تبقى عَلاقةُ النَّقد بالأدب عَلاقة وثيقة الصلة, تكاملية المعنى , وذات أبعاد ديناميكية الأثر والتأثير, ولا يمكن لأحدهما الاستغناء عن الآخر على الرغم من استقلاليتهما عن البعض, ففي أعماق كل أديب يقبع ناقد يشذب ويهذب ويحلل ويفسر ما كتب ولربما دون أن يعي أنه يمارس فعلا نقديا, ومن الجميل أن تتعدد المدارس النقدية ومناهجها الفنية عبر السنين ومع تطور علوم التنظير وانتشار الوضعية منها لتتخصص في تحليل النصوص الأدبية وتشريحها من منطلق مجموعة متنوعة من الثقافات والعلوم كعلم النفس وعلم الاجتماع وعلم اللغة والفلسفة وعلم الجمال يؤدلجها أصحاب الحس الدقيق والذوق الرهيف والرؤية العميقة فهناك المدرسة النقدية النفسية والنقدية الاجتماعية والبنيوية وغيرها من مدارس النقد الحديثة والتي تؤسس النقد كعلم مستقل بحد ذاته والأجمل أن تنبثق من بين أروقة أنديتنا الأدبية ومؤسساتنا الثقافية السعودية مدرسة نقدية جادَّة من جدَّةمدرسة جدَّة النَّقديَّة « تضم كوكبة من نقاد مدينة جدة الذين ساهموا بأطروحاتهم النقدية وبحوثهم الفكرية ودراساتهم الفنية في تفعيل واقع الحركة النقدية في المشهد الثقافي في المملكة حيث طالعتنا الصحف المحلية منذ أسبوع بخبر إقرار مجلس إدارة نادي جدة الأدبي الثقافي وتحت مظلة وزارة الثقافة والإعلام إنشاء « مدرسة جدَّة النَّقديَّة « تضم كوكبة من نقاد مدينة جدة الذين ساهموا بأطروحاتهم النقدية وبحوثهم الفكرية ودراساتهم الفنية في تفعيل واقع الحركة النقدية في المشهد الثقافي في المملكة وجاءت الخطوة فاعلة ناهضة في الوقت الذي بات الأدب السعودي بتجارب الكتاب النشء في تخبط عشوائي مما أعطى الغير فرصة النيل من ثقافة المملكة وأدبنا المحلي رغم حصول البعض من روائيينا وشعرائنا على جوائز دولية وحضور عالمي فمن هنا تأتي أهمية انبثاق هذه المدرسة النقدية والتي نأمل أن تتولى مهمة إصلاح ما أفسدته دور النشر التجارية والتي أفسحت المجال لكل من هبَّ ودبَّ أن ينشر باسم الإبداع وينسب للأدب السُّعودي ما هو منه براء ويتهجم المناوشون على واقعنا الأدبي الثقافي في ظل غياب النقد والنُّقَّاد ولربما اتسعت رقعة تلك المدرسة لتشمل نقادنا العمالقة أمثال شيخنا الغذامي والبازعي سعد والقُرَشي عال وربما تناولت إصدارات الأندية والأشخاص ودور النشر بالنزر القليل من اهتمامهم رغم تعدد مهامهم الحياتية والعلمية والعملية للحد من انتشار ظاهرة عبثية الأدب المحلي والترويج لتُّرُّهات الدخلاء على الأدب والعابثين في الفكر فسادا وكلنا أمل في هذا المشروع أن ينجح ويحقق ما تصبو إليه النفس ويطمح إليه الفؤاد فما أحوج الأدب السعودي إلى مثل هذا الحراك وما أحوج أنديتنا الأدبية للجلسات النقدية الهادفة والورش الفنية الناهضة بجمال التكامل الإبداعي المرتقب والنتاج الفكري المؤمل والأمل الغاية والغاية الهدف الذي يُسعى إليه والسعيُ مشكورٌ لنادي جدة الأدبي.