل غير جيلنا فنحن فقدناك وكفى !! وأخيراً (( اللهم لا اعتراض على قضائك )) وأرجو المعذرة ان جددت بعض الجروح ولكن لم أجد طريقهً لتجاوز صمتي إلا بالكتابة (أبي ، أبي ، أبي)