تحت مظلة الفقد يحتمي أطفال كثر، يجدون تحت ظلالها أماناً وهمياً؛ خشية بروق الحياة التي قد تصعقهم حين تُضوي بصاعقتها مرآة حياتهم فيُبصرون الحقيقة المُرّة، والتي تكسر جبراً بات أبدياً في نفوسهم، ففقد الأم أو الأب جُرح يأبى ضماداً مؤقتاً، هكذا يعيش مُعظم أطفالنا بين الطُرقات دون مأوى، ومأكل، وحُضن يستجمع أشلاءهم حين ينتثروا خوفاً بسبب حُلم راود هناء سُباتهم. من هذا المنطلق استطلعت «اليوم» آراء بعض الشخصيات البارزة في المجتمع المحلي بعد تتالي عدد من المناسبات مثل (يوم اليتيم العربي) و(اليوم العالمي لليتيم) لإبراز حقوق اليتيم وتسليط الضوء على الدور الإنساني الذي تقدّمه الدولة، إضافةً إلى بعض المواقف التي كشفت عنها المشاركات. قالت المشرفة العامة لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني بالمنطقة الشرقية لولوة عواد الشمري إن لليتيم مكانة رفيعة في القرآن الكريم والسنة النبوية، وما يحتاجه الأيتام طوال العام وليس في يوم واحد فقط هو الحب ومنحهم الثقة؛ ليتمكنوا من الانطلاق والتجديد واثبات وجودهم، إضافةً إلى أن التربية الجادة والرعاية الشاملة تمنح اليتيم الأمان الأسري والاستقرار النفسي. داعية إلى ادخال البهجة والسرور على اليتيم باحياء البرامج المخصصة للترفيه والتثقيف، ودمجه مع العالم الآخر دون ايضاح مشاعر الاستعطاف تجاهه، خاصةً وأن أمين الأمة أفضل الصلاة والتسليم عليه وصّى بذلك قائلاً «لا تحقرنّ من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق». من ناحيتها, قالت رئيسة قسم العلوم الشرعية بمكتب التربية والتعليم برأس تنورة هند بنت مقبل المسند إن من أهم الأسباب الرئيسية لاقتلاع قساوة القلب، احتضان اليتيم كوالد له، والإحسان إليه، والتبسّم في وجهه وادخال السرور على روحه الظامئة. وأضافت المسند ان «يأتي الطفل دون أب أو أن يفقد هذا الأب في خضم حياته وهو يرى بأم عينيه أنه المحور الذي يدور حوله البيت، والعمود الذي يستند عليه الكل -خصوصاً بغياب هذا العامود عن ظل يحميه- هو أمر حتماً سيكسر نفسه ما حيا، فكيف إن كان طفلاً لم ينهل من أبيه كغيره». من ناحيتها, قالت مسؤولة العلاقات العامة بدار الحضانة الاجتماعية بالدمام اقبال حسين فلمبان إنه «من أجل تطبيق أُسس الإيمان في المجتمع يُفترض تسليط الضوء على رعاية المحتاجين وفي طليعتهم الأيتام كونهم الأشد حاجة للرعاية والاهتمام، فالفقير يحتاج إلى النفقة، بينما تمتد حاجات اليتيم لتشمل الجوانب المادية والعاطفية، وفي بلادنا المباركة صورة رائعة لجهود رعاية الأيتام من جميع النواحي ممثلة في وزارة الشؤون الاجتماعية التي كفلت لهذه الفئة الغالية على قلوبنا جميع متطلبات الحياة الرغيدة. دعوة يتيم من جهتها, أوضحت مسؤولة العلاقات العامة والإعلام بجمعية جود الخيرية بالمنطقة الشرقية جواهر الزهراني أن أهم العوامل الأساسية في انحراف الصغار وهم في زهرة العمر ومقتبل الحياة، «لذا حرص الإسلام على كفالة اليتيم؛ حفظاً لذريتنا من بعدنا، وقيام الآخرين بالإحسان إلى أيتامنا». وأضافت «كافل اليتيم اليوم إنما يعمل لنفسه لو ترك ذريةً ضعافاً، فكما تُحسن إلى اليتيم اليوم يُحسن إلى أيتامك في الغد، وكما تدين تدان، فيما سعت حكومتنا الرشيدة إلى الاهتمام بهذه الفئة الغالية، وتكاتفت الجهود إلى جانب المبادرات الخيرية؛ من أجل تفعيل نظم الرعاية والحماية في دور الأيتام، وتوجيه الاهتمام بعمل الدراسات والأبحاث الميدانية التي تتعلق بهذا المجال مع البحث عن وسائل وأساليب جديدة تحقق مفهوم الرعاية الشاملة لأفراد هذه الشريحة». مراكز الاحساس قالت المستشار الأسري خزاري أحمد الصايل «ليست الحياة منزوعة من العاطفة، ولا منبت من المشاعر القاسية، ولكن هناك بعض القوم تجاهلوا اليتيم من النواحي العاطفية، وشملت المحبة لهم من النواحي المادية، ولكن خادم الحرمين الشريفين حفظه الله, كان له الشأن الأكبر من الترقّي والرقي من هذه الناحية، خاصةً حين تمثّلت الحكومة الرشيدة بمظلّته التي قدّمت ما لا يستطيع أي فرد أن يقدّمه». مشيرة إلى أن القضايا باستطاعة كل فردٍ حلها بشيء من الشفافية والوضوح والوقوف معها بجانب النصح والمكاشفة، والا سوف تزداد تعقيداً. مبينة أنها عندما اطّلعت على الدراسات حول اليتيم وجدت دراسة تثبت حقيقة وفاة عدد من ساكني ملاجئ للأيتام في أمريكا سنوياً مقارنةً بالبرازيل التي يتساوى عدد سكان ملاجئها بعدد ملاجئ سكان البرازيل، وبعد أخذ عيّنة الدراسة من الدولتين اتضح أن سبب الوفاة هو ضمور في الدماغ وتلف بعض مراكز الإحساس، بالرغم مما وُجد في أمريكا من أضخم المباني وأفضل من التي سكنها لاجئو البرازيل بل وقد كانت الرعاية الصحية في أمريكا أكثر تطوراً ولكن سبب الوفاة للأيتام بأمريكا سنوياً اكتشاف أمر غريب لدى ملاجئ البرازيل لم يوجد في ملاجئ أمريكا وهو سر (اللمسات)، فاليتيم في البرازيل يتعرض للمس يومياً عشرات المرات ما بين التقبيل والاحتضان والمصافحة والثقة بالنفس وهو ما كان مفقوداً عند يتامى أمريكا الذين يتمتعون بالرفاهية، خاصةً وأن هذا ما أمرنا به المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم. ولفتت الصايل إلى أن «المحور الأهم هو الواقع الذي قد يُفسد تدبير اليتيم لأموره، خاصةً بكثرة وجود يتيم صنعته الغفلة، وغذّاه التفريط، والسبب يكمن في ذواتنا نحن، حين نُصبح يتامى في العطاء ، فلكي نستحق الأخذ يجب أن نُتقن العطاء». ومضت تقول «إمداد اليتيم بالثقة ونظرة النجاح أكثر وقعاً وإيجاباً في نفسه من نظرة الحنان، فهذا أقوى وأطول الحلول بقاءً مدى العمر».