تحت مُسمّى (العنوسة) الذي وُهِب للنساء و(العزوبية) للرجال اختلفت الآراء، فالمُسمّيات قد تخلُق في النفس خدوشاً لا تتّضح سوى لأصحابها، دون أن يشعر المُتفوّه بها مدى عُمق جرحها، ومن هذا المنطلق يتّجه البعض إلى أي الوسائل لتطبيب جراحه عوضاً عن نزفها دون مُجيب لنحيبها، وعلى ذكر الوسائل فإن التكنولوجيا خلقت عالماً جديداً مُختلفاً عن العالم التقليدي، أصبح هناك ارتباط(فيسبوكي) من الدرجة الأولى، فقد انتشرت في الآونة الأخيرة الخاطبات الالكترونيات اللاتي انتشرت صفحاتهن عبر الموقع الإلكتروني للتواصل الاجتماعي (فيسبوك)، وذلك بعد تطوير مهنتهن إلى الانتشار المواكب للقرن، من خلال ذلك ناقشت «اليوم» الفوارق بين الخاطبات التقليديات والخاطبات الالكترونيات وتسليط الضوء على بعض الزواجات التي حصلت عبر الطرفين. أوضحت الخاطبة التقليدية أم بندر أنها تعمل في هذا المجال منذ سنتين، مُوضّحةً أنها لا تسعى في البحث عن زوج أو زوجة مناسبة سوى لمن لها صلةً ومعرفة تامة بهم، مُبيّنة السبب في ذلك بأنها لا تستطيع تنزيه احدهم أو إحداهن لزبائنها؛ لعدم معرفتها بأخلاق الطرف الآخر وطبيعة شخصه، مما قد يُسقطها ذلك في مشاكل بين الطرفين لا نهاية لها، في حين ذكرت أم بندر قصة إحدى النساء اللاتي توجّهن إليها بطلب البحث لها عن رجُل، ولكنها اعتذرت عن تلبية طلبها لعدم معرفتها بها، مُنوّهةً أنها لا تشترط مبلغا مُعيّنا على سعيها للخطبة. الفتيات الأكثر ارتياداً وأفادت زميلتها أم ناصر التي تعمل في نفس المجال منذ أربع سنوات أن أكثر المُرتادين إليها نساء، حيث تقابل المرأة نفسها لتتعرف عليها عن قُرب، مُنوّهةً أن أكثر المُرتادين إليها فتيات تتراوح أعمارهن بين 25 و35 عاماً، في حين أن بعض الأمهات لا تستطيع البحث عن فتاة لابنها فتستعين بخاطبة في وضع كذلك وعادةً ما يكون ذلك حين تجهل الأم سُكان المنطقة. وعن المبلغ الذي تتقاضاه أم ناصر قالت : «أنا لا أشترط مبلغا معيّنا، أقبل بما تجود به أيدي الزبون، مُكتفيةً بسعادة ذاتي بإرضاء رب العالمين في جمعهما بالحلال». في حين أوضحت الخاطبة الالكترونية فايزة أنها تعمل منذ سنتين في الخطبة، حيث استحدثت لها صفحة على (فيسبوك) منذ ستة شهور، ووجدت إقبالاً كبيراً من قبل الرجال والنساء على صفحتها، مما يخوّلها ذلك للتواصل الشخصي عن طريق الاتصال بالرجل والمرأة؛ للتحقق من صحة المعلومات، وقد أكّدت سريّة تعاملها، مُنوّهة أنها تتقاضى ألفي ريال في حال كان الوضع المادي للشخص جيدا، ولكنها لا تضطره للدفع في حال كان غير مُقتدر، مُبيّنةً أن ثقة الناس بها ساهمت في كثير من الزواجات الناجحة. إنه لأمر غريب ولكن العالم أجمع أصبح يتواصل عبر (فيسبوك)، وإني لا أجد أي مانع من الزواج عن طريق هذا الموقع، فهي تجربة فريدة من نوعها حيث تربط التكنولوجيا بين طرفين من دول مختلفة للجادين فقط وتحدثت أم سارونة -كما تعنون صفحتها - وهي خاطبة تقليدية منذ أربع سنوات، وانتقلت إلى (فيسبوك) منذ سنة ولكن لم تتم أي حالات زواج حين انتقالها للموقع، ثم عادت بعد ذلك لطريقتها التقليدية؛ لعدم جدية الرجال الذين يقومون بمراسلتها، خاصةً وأن البعض يبحث عن زواج المسيار، وقد أوضحت أنها لا تسعى سوى في الزواج الشرعي المعلن، مُبيّنةً أن الربح الذي يعود على الخاطبة حسب المتقدم أو المتقدمة وإمكانياتهما، فهي لا تفرض رقما معينا لتكاليفها، بل تقبل بما تجود به نفس المتقدمين. في حين أردفت الخاطبة أم وليد أنها تعمل في مكةوجدة والمدينة فقط بالنسبة للمتقدمين والمتقدمات، ولديها فتيات من السعودية والأردن وفلسطين للزواج، كما تهتم بالجنسين، وتستقبل طلبات الخطبة من الرجال والنساء عبر رسالة على صفحتها ب(فيسبوك) للجادين فقط، بشرط أن يكون الطلب متضمناً المعلومات الشخصية كالاسم والعمر والوظيفة وفيما يخُص الوضع المالي للخاطب أو الخاطبة، إضافةً إلى القبيلة أو العائلة التي يرجع لها المتقدم، وضرورة التنويه على الحالة الصحية والمستوى التعليمي والجنسية، موضّحةً أنها لا تأخذ سوى مبلغ مائة ريال للخطبة، فالهدف الذي تسعى له خير في جمع رأسين بالحلال وليس المادة كمادة. مصداقية وطمأنينة وعلى غرار المقارنة بين الخاطبة التقليدية والالكترونية قالت أم صالح : «الخاطبة التقليدية بإمكان الطرف المُوكّل لها بالبحث عن شريك أن يتواصل معها شخصياً وحضورياً، لحفظ الحقوق دون غرر بالزبون، ناهيك عن الوصف الذي ستصفه للرجل عن المرأة أو العكس فسيكون ذا مصداقية أكثر عن الخاطبة الالكترونية». أما فيحاء خالد فقد أوضحت أن الخاطبة التقليدية كونها تتواصل مع أهل الطرفين فذلك أكثر طُمأنينة لهما، وقد يكون اللقاء بها سبباً لكسبها مما يؤدي ذلك لبحثها عن شريك مناسب وبضمير، وذلك بناءً على المُعاملة وإبراز الثقة لها وجهاً لوجه. ريبة وشك وقد أعربت أم سارة عن ريبتها في مصداقية موقع (فيسبوك) والبيانات والأشخاص، حيث استنكرت من كيفية التحقق من مدى صدق البيانات وأصحابها. أما مرام محمد أردفت أن الخاطبة الالكترونية ظاهرة جديدة وغريبة، حين تم تداول الفكرة بالفعل اندهشت ولكني سرعان ما دخلت على موقع (فيسبوك) وقد وجدت عددا كبيرا من الخاطبات وقد أوضحن من خلاله كيفية التواصل. في حين قالت ثريا محمد : إنه لأمر غريب ولكن العالم أجمع أصبح يتواصل عبر (فيسبوك)، وإني لا أجد أي مانع من الزواج عن طريق هذا الموقع، فهي تجربة فريدة من نوعها حيث تربط التكنولوجيا بين طرفين من دول مختلفة، وقد يساعد ذلك في التقليل من مشكلة العنوسة كون الخيارات المُقدّمة على مستوى العالم وليست محصورةً فقط على العالم العربي أو الخليج، بل على مجال أوسع. تجربة ناجحة ومن خلاله أفادت مريم فارس أنها تزوجت عن طريق إحدى خاطبات (فيسبوك)، حيث أعربت عن مدى سعادتها بحياتها الزوجية بالