تبحث جولتنا في هذا اليوم عن الفارق في العلاقات الاجتماعية بين حي البادية وجاره بمحافظة بقيق حي الأندلس، فحي البادية هو أحد أقدم الأحياء في المحافظة .. وقد كان يطلق عليه في بداية نشأته ( كامب البدو ) حيث اقتصرت المساكن فيه على الصنادق والخيام التي تتخللها الشوارع الترابية، ورغم التطور التدريجي عمرانيا الذي حدث لهذا الحي إلا أنه لم يفقد التواصل الاجتماعي الذي اعتاد عليه أهاليه منذ أكثر من 70 عاما, وفي المقابل قمنا بالتجوال في حي الأندلس والذي يعتبر من أرقى الأحياء وأحدثها والذي لا يتجاوز عمره العشر سنوات، وهذا الحي يختلف كل الاختلاف من جانب النشأة العمرانية عن حي البادية .. كما يعتبر من أحياء المحافظة الراقية في بمبانيه الحديثة وحدائقه وشوارعه الفسيحة، وكذلك مجتمعه الذي يختلف هو الآخر في طبيعة العلاقات الاجتماعية بين أفراده .. مزيدا من التفاصيل في هذه الجولة الميدانية : صنادق بدأت الجولة في شوارع حي البادية، ومن موقع إلى آخر .. وفي كل شارع لنا أن نشاهد الحركة البشرية الكبيرة من أهالي الحي، فهناك مجموعة من الأطفال يلعبون، وهناك مجموعة من الشباب عند إحدى زوايا منزل أحدهم، كما أن هناك نساء الحي اللائي يتزاورن فيما بينهن، ولكن نظرا لاكتظاظه بالمنازل فلا يوجد في الحي مواقع للتنزه أو أماكن عامة يجتمع فيها أهاليه، وبين هذا وذاك هناك أحد المجالس المفتوحة على أحد الشوارع، فاستوقفني المشهد، ولما أقبلت على صاحب المجلس وإذا هو يرحب بي وكأنه يعرفني منذ وقت طويل، وبعد واجب الضيافة تحدثت مع أحد جماعة المجلس من كبار السن وهو المواطن مشعي محمد الزعبي 70 عاما الذي قال :» يعتبر حي البادية من أقدم الأحياء ببقيق، فقد كان الناس ينشئون بيوتهم الخشبية ( الصنادق ) فيها لعدم توفر مواد البناء كما نشاهده اليوم في الأحياء الجديدة، كما أن الشوارع كانت ترابية في الحي، وهذا ما جعل من المساكن متقاربة لدرجة أن الأبواب مفتوحة على بعضها، وهذا مما ساعد على التواصل بين الأهالي وجعله مستمرا بسبب حتى سادت المحبة والآلفة التي تسود الجميع وكأنهم عائلة واحدة « الديوانية وكان للمواطن غالب دعيرم الهاجري 85 عاما مداخلة قال فيها :» التواصل بين أهالي الحي لم يتغير منذ أن سكنا في هذا الحي، فالحياة بسيطة والكل يتزاور سواء النساء أو الأطفال، وتعتبر هذه الديوانية التي أنشأها الشيخ علي الشدي رحمه الله منذ أن تأسس الحي قبل 70 عاما سببا في الترابط الاجتماعي والتواصل بين أهالي الحي، وذلك حيث نجتمع بشكل يومي في هذه الديوانية، بالإضافة إلى لقاءاتنا الدائمة في المسجد « ( كامب البدو ) ويقول المواطن سعد علي الشدي 40 عاما :» كان يطلق على حي البادية سابقا ( كامب البدو )، وقد اشتق هذا الاسم بسبب أن العديد من الذين يسكنون هذا الحي ويعملون لدى شركة أرامكو هم من أبناء الصحراء، ويجتمع أهل الحي في الأحزان قبل الأفراح، كما أنهم يتشاركون في العديد من ضروريات الحياة ومنها المأكل والمشرب، وهذا ما جعل التواصل بيننا