تردد كثيراً في الحديث، وهو الذي – بطبيعته كرجل أمن وقيادي سابق في وزارة الداخلية المصرية – يرفض أي حديث أو تصريح لأي وسيلة إعلامية، مصرية أو غير مصرية... استغرقت عملية إقناعه بالحوار أكثر من ثلاثة أشهر،كان في كل مرة يعتذر بلباقة، رغم أني أزعم أني استطعت أن أكسب تقته كصديق، بصعوبة بالغة، كانت طبيعة عملي الصحفي تسبب حساسية شديدة له، حتى في حوارتنا الخاصة، كان حديثه محسوباً بدقة، فالكلمة لا تخرج من بين شفتيه الا ويكون على علم شديد بما سيأتي بعدها، للدرجة التي أحسست فيها أنني أنا الذي أُستجوَب وليس هو...! وقد اشترط اللواء لإجراء الحوار، أن أتعهد بعدم نشر اسمه تحت أي ظرف، وألا أحاول نشر أي صورة مباشرة له. كشف ل(اليوم) عن ملابسات الأيام العصيبة التي عاشتها مصر وأخطر 18 يوماً في تاريخ نظام الرئيس السابق حسني مبارك. وشرح حقيقة ما عرف بانسحاب الشرطة من الشارع وفسر غياب التام منذ الثورة وحتى وقت قريب. بعد أكثر من عام من الصمت، تكلم القيادي الكبير بمرارة، عما وصلت إليه الأحوال، وشرح العلاقة بين الشرطة والجيش، وفسر السبب الحقيقي فيما عرف وقتها بحملة إحراق أقسام الشرطة التي جرت كلها في وقت متزامن تقريباً، ووصف وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي الذي يحاكم حالياً في قضية قتل المتظاهرين ب"البرنس" رغم اختلافه الشديد معه، ومع أسلوبه في إدارة الجهاز الأمني في مصر. تحدث أيضاً عن نائب الرئيس السابق عمر سليمان، وقضية ترشحه لمنصب الرئاسة قبل أن يستبعد بقرار اللجنة العليا للانتخابات واعتبره "الأنسب" لقيادة مصر في هذه المرحلة، وإن كان ليس الأفضل، مشيراً إلى أن مصر تحتاج في هذه المرحلة قائداً لا يكفي لأن يمتلك الرغبة فقط، ولكن يجب أن تتوافر لديه القدرة أيضاً، معتبراً أن "القدرة" بكل معنى الكلمة ليست إلا لدى القوات المسلحة. تطرق إلى دور جماعة الإخوان المسلمين في الحياة السياسية المصرية، واتهمها بلعب دور التُقية السياسية، وكشف عن استعداد الجماعة لعمل أي شيء من أجل مصلحتها، وانتقد ترددها وتأرجح مواقفها، وقال: إن "لا كلمة لها" واستدل بتعهد الجماعة بعدم خوض غمار الانتخابات الرئاسية ثم دفعها برجلها خيرت الشاطر، وبعده رئيس حزب الحرية والعدالة – الدكتور محمد مرسي- وكشف عن دور "حماس" الخفي أيام الثورة، وتورطها مع عناصر من حزب الله اللبناني، في عملية اقتحام السجون المصرية وتهريب السجناء إلى غزة ولبنان. (اليوم) بعد عناء طويل...التقت الجنرال الأرفع..وأدارت معه هذا الحوار: مصطلح غريب سيادة اللواء.. باعتبارك قياديا أمنيا كبيرا.. أولاً ماذا تعني لك الثورة؟ الثورة تعني التغيير، ولعلك تشاركني الرأي في أن المواطن العادي حتى الآن لم يشعر بأي تغيير حقيقي وملموس، بل زادت مشاكله الحياتية، إن لم تكن تعقدت أكثر. الثورة أفرزت مجموعة من المصطلحات الغريبة على آذان المواطن المصري والتي لم يسبق تداولها في أوساط المحيطين به فتحت مصطلح شرعية الشارع.. لتجد طلبة الجامعة تنادي باستقالة عمداء الكليات ورؤساء الجامعات، والعمال ينادون باستبعاد رؤساء الشركات، والبلطجية يرفضون رؤساء المباحث ومديري الأمن، والمواطنون في المحافظات يطالبون بتغيير المحافظين، وجميع المواطنين يطالبون بتغيير المواطنين، وأصبح الشعب كله مطلوبا تغييره لأنه من فلول النظام. يا سيدي.. إن ما يسمى "شرعية الشارع" أدت إلى الفوضى.. إنها بديل للبلطجة.. إنها "سبّة" حينما يتداولها شعب نسبة الأمية فيه تتجاوز 40 بالمائة يتحكم فيه مجلس تشريعي يمارس أعضاؤه المراهقة السياسية، فهل يُعقل هذا؟ وهل يقبل من بيدهم الأمر أن يستمدوا شرعيتهم من الشارع أم من القانون والدستور؟ هذه الشرعية التي تمتد لجميع أنحاء مصر ولا تقتصر على ميدان التحرير أو روكسي أو العباسية.. باختصار.. إن ما يحدث تهريج سيصل بالبلاد إلى منعطف خطير. كانت ضرورية رغم هذا التعريف الواقعي.. هل تعتقد بعد ذلك أن الثورة كانت ضرورية؟ أصارحك نعم.. كان من المنطقي أن تحدث..فلم تكن مؤسسة الرئاسة تريد أن تسمع ما يتعارض مع ملف التوريث. فكانت لا تهتم بتقارير الأجهزة الأمنية في هذا الشأن والتي كثيراً ما أشارت إلى أن المناخ السياسي لا يتفق ومشروع التوريث وأن طبيعة المرحلة تقتضي إصلاحات سياسية ولكن للأسف ضربت بكل التقارير عرض الحائط ,ما أدى إلى العديد من التجاوزات التي ساهمت فيما وصلنا إليه. تجاوزات التوريث تجاوزات من أي نوع؟ تقصد من الداخلية..مثلاً؟ لا أخص وزارة بعينها,دعني أضرب لك مثالاً, هل يعقل أن يتم إقصاء جميع المعارضة والتيارات السياسية من برلمان 2010 وأن يمثل الحزب الوطني الحكومة والمعارضة في نفس الوقت؟هذا تهريج وغباء ..والأكثر من ذلك أن يرفض سماع جميع الأصوات العاقلة و التقارير الأمنية التي تشير إلى هذا العبث السياسي وتطرح حلولاً لتصحيح هذا,لأن استمرار هذا الوضع سيأخذ البلد إلى منعطف خطير,و قد كان. عبث سياسي هل كان العبث السياسي كما تسمونه لخدمة مشروع التوريث؟ نعم مشروع التوريث كان كارثة يدار بمعرفة العديد من المنتفعين على حساب مشاكل الجماهير التي تفاقمت إلى حد كبير فكان الانفجار. لم يتوقع أحد أفهم من هذا أنكم حتى في وزارة الداخلية لم تتوقعوا أن تصل الأمور إلى هذه الدرجة؟ كانت هناك تقارير تُرفع لتشير إلى حالة الغليان لدى رجل الشارع وأنه لابد من الإسراع في اتخاذ إجراءات إصلاحية على المستوى الاقتصادي والسياسي تعطي الأمل للمواطن، ولكن كانت مؤسسة الرئاسة لا تهتم بمثل هذه التقارير لأنه ببساطة شديدة أية إصلاحات سياسية ستتعارض مع ملف التوريث فكان الغضب الشعبي. نظام بطيء معنى ذلك.. صحة المقولة بأن النظام السابق كان يترك الناس يصرخون كما يشاؤون ثم يفعل ما يريد؟ النظام كان بطيئا للغاية في فهم الأحداث وكيفية التعامل معها,فقد كان هناك حراك سياسي قوي وغضب شعبي كبير يقابله إما بطء في اتخاذ إجراءات إصلاحية تهدئ من حالة الغليان لدى رجل الشارع أو اتخاذ إجراءات استفزازية من شأنها الدفع بكوارث,مثال على ذلك أنه تم رفع تقرير لمؤسسة الرئاسة يوم 26/1/2011 يتضمن ضرورة اتخاذ اجراءات سريعة لتهدئة الشارع متمثلة في حل مجلس الشعب. وتعيين نائب للرئيس وإقالة وزارة أحمد نظيف إلا أننا فوجئنا بمؤتمر صحفي يعقده صفوت الشريف يتحدث فيه بطريقة استفزازية لا تتفق وطبيعة الموقف ما ساهم في زيادة حالة الغليان والغضب لدى رجل الشارع وكان ذلك قبل 28/1/2011.. ولم يتم فهم التقرير المرفوع إلا قبل 11 فبراير بأيام قليلة حيث تم تعيين نائب وإقالة وزارة أحمد نظيف...الخ. وعليك أن تتخيل لو أن هذا القرار اتخذ في توقيت 26/1/2011 بدلاً من مؤتمر صفوت الشريف ,أعتقد أن الصورة كانت ستتغير لكن البطء في القرار هو الذي أدى الى ما نحن فيه الآن. هناك أخطاء وماذا عن وزارة الداخلية والمنظومة الأمنية.. ألم يكن لها دور كبير في الاحتقان والغليان الذي أصاب المواطن البسيط؟ نعم هناك أخطاء وقعت فيها وزارة الداخلية، ذلك أنه حينما يكون الاهتمام بالأمن السياسي على حساب الأمن الجنائي تتعقد الأمور، حيث إن كافة المشاكل التي تعاني منها البلاد كانت تُحلّ بتدخلات أمنية بسبب عجز الوزارات عن إيجاد حلول للمشاكل المطروحة لديها. هذا الأمر جعل وزارة الداخلية دائماً في مواجهة مع المحتجين من فئات الشعب مما أوغر الصدور من رجل الشرطة. بالإضافة إلى وجود بعض العناصر من الأفراد والضباط أساءت إلى الوزارة سواء سلوكياً أو بسبب التعامل مع المواطن بشكل سيئ لا تتفق مع الحد الأدنى من مبادئ حقوق الإنسان. ولكن كل هذه السلبيات تخضع للتقويم والإصلاح وليس بالتشويه والتشكيك في وطنية رجل الشرطة وتخوينه..لقد كان ومازال هناك مخطط لإسقاط مصر من خلال القضاء على أعمدة الدولة الرئيسية ومنها وزارة الداخلية وذلك بكسر هيبة الوزارة ونشر الفوضى وإحداث انفلات أمني وهو ما نشاهده اليوم..الضابط يهان في الشارع..يخاف من المحاسبة والمحاكمة عند تعامله مع المجرم..المسجل خطر أصبح شهيدا عند مصرعه والضابط متهم يحول لمحكمة الجنايات..يساعد على ذلك إعلام غير منضبط. إعلام مضلل بمناسبة الحديث عن الإعلام.. كيف تقيم الأداء الإعلامي والدور الذي يؤديه منذ اندلاع الثورة وحتى الآن؟ الإعلام كما قال الكاتب الرائع فاروق جويدة، أحوج ما يكون إلى الرشد,للأسف إعلام متخبط يسعى لتحقيق ما يسمى السبق بالتضليل والتشهير والإدانة، ويفتقر للرؤى الوطنية السليمة والحريصة على الوطن والمواطن، والإعلام يلعب الدور الأسوأ والذي أوصلنا لما نحن فيه الآن؟ انظر مثلاً.. إلى دور بعض الإعلاميين المتحولين، الذين أوقعونا في أزمة مع المملكة العربية السعودية، واستبقوا نتائج تحقيق يجري في السعودية مع المحامي الجيزاوي الذي اتهم بتهريب حبوب مخدرة,للأسف كان التعامل الإعلامي السيئ إضافة للتظاهرات المخجلة أمام مقر السفارة السعودية، عاملان رئيسيان في جعل السعودية تسحب سفيرها للتشاور. لو رجعت للوراء لوجدت ذات الإعلاميين هم الذين كانوا يطبلون ويزمرون للنظام السابق,ولمّا سقط، أصبحوا الآن