«القاع» عرض مجموعة «إبداع للأعمال الفنية» وهو من تأليف عمار جابر وإخراج أحمد النمر.. اتكأ المخرج على حرفية النص دون تأويل، ولذا لم يكن هناك إبهار ما في الديكور أو المؤثرات أو الإضاءة إذ إنها إضافة إلى الحوار وحركة الممثلين اتجهت إلى إبراز «القاع» بكل ما يُوحي به من رؤى ومدلولات، جاء ذلك، ضمن مهرجان مسرح الدمام للعروض القصيرة التي تنظمها جمعية الثقافة والفنون في الدمام. والقاع هنا قاع سفينة، الشخصيات الأربع توزعت باهتماماتها على ما يدور بخلدها رغم وحدة المكان والمصير.. فهناك المهتم بتغذية الجسد وآخر بالعقل وآخر بالروح وآخر بالجذور والتراث والكل في إطار الحاضر «القاع» والصراع الدائر بين الشخصيات ليس الخلاص ولكن كيفية إشباع الذات وفق أفكارها وشعورها الآني وليس المصير القادم المجهول. أيضاً وتجريد الزمان في المسرحية رغم تحديد المكان أعطى للمتلقي إيحاءات عديدة بالواقع المعاصر. وأشار إلى «الجرب» الذي أصيبت به الشخوص ما دعا إلى عزلها في القاع قد يحمل رموزاً عدة ولكنه في العرض «مرض» فرض عزل هؤلاء الشخوص بعيداً للخطورة والعدوى واللا علاج ونتوقف هنا لنقول: رغم إيجابيات العرض ولكن مع سرعة الإلقاء كانت مخارج الحروف تتداخل في بعض الجمل وتضعف كثيراً في أحيان أخرى.. كما يهبط الإيقاع أحياناً دون مبرر وإن كانت حركة الممثلين على خشبة المسرح «قاع السفينة المظلم» توحي بوعي المخرج وفهمه. وعلى هامش المهرجان كانت هناك ندوة تطبيقية أدارها علي الزاير وقدم خلالها المخرج أحمد النمر والناقد البحريني أحمد الصايغ الذي بدأ الحديث مشيراً إلى أن مفهوم النص المسرحي دائماً ما يثير إشكالية عند مجموعة من المثقفين وخصوصاً في فهمهم للنص المسرحي، وذلك من الناحية الأدبية حيث يعرفه بعضهم بأنه مولود مصطنع وهناك من اصطنعه فهو نص في نظمهم لا يصلح للقراءة. ويضيف الصايغ: أن نص مسرحية «القاع» هو نص مسرحي حواري يهيمن عليه الحوار على الحدث التصاعدي حيث إن النص يحرك الخيال عند القارئ في تصوراته من خلال حوار يدور بين مجموعة من الممثلين محصورين في مكان واحد والذي هو قبو السفينة ويتابع الصايغ: إن من أهم مميزات النص هو اختزاله للوقت في لحظات معدودة بحيث إن النص يتكلم عن فترة مضت من المعاناة التي عاناها أبطال المسرحية، أو بمعنى أدق التي عاشوها في قاع السفينة تاركاً الخيال لنا عن ما كان يعاني منه أبطال المسرحية قبل وجودهم في هذا القبو الذي سمّاه بالحجر الصحي والذي كان واضحاً من خلال الحوارات بين الممثلين وهم في هذا المكان المعزول بسبب إصابتهم بمرض الجرب. وينهي الصايغ مداخلته قائلاً: خلاصة القول إن الخطاب المسرحي يجب أن يكون ناقلاً لنبض المجتمع منفتحاً على قضاياه وهمومه الفكرية قادراً على أن يكشف لنا أحوال النفس البشرية وبشكل فني تمكنه طبيعته من الانفتاح على المجتمع حتى تصل الفكرة له بشكل واضح.