فيما اعتبره مراقبون انقلاباً على صيغة توافق أخيرة بين جماعة الإخوان المسلمين والمجلس العسكري الحاكم في مصر، انتهى الاجتماع الذي عقده مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين، مساء الاحد، إلى قرار الدفع برجل الجماعة القوي، ونائب المرشد العام، المهندس خيرت الشاطر، في الانتخابات الرئاسية المقبلة . وجاء قرار الجماعة بالدفع بالشاطر، عقب تردد طويل، وخلافاً لما أعلنته الجماعة قبل أشهر، من أنها لن تدفع بأحد وجوهها للمنصب الرفيع، ولكن مصدراً بالجماعة، وثيق الصلة بالاجتماع، أعلن ل(اليوم) أن الشاطر فاز بأغلبية أعضاء مجلس شورى الجماعة، إذ أيد 56 من إجمالى عدد الحاضرين البالغ عددهم 108 أعضاء، ترشيح الشاطر لخوض انتخابات الرئاسة، بينما رفض 52 الفكرة، ورفض المصدر اعتبار القرار بأنه وسيلة للضغط على المجلس العسكري، من أجل الحصول على منصب رئيس وزراء بكامل الصلاحيات، في إطار الشد العصبي الذي انتاب العلاقة بين الفصيلين الأقوى في مصر. وتفاوتت الآراء بشأن قرار الاخوان. وقال حسين عبد الرازق عضو المجلس الرئاسي لحزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي وهو حزب يساري: جماعة الاخوان المسلمين منذ استحواذها على البرلمان اتخذت نهجا للاستحواذ على مراكز السلطة فبدأت بعد حصولها على الاكثرية في السلطة التشريعية بالاستعداد لسحب الثقة من الحكومة وتشكيل حكومة برئاستها وهي تستكمل هذا الامر بالاستحواذ على رئاسة الجمهورية. وفي أول تعليق للمهندس خيرت الشاطر، على النبأ، اكتفى بالقول إن «الخيرة فيما اختاره الله» مشيراً إلى أن الجماعة كفصيل سياسي من حقه المشاركة في العملية السياسية وفق الآليات الديموقراطية التي اختارها الشعب. ارتباك سياسي وسادت حالة من الارتباك، المسرح السياسي المصري، ليلة أمس، عقب النبأ، وامتنع غالبية رؤساء التيارات السياسية عن التعليق، تاركين الفرصة للأيام المقبلة للتفكير فيما هو آت. واعتبر الخبير السياسي يحيى شكرى، قرار الدفع بالشاطر للانتخابات الرئاسية بأنه انقلاب على «شعرة معاوية» الأخيرة بين الجماعة والمجلس العسكري، واعتبر ذلك استمرارا لحالة التوتر وعدم الثقة بين الجانبين خلال الأشهر القليلة الماضية. وقال في اتصال هاتفي ل(اليوم) إن طرح المهندس الشاطر، يعني إلغاء إمكانية أي صفقة ممكنة بين الإخوان والمجلس لدعم مرشح بعينه، وهو ما كان يراهن عليه كثير من المرشحين الذين كانوا يغازلون الجماعة، طمعاً في دعمها لهم، وأضاف إن المرشح السابق منصور حسن، عندما تأكد من عدم وجود اتفاق آثر الانسحاب تماماً. واعتبر أن وجود الشاطر، وضع مرشحين إسلاميين آخرين مثل الشيخ حازم أبو الفتوح ومحمد سليم العوّا وعبدالمنعم أبو الفتوح في مواجهة خصم «إسلامي» قوي، ما ينبئ عن مواجهة إسلامية/ إسلامية شرسة، ربما تضعف فرص منافسين آخرين في مقدمتهم عمرو موسى وأحمد شفيق وعمر سليمان إذا ما قرر الترشح. قلق اسرائيلي ووصف مسؤول إسرائيلي قرار جماعة الإخوان المسلمين الدفع بمرشح للانتخابات الرئاسية بأنه أمر «مقلق». وقال المسؤول في تصريح لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية نشرته امس الأحد تعليقا على إعلان المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين بمصر ترشيح المهندس خيرت الشاطر لخوض الانتخابات الرئاسية: «من الواضح أن هذا ليس نبأ جيدا». وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، «الإخوان المسلمون ليسوا أصدقاء لنا ولا يتمنون لنا الخير». وأوضح: «السؤال الكبير هو مدى البراجماتية التي سيكونون عليها إذا ما وصلوا إلى السلطة «. وذكرت الصحيفة أن الخارجية الأمريكية رفضت التعليق على ترشيح الشاطر لخوض انتخابات الرئاسة. وقال محمد بديع المرشد العام للجماعة في مؤتمر صحفي ان الشاطر قبل القرار وانه من أجل أن يكون مرشحا لكل المصريين قدم استقالة من منصب نائب المرشد العام وعضو مكتب الارشاد. وقال محمد مرسي زعيم حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للاخوان المسلمين: بعد الانتخابات البرلمانية بدا لنا أن المشهد لا يتجه في اتجاه الثورة وأن هذا المسار لا يصل الى منتهاه وهدفه بل توجد محاولات مستميتة لمنع هذا المسار. وأضاف: قررنا في الاجتماع الطارئ لمجلس شورى الجماعة أن يكون لنا مرشح فى انتخابات الرئاسة ,واختيارنا لخيرت الشاطر تم بالاتفاق بين الجماعة والحزب. وجاء في بيان لجماعة الاخوان المسلمين: قرر مجلس الشورى العام في جلسته الطارئة التقدم بمرشح لرئاسة الجمهورية. اجهاض الانجاز وتابع: إن مما تعرضت له الجماعة التلويح والتهديد بحل مجلسي الشعب والشورى الامر الذي ينذر باجهاض الانجاز الاهم للثورة ... الدفع بوجوه من النظام القديم للترشح للرئاسة لمحاولة انتاج النظام السابق مرة أخرى. وقال محللون ان هذه الخطوة تشير الى أن الجماعة التي أصبحت على حافة السلطة للمرة الاولى منذ انشائها قبل 84 عاما تشعر بالقلق من امكانية ضياع تلك السلطة منها بعد عقود من القمع بيد مبارك. ومن المتوقع أن تثير هذه الخطوة ازعاجا لليبراليين وآخرين ممن يشعرون بالفعل بالقلق من النفوذ المتزايد للاسلاميين بعد أن اكتسحوا البرلمان وهيمنوا الآن على الجمعية التأسيسية المكلفة بصياغة الدستور الجديد للبلاد. انتقادات وأثار قرار الجماعة انتقادات كثيرة خاصة وأنها طردت منها عضوا آخر هو عبد المنعم أبو الفتوح عندما أعلن نيته الترشح للرئاسة مخالفا تعهد الجماعة بعدم السعي للمنصب. وقال دبلوماسي غربي: هذا الموقف ليس خرقا فحسب لوعودهم لكنه يمثل تحديا متعمدا للمجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد, مضيفا أن تحول الجماعة عن موقفها يشير الى قلقها من أن يعرقل آخرون صعودها للسلطة.