يزايدون على الثورة ويعتبرون أنفسهم من الثوار. فلم تكن مؤسسة الرئاسة تريد أن تسمع ما يتعارض مع ملف التوريث. فكانت لا تهتم بتقارير الأجهزة الأمنية في هذا الشأن والتي كثيراً ما أشارت إلى أن المناخ السياسي لا يتفق ومشروع التوريث وأن طبيعة المرحلة تقتضي إصلاحات سياسية ولكن للأسف ضربت بكل التقارير عرض الحائط ,ما أدى إلى العديد من التجاوزات التي ساهمت فيما وصلنا إليه. ليست سلبية هل هذا هو السبب في سلبية رجال الشرطة في مواجهة الخارجين عن القانون؟ للأسف، رغم كل ما سبق طرحه ورغم الدسائس والمؤامرات إلا أن رجل الشرطة لم يتوقف دوره رغم هذه التحديات,هل تعلم أن نسبة الشهداء والمصابين من رجال الشرطة منذ 25 يناير 2011 حتى الآن تعدّى الألفين. سمعتك تتحدث أكثر من مرة وتصف وزير الداخلية السابق حبيب العادلي ب"البرنس" وأسفت لحال الوزارة الآن... لماذا ذلك؟ حبيب العادلي فعلاً "برنس" رغم اختلافي الشديد معه ومع أسلوبه في إدارة الجهاز الأمني,حتى وهو يحاكم تجده شديد الاعتزاز بنفسه,هو يعتقد انه كان يخدم البلد بصرف النظر عن صحة ذلك من عدمه وكان يخلص لرئيسه بطريقته,ولكن حينما رأيت منظر وزير الداخلية الحالي الذي أكن له كل الاحترام والتقدير كرجل أمن في جلسة مجلس الشعب والنواب يحاصرونه مطأطئ الرأس حزنت وكنت أتمنى أن يكون رد فعله شديدا لأنه يخاطب ضباطا قبل أن يخاطب نواب الشعب,قارنت بين منظر وزيرين أحدهما شامخ في القفص وآخر يطأطئ الرأس وهو بكامل حريته,إن شموخ صدام حسين رغم أخطائه وهم يقتادونه إلى المشنقة غطى على كل ماضيه. تعليمات الرئيس دعني أعود للوراء قليلاً.. كيف تبرر اختفاء الشرطة المفاجئ من الشارع.. قيل أن هناك تعليمات صدرت بسحب القوات عندما تيقن نزول الجيش، ما صحة ذلك، وهل كانت الشرطة تورط القوات المسلحة؟ هذا الأمر يتم بتنسيق وتعليمات من رئيس الجمهورية وليس من وزير الداخلية وأن وزير الداخلية أبلغ الرئيس حوالي الساعة 4 أن قوات الأمن غير قادرة على مواجهة الحشود الجماهيرية وأن الأمر يستوجب نزول القوات المسلحة فأعطى الرئيس تعليماته بنزول الجيش وبدأت الشرطة في الانسحاب. افتراءات وادعاءات قيل الكثير عن حرق مقرات أمن الدولة السابقة,لقد سمعت من بعص قيادات الشرطة اتهامات للقوات المسلحة بتنفيذ ذلك... فما رأيك؟ سمعت مثل هذا الأمر وسمعت أيضاً عن وجود مقابر جماعية من بعض مقرات أمن الدولة,كل هذه افتراءات وادعاءات الغرض منها النيل من هيبة الدولة ومؤسساتها. ولكن ما حدث كان جزءاً من خطة ممنهجة لإسقاط الدولة نفسها. ماذا تقصد بذلك؟ (يتحفظ) لا أقصد شيئاً... دع التاريخ يجيب فهو الذي سيكتب يوماً حقيقة ما حدث. هل يعني ذلك أنك تعترف أن هناك خطأ حدث من الداخلية؟ الاعتراف بالخطأ لا يجعلنا نتجاهل أيضاً أن وزارة الداخلية تعرضت إلى مؤامرة كبيرة، شارك فيها الإخوان، وبدو سيناء وحركة حماس وحزب الله اللبناني,انتظر قليلاً وستكشف لنا الأيام هذه المؤامرة الخطيرة وأبعادها الخفية. أي شرعية؟ مشكلة مصر الأولى الآن أمنية بامتياز.. كيف تقيّم المنظومة الأمنية؟ وكيف تبرّر الانفلات الموجود الآن على الساحة؟ هناك وجهتا نظر.. الأولى ترى أن الانفلات الحالي هو نتاج طبيعي لمنظومة أمنية وضعتها وزارة الداخلية، تعمل لصالح أمن النظام، وليس أمن المواطن، لتثبيت وترسيخ دعائمه وتحقيق مصالح النخبة على حساب المواطن، وأن جهاز الأمن السياسي ساهم بتدعيم هذا التوجه، ووصل الأمر بأصحاب هذا الرأي إلى الترويج بأن الإرهاب والطائفية والإخوان هم فزاعة من صنيعة النظام والسابق وجهازه المعلوماتي. ويرى أصحاب هذا الرأي أن العلاج يكمن في إعادة هيكلة وزارة الداخلية (الهيكلة مصطلح غير مفهوم) من جديد، والتخلص من رموزها وقياداتها المعروفين برجال حبيب العادلي، والمتهمين بأنهم جزء من هذه المنظومة مع إغفال أهمية وجود جهاز معلوماتي مثل جهاز أمن الدولة. والثانية، يرى أصحابها أن الجهاز الأمني يتبع الشرعية وليس النظام.. شرعية القانون والدستور وليست شرعية الشارع.. وإذا كان حدث خلط في العهد السابق، بتحميل وزارة الداخلية ملف التوريث فهذا خطأ نتفق عليه ولا نختلف فيه، ولكن لا تتحمل الداخلية ممثلة في قياداتها وضباطها وأفرادها بتبعية ذلك، بل تكمن المسؤولية فقط في شخص الوزير.. ذلك أن أجهزة المعلومات داخل وزارة الداخلية كانت ترفض ملف التوريث. إن الإصلاح السياسي وتداول السلطة أعاد الأمور إلى نصابها الصحيح لتكون وزارة الداخلية كسابق عهدها تتبع الشرعية الدستورية وليس النظام القائم، وأنا أميل إلى الرأي الأخير. الملف القبطي هناك اتهامات موجهة لوزارة الداخلية في تعاملها مع بعض الملفات التي أضرت بالأمن القومي للبلاد منها على سبيل المثال... الملف القبطي وملف بدو سيناء؟ ماذا عن الملف القبطي؟ هناك أقلام حاولت أن تروج أن النظام السابق كان وراء أشكال الفتن الطائفية بالبلاد وأن تدبير حادث كنيسة القديسين وراءه حبيب العادلي...وكان الهدف من ذلك تحميل النظام السابق كل تبعيات المشاكل الطائفية الموجودة حالياً والتي من وجهة نظري تفاقمت بعد ثورة 25 يناير...و لكن في حقيقة الأمر أن العلاقة بين الدولة والكنيسة في عهد الرئيس السابق كانت هادئة عكس ما كانت عليه في عهد الرئيس الراحل أنور السادات. فلقد أصدر الرئيس السابق مبارك حال توليه الرئاسة العديد من القرارات الجمهورية التي من شأنها تهدئة الأجواء وليس إشعال الفتنة والاحتقان الطائفي ,وأوجدت مناخاً جيداً للتعامل المرضي بين الأطراف. أما أحداث الفتنة فكانت أسبابها خطاب ديني متشدد من الطرفين (المسلم و المسيحي) أوجد ثقافة عدم قبول الآخر للآخر فكانت أحداث الفتنة... وهو الأمر الذي لم تستوعبه الحكومات التي جاءت بعد ثورة 25 يناير في تعاملها مع الملف,بل بدأت معالجتها للمشاكل الطائفية بتحميل النظام السابق عدم تطبيق قانون دور العبادة الموحد... عدم فتح الكنائس التي أغلقت في العهد السابق والسؤال هنا وبعد حادث ماسبيرو وهل تم تطبيق قانون دور العبادة الموحد؟ هل تم فتح الكنائس المغلقة؟ لم يحدث... وهنا السؤال.. ما الأسباب؟ و الإجابة بلا مزايدة هي نفس الأسباب التي حالت دون التنفيذ في العهد السابق.. الحقيقة غائبة ولا يريد أحد الإعلان عنها والحقيقة هي أن انتشار الاتجاه السلفي أوجد خطابا دينيا متشددا بين عنصري الأمة برزت من خلاله ثقافة عدم قبول الآخر. ملف البدو وماذا عن ملف بدو سيناء؟ عقب ثورة 25 يناير نظم د. عصام شرف رئيس الوزراء السابق زيارة لمحافظة شمال سيناء حيث التقى بمشايخ القبائل هناك لتقديم الاعتذارات عن ممارسات العهد السابق مع أهالي بدو سيناء وعقب الزيارة مباشرةً وقعت أحداث لها مدلولات يجب الوقوف عندها مثل ما أعلنه شباب بدو سيناء بأنهم وراء تفجير أنابيب الغاز الطبيعي الممتد إلى الأردن وإسرائيل، أو التعدي على قاض أصدر حكما بالسجن لمدة 7 سنوات على أحد المتهمين من البدو في قضية مخدرات وتحطيم المحكمة ووضع القاضي في قفص الاتهام بدلا من المتهم والذي تم إخلاء سبيله، كذلك تفجير ضريح الشيخ زويد. هذه الأعمال والتي مازالت مستمرة تجعلنا نتساءل عن ماذا كان يعتذر د.عصام شرف... وهل قبل بدو سيناء الاعتذار وعما تفسر هذه الأحداث عقب الاعتذار. لابد من الاعتراف بأن هناك مشكلة وأن النظام السابق ليس سببها وإذا كان النظام السابق قد فشل في إيجاد الحلول فعلى الحكومات القادمة إيجاد حلول جديدة...وأن هذا يعني أن هناك مشكلة في التعامل مع هذا الملف. ..وماذا عن "الإخوان" وموقفهم من الثورة؟ الإخوان يمثلون مرحلة شائكة في تاريخ مصر...ودائماً يستغلون الدين من أجل تحقيق مصالحهم...وهم يظهرون خلاف ما يبطنون "التقيّة".. لم يشاركوا في بداية الثورة ولكنهم ركبوها لاحقاً.. ادعوا أن لهم في التحرير شهداء وليس بين الشهداء إخوان.. يقولون المشاركة وليس المغالية.. فيسيطرون ولا يشاركون.. تحالفوا و خططوا فتصدروا المناصب.. ولكن حينما حكموا فقدوا شعبيتهم وظهرت حقيقتهم وأهدافهم. وان مصلحة الجماعة تعلو على مصلحة الوطن وأن منصب المرشد أكبر من منصب رئيس الدولة..وأن الذي يدير البلاد هو المرشد ومكتب الارشاد وأن توجهات المرشد تنفذ من خلال مجلس الشعب الذي يملكون فيه الأكثرية... هذا هو الوضع الحالي ولكنه لن يستمر. يعني إيه فلول؟ سمعت رأيك عن تفضيلك لعمر سليمان قبل استبعاده ليكون رئيساً.. على أي أساس؟... وهل يعني هذا أنك من مؤيدي الفلول؟ (يغضب)... يعني إيه فلول؟ هل كل من تعامل مع النظام السابق طوال 30 عاماً هم الفلول,إذن كلنا فلول,فكلنا تعاملنا مع النظام السابق، وجميع من تراهم على المشهد السياسي تعاملوا مع النظام السابق وينطبق عليهم الفلول وقانون العزل,مكتب الإرشاد والمرشد، وقيادات الجماعة بالمكاتب الإدارية على مستوى المحافظات كانت تنسق مع النظام والأجهزة الأمنية سواء الأمن القومي أو أمن الدولة، وكانت الجماعة تقوم بدور ورقة الضغط التي يلعب بها النظام السابق في الأحداث القومية، وكثيراً ما كان يتم الاتفاق مع قيادات الجماعة في تحرك طلبة الجامعة