قويا، حتى أن العلاقات والزيارات مازالت متواصلة للأشخاص الذين انتقلوا للأحياء الجديدة بحكم العلاقة المتينة التي جمعتنا بهم في هذا الحي، وبسبب الحرص على التواصل قام والدي رحمه الله تعالى بفتح هذا المجلس منذ أن كانت هذه المنازل «صنادق» حيث كان ولم يزل مقصدا لأهل الحي والمنطقة عموما، وكذلك ومن يأتي من خارجها، وذلك بسبب أنه مفتوح طيلة اليوم والليلة، وبالتالي أصبح المجلس معروفا لدى الجميع، فترى الشيوخ والشباب يتوافدون على المنزل لتناول الطعام والقهوة والشاي في كافة الأوقات ونستمع لحديثهم ونسأل عن أحوالهم وعمن يغيب عنهم، وإن ما يميز الأحياء القديمة هو الحركة المستمرة والتي لا تكاد تقف في الحي، كما أنك ترى الجميع من كبير وصغير في المسجد في كافة الفروض « نمط مختلف الجولة لم تكن سهلة في حي الأندلس الذي يعتبر أحد الأحياء الجديدة ببقيق، فعمره لم يتجاوز ال 10 سنوات بعد, ولنا مع هذه الجولة أن نستكشف نمط الحياة الاجتماعية من حيث أن هذا الحي يصعب التنقل فيه بسبب تخطيطه العمراني الذي يشعرك بأنه قد تم تجزيئه إلى مجموعة أحياء صغيرة، وذلك بخلاف حي البادية وغيرها من الأحياء القديمة، كما أن الحي يخلو من المارة ولهذا تجد صعوبة عندما تبحث عمن تتحدث معه، وفي هذا الحي المباني حديثة الطراز، والحدائق المليئة بألعاب الأطفال، ومجمعات تجارية لأهل الحي تشمل (بقالة – بوفية – سوق خضار – سوق لحوم – سوق أسماك وغيرها )، وبعد جهد جهيد التقينا بالمواطن عبدالله عطية الحربي 50 عاما والذي يسكن في حي الأندلس منذ 10 سنوات، وقد اعترف الحربي في بداية حديثه بأن نمط الحياة الاجتماعية في الحي الجديد يختلف اختلافا كليا عن الحياة الاجتماعية في الأحياء القديمة، وأضاف الحربي قائلا :» يوجد تواصل الحي في الجديد بيننا خاصة الجيران القريبين، كما أننا نشاهد بعضنا باستمرار في المسجد والمناسبات»، أما عن وجود ديوانية مفتوحة بصورة مستمرة قال الحربي :» لا يوجد في هذا الحي ديوانية من هذا النوع بحكم ارتباط أغلب سكان الحي بأعمالهم في شركة أرامكو، والبعض منهم يعمل بنظام الشفتات، وهو السبب في عدم التواصل المستمر» حي الأندلس وتحدث المواطن سعد عبدالله 62 عاما وهو متقاعد من العمل، وعندما سألته عن حجم التواصل الاجتماعي بين أهل الحي قال :» لقد سكنت هذا الحي منذ 3 سنوات، ولم أتعرف إلا على بعض جيراني، فالتواصل شبه معدوم لدرجة أحسست بأني ساكن في حي مهجور، حيث لا تكاد تشاهد سوى حركة السيارات فقط، وعند التقائي بالجيران في المسجد حاولت أن نجتمع بشكل دوري، فتعذر معظمهم بارتباطه بأعمال تمنعه عن الالتقاء بشكل دوري, كما أن تصميم الحي ليس بالجديد، فقد تم تجزيء الحي إلى مجموعة أحياء صغيرة جعل منها صعوبة في التواصل والترابط، ولذلك فتفكيري يراودني للعودة إلى الحي القديم الذي كنت أسكنه بسبب العلاقة القوية التي تربطني بأهالي الحي، بالإضافة إلى علاقة أطفالي بأطفال الجيران ولعبهم باستمرار، فهنا لا أكاد أشاهد طفلا إلا في المسجد «