اختزال الوقت في لحظات معدودة ميز نص مسرحية «القاع» التي قدمتها مجموعة إبداع للأعمال الفنية مساء الأحد في مهرجان مسرح الدمام للعروض القصيرة الذي تنظمه حالياً جمعية الثقافة والفنون بالدمام. ثلاثة ممثلين يؤدون دورهم في «القاع» (تصوير : حسين رضوان) ورغم أن مؤلف النص عمار جابر نجح في اختزال الوقت، إلا أنه وقع في فخ الرقابة الذاتية، حيث وضع جابر نفسه في مكان الرقيب، ما دفعه إلى التلاعب بالألفاظ في الحوار الدائر بين شخوص المسرحية. وفي هذا السياق، قال الناقد المسرحي البحريني أحمد الصايغ: إن هذا النص «عبارة عن نص مسرحي حواري يهيمن عليه الحوار على التحدث التصاعدي، حيث إن النص يحرك الخيال عند القارئ في تصوراته من خلال حوار يدور بين مجموعة من الممثلين محصورين في مكان واحد، هو قبو السفينة». وأضاف أن من أهم مميزات النص «اختزاله الوقت في لحظات معدودة، بحيث يتكلم النص عن فترة مضت من المعاناة التي عاناها أبطال المسرحية، أو بمعنى أدق التي عاشوها في قاع السفينة تاركا الخيال لنا عما كان يعانيه أبطال المسرحية قبل وجودهم في القبو الذي سماه الحجر الصحي». وأضاف أن العرض وصف حال من يعيشون على ظهر السفينة عبر لسان شخصية «البدين»، الذي يعيش في قبو السفينة مع مجموعة بسبب إصابتهم بمرض الجرب، واصفا كيف كان الآخرون يعيشون في أعلى السفينة، وكيف يتمتعون بالحرية، بينما لا توجد الحرية لمن يعيش في القبو. وأوضح أن الكاتب هنا يقع في إشكالية النص حينما يضع نفسه في مكان الرقيب، ويكون هو المعد والرقيب في الوقت نفسه، معتبرا أن هذا الأمر من أخطر أنواع الرقابة على أي عمل أدبي، خوفاً من المجهول. وقال: «من هنا يبدأ في التلاعب بالألفاظ في الحوار الدائر بين الشخوص حتى ينجو بنفسه من المسائلة، خصوصا عندما يتجنب تحديد الزمان الذي تدور فيه أحداث المسرحية». وأشار الصايغ إلى أن النص المسرحي تميز بوجود الصراع الدرامي الأزلي الذي ساهم بالإشارة إلى وجود عنصر شخصية الحاضر الغائب في العمل الدرامي وهو شخصية «الجد»، وحوار الشاب يذكرنا بخوفنا من نبش الماضي، حينما نحاول جميعا دفنه خوفا من الصدمات.