لرفض زيارة رئيس وزراء إسرائيل نيتنياهو لمصر مثلاً,ورؤساء الإحزاب ومعظم الإعلاميين الذين تشاهدونهم الآن على القنوات الفضائية ويدّعون الوطنية ومساندة الثورة كانوا يتعاملون مع النظام السابق وأكثر من التعامل.. وهذا هو السبب وراء حالة الذعر التي أصابت هؤلاء وغيرهم من ترشيح عمر سليمان لمنصب الرئيس، لأنه يعلم الكثير عنهم,إنهم يريدون محو 30 عاماً من تاريخ مصر بإيجابياتها وسلبياتها. هم يريدون القضاء على كل من يذكرهم بعمالتهم وعوراتهم السياسية.. ألم يكن البابا شنودة على علاقة بالنظام السابق,ألم يكن بمارس السياسة.. ارجعوا إلى بعض المفكرين المسيحيين مثل جمال أسعد لمعرفة أسباب خلافه مع البابا.. كان يحترم البابا كرجل دين ولكنه لا يتفق معه في الزج بالكنائس في العمل السياسي والتي كانت تخدم في المقام الأول النظام السابق, ألم يدع البابا إلى ترشيح الرئيس السابق لفترة رئاسة أخرى... هل يمكن في ضوء ذلك اعتبار البابا شنوده من الفلول؟. ألم يكن تعيين شيخ الأزهر د. أحمد الطيب بقرار جمهوري من الرئيس السابق.. وهو الذي وضع وثيقة الأزهر التي اتفقت عليها جميع القوى السياسية بعد ثورة 25 يناير بمن فيهم من يطلقون على أنفسهم الثوار. كفانا خداعاً ماذا تريد أن تقول؟ أريد أن أقول كفانا كذباً وخداعاً للناس وإطلاق مصطلحات غير مفهومة لا يحكمها معيار أو مبدأ أو قانون. مثل الفلول وشرعية الشارع.. كفانا متاجرة بدماء البلطجية تحت مسمى الشهداء.. إنها مصطلحات تخدم من ركبوا الثورة وأصحاب القامات الصغيرة. عمر سليمان نعود لعمر سليمان.. لماذا تفضله؟ لأني أراه الأنسب لطبيعة هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد,فمصر تمر بظروف تتطلب رئيساً قوياً ذا دراية بمفاصل الدولة وفي نفس الوقت ابن المؤسسة العسكرية الوحيدة التي لاتزال متماسكة وقوية ولها معاييرها الخاصة.. ولن ينجح أي رئيس لمصر دون دعم المؤسسة العسكرية بقوتها وإمكانيتها وهيبتها,عمر سليمان له علاقاته الدولية التي لا يمتلكها آخرون إنه الأنسب والأصلح لهذه المرحلة. تقول ذلك رغم كل ما يقال عن علاقاته بالإسرائيليين والأمريكان واتهامه بأنه كان المحرك لخنق غزة؟ بحكم منصبه كرئيس لجهاز المخابرات المصرية لابد أن يدخل في علاقات مع جميع الأجهزة المخابراتية على مستوى العالم وليس أمريكا وإسرائيل فقط. أما بخصوص حماس وغزة فالجميع يعلم أن حماس صنيعة إسرائيل وأن اسرائيل مستفيدة منها في الدور الذي تلعبه على مستوى القضية الفلسطينية ودورها في الانشقاقات الموجودة داخل الصف الفلسطيني. ما حقيقة محاولة اغتياله بعد تعيينه نائبا للرئيس؟ ومن وراءها برأيك؟ وهل صحيح ما يقال إنها من تدبير رجال جمال مبارك؟ محاولة الاغتيال صحيحة تماماً ووقعت بعد ما تأكد اختياره ليكون نائباً للرئيس قبل تنحيه. و قد راح ضحيتها اثنان من حرسه. أما المسئول عمّا حدث فأعتقد من وجهة نظري الشخصية أن وراء هذا الحادث هم نفس الذين انزعجوا من ترشيحه لمنصب رئيس الجمهورية.