.. ليس هناك أنبل من قلب بطل. إن البطولة، ووحيها وقبسها، هو الذي يجعلنا نحلق إلى مقاماتٍ عليا من الراحة ومن الطمأنينة ومن الاقتداء.. وللبطولة من أيام الحضارات الغابرة ، من رسومات الكهوف، من حضارات المايا، ومن حضارات ما بين النهرين، إلى حضارتنا الحالية معان وآثارٍ خالدةٍ عبر الأزمان، وعبر التغيرات، وعبر الأمكنة، وعبر الأمم. وتحتفل الدولُ كافة بأبطالها وتكرس لهم القصائد، والأوسمة والتماثيل، وهي خزائن حكايات الأمهات والآباء لأطفالهم قبل أن تثقل الأجفان، ويُطلق للأحلام العنان. وتجد أن الغربَ الآن يحتفي بالبطولات ويعتبرها رموزا تتوحد حولها الآراء وتتفق عليها مختلف طبقات الأمة، فإن لم توجد البطولة لاخترعوها اختراعا. في أكثر المجلات المعرفية انتشارا على الأرض (الريدرز دايجست) هناك بابٌ مخصص لقصص البطولة والأبطال، وهو أكثر أبواب المجلة شعبيةً وقراءةً واقتباسا. عندي قصص كثيرة عن أبطال من هذه الأمة مبهرون كل الإبهار، وقصصهم تكاد أن تجاور بطولة الأساطير وليست فقط قصص البطولة العادية جدا التي تكتبها بانتظام «الريدرز دايجست» وغيرها .. ونحن هل نخلو من البطولة والأبطال؟ لن أقول أعتقد، لن أقول بظني، بل بما يثبته واقعٌ عشتُه أو قربت منه أو قرأته. عندي قصص كثيرة عن أبطال من هذه الأمة مبهرين كل الإبهار، وقصصهم تكاد أن تجاور بطولة الأساطير وليست فقط قصص البطولة العادية جدا التي تكتبها بانتظام "الريدرز دايجست" وغيرها. أحكي بعضها. في جدة تعرفت على شخص ضحى حرفيا بحياته العامة، وبعمله الذي يسترزق منه، وبوقته وحياته الخاصة من أجل أصدقائه الذين أصابتهم محنة من المحن، وحاولوا جهدهم رغم حاجتهم إليه أن يبعدوه عنهم، ويتحرر من إلزامية نذر لها نفسَه بدون أن يطلب منه أحدٌ ذلك.. ولكنه مضى ولن يقف حتى يسقط أو ينجح في مبغاه. وأرسلت لصاحب مشترك أقول له: "حسبت أن مخلوقا من مخلوقات الله انقرض، حتى عرفت صاحبنا وعرفت أن هذا المخلوق لم ينقرض، وهو الصديق الوفي. وبطولة "ملاك هيوستن" وأسميته كذلك لأنه شاب سعودي يدور على كل مرضى مستشفيات لمدينة خارج وقت دراسته من السعوديين والعرب ويقضي لياليه يؤانسهم. وشاب سمه مرزوق من فريق أولاد الرياض أنقذ طفلة رضيعة من تحت المياه فيما حُذِّرَ الغواصون المحترفون من عظم المهمة، وينجح مرزوق رغم التحذيرات بإخراجها حيّةً تحت شهقات وتصفيق الحاضرين. وفتاةٌ رأيتها في مشاركة لي بندوة وعرفت أنها تعيل أسرة جيرانها المكونة من عشرة أفراد، لأن أباهم غاب، وتعيل أسرتها من خمسة أفراد لأن أباها غاب. لما رأيتها لاحظت أنها تعرج متكئة على عكازة! وفي مطار سعودي يُخرج من الطائرة جثمان الشاب "مشاري السريحي" الذي أنقذ في بحيرة متجمدة بأمريكا مراهقة أمريكية، ولما عاد لينقذ والدها تجمّد قلبه.. من لهؤلاء الأبطال؟ من يضع سجِّلاً من فخر سيكون، بإذن الله، الأكثر قراءة وتوزيعا بعنوان: "قصص حقيقية لبطلات وأبطال بيننا؟!" [email protected]