الأرقام التي تنهمر علينا الآن وبشكل يومي عن التوظف والبطالة والسعودة بدأت تعطينا صورة أوضح عن سوق العمل، سواء كان مصدر هذه الأرقام وزارة العمل أو التجارة أو حتى التصاريح التي تنقل عبر وسائل الإعلام من مسئولين ومهتمين بالشأن الاقتصادي. آخر إحصائية يجب أن نتوقف عندها كان عدد المقبولين لإعانة البطالة «حافز» والذي وصل إلى مليون مستفيد، أكثر من 80 بالمائة منهم إناث، وبإنفاق يصل تقريبا إلى 1.7 مليار ريال شهريا بإجمالي سيصل إلى 20 مليار ريال للعام 2012. نطاقات وبكل تأكيد لم يحل المشكلة، فلا زال القطاع الخاص يبحث عن مخارج له ويبدو أن أثر نطاقات على سوق العمل لم يتضح بعد. أحد المخارج التي يلجأ لها القطاع الخاص، وبشكل نظامي، لتخطي إشكاليات السعودة ونطاقات هي توظيف السعوديين وغير السعوديين بالتعاقد مع مكاتب وشركات التوظيف والتعاقد، هؤلاء العمال والموظفين بالتعاقد لا يدخلون في «حسبة» نطاقات لأنهم لا يسجلون في التأمينات الاجتماعية بأسماء الشركات التي يعملون بها، عليه فإن الشركات تقوم بتوظيف ما شاءت من العمالة الأجنبية بهذه الطريقة دون خوف. الشركات الحكومية والمساهمة الكبرى في السعودية، وبدون ذكر أسماء، استغلت هذا الأسلوب في التوظيف أسوأ استغلال، مما نتج عنه حرمان المواطن والمواطنة من فرص وظيفية تؤمن لهم مستقبلهم. المقلق أن شركات التوظيف هذه باتت مصدرا أساسيا لتوظيف السعوديين! مما يثير تساؤلات عدة حول الأسباب الحقيقية للجوء شركات سعودية كبرى، سواء كانت حكومية أو مساهمة، لتوظيف مواطنين عن طريق التعاقد، ويزعم أنصار التعاقد أن توظيف المواطنين بهذه الطريقة يحميهم من إشكاليات قانونية في حال الرغبة بالاستغناء عن الموظف أو الموظفة السعوديين، كما أنه يوفر مبالغ جمة كمكافأة نهاية الخدمة. الكلام السابق يبدو في ظاهره منطقيا، إلا أنه وبكل أسف غير حقيقي. الشركات الحكومية والمساهمة الكبرى في السعودية، وبدون ذكر أسماء، استغلت هذا الأسلوب في التوظيف أسوأ استغلال، مما نتج عنه حرمان المواطن والمواطنة من فرص وظيفية تؤمن لهم مستقبلهم وفرص العيش الكريم، ناهيكم عن الآثار السلبية لهذه الطريقة في التوظيف على اقتصادنا بشكل عام من خلال إظهار هذه الكيانات وكأنها سباقة في السعودة والحقيقة عكس ذلك. المذهل أن شركات التوظيف تقوم بتوظيف المواطن في هذه الكيانات بمبالغ كبيرة، فيما لا يحصل الموظف في أحسن الأحوال على نصف الراتب الذي تتقاضاه عن عمله شركة التعاقد. أي أن شركات التوظيف أصبحت تشارك شريحة لا يستهان بها من المواطنين في رزقهم! الأسوأ أن جل هؤلاء الموظفين السعوديين إداريين تقوم الشركات بتدريبهم وتنفق عليهم الكثير، فلماذا لا توظفهم بشكل دائم؟. السبب عزيزي المواطن أن هنالك العديد من الإداريين والتنفيذيين في شركاتنا الحكومية والخاصة يملكون مكاتب وشركات التوظيف أو شركاء فيها، والدليل بسيط، قارن بين أسماء الإداريين في شركاتنا الكبرى وبين ملاك شركات التوظيف لتتكشف لك الحقيقة المرة، وهي أن مواطنين سعوديين يشاركون بقصد أو عن غير قصد في عبودية القرن الحادي والعشرين.