لو لامَسَ دمُ الشبابِ الزهرَ لزاد في الأَلَق، ولو سال على الصخرِ لانفلَق. إن قوة الشباب- كما يجب أن نعلم ونتأمل في ذات الوقت- مثل الديناميت، يكون بيَدٍ خبيرة وعارفة، فتُمَهّدُ الطرقُ بقلوبِ الجبال، وتُقام السدودُ، وتُنزَعُ المعادنُ من بطون المناجم، وتُسهَّلُ الأرضُ للبناء والعمار. وفي يدٍ لا تعرف كيف تسيّره أو تهمله أو تستغله فهو الانفجار القاصم، وهو السلاحُ المريعُ الحاسم.. وإزهاقُ الأرواحِ، الكثيرُ من الأرواح. الشبابٌ مثاليّون، أمامهم عوالم كي تُفتَح، معارك كي تُنتَصَر، أعمال يجب أن تُنْجَز. وحين نحتار فيما يجب أن نعمله أحيانا، فالشبابُ لا يعرفون معنى «حائرون، ماذا يجب أن نعمل؟»، إنهم فقط يعملون.. ولأنهم لا يعرفون معنى «حائرون، ماذا يجب أن نعمل؟»، فإنهم ينجزون أعظم الأعمال.. أو أخطر الأعمال! طاقة الشباب لا تعرف تخوماً، يبدو أنهم طاقة لا نهائية عندما يؤدون ما يحبون أن يعملوا لا يكلون ولا يهدأون. إنهم في عيْن عُمْرٍ لا يفقه «هذا يكفي..» طبيعةُ الهرمونات المتفجّرة تريد المزيدَ، والمزيد. إنه عصرٌ جديد، ظهرت عناصرُ قوته أمام شواهدنا، عصرُ الشباب. طاقة الشباب لا تعرف تخوماً، يبدو أنهم طاقة لا نهائية عندما يؤدون ما يحبون أن يعملوا لا يكلون ولا يهدأونلم يعد الشبابُ مجرد طلائع غضة ويافعة قابلة للتوجيه التام كما عرفنا من فجر المجتمعات البشرية.. التوجيه قد يكون انتهى زمانُه، إنه- ربما- عصر الإرشاد، وعصر المشاركة.. المشاركةُ الحقيقية. أي المشاركة في إدارة دفة الأمة، المشاركة في القرارات الكبرى، في الخطط الكبرى.. وربما جاء الوقتُ لتكون هناك مؤسسة أو وزارة خاصة للشباب، تتولى كل ما يتعلق بهم، حتى الآن شئون الشباب موزعة بين قبائل الوزارات.. هذا لم يعد صحيحا، لم يعد مقبولا ولا سائغا في لغة عصرٍ جديد، بعدُ لم يعرفه الكبار.. وفي عالم جديد تحتاج مرشداً عارفاً يأخذك عبر ممرّاتِهِ وتضاريسِه، ولا يهم كم عمره، المهم أنه يعرف ما لا تعرف، وهذه المعرفة حيوية ومصيرية. على الأمّةِ ومحبيها أن يفهموا، ويقبلوا، أن شيئاً قد تغيّر. وهذا الشيءُ الذي تغيّر إنما هو عبارة عن مِفصلٍ جديدٍ في المساراتِ الحضاريةِ الإنسانية، التنبّهُ لهذا المفصل يعني أن نباشر الآن بفسح مجال أوسع وميادين أرحب للشبيبة في اتخاذ القرار وفي وضع الخطة في كل مرفقٍ من مرافق البلاد. هذا التغييرُ لابد أن يكون الآن، ليس غداً.. ليس بعد ساعة! من لا يتنبه لهذا التغيير المفصلي بأن كل ما اعتدنا عليه قد تغير، وإلى الأبد، فسيتوه بين تروس المستقبل. هذا الانتباهُ، لابد أن يكون الآن.. ليس غدا، ليس بعد ساعة! [email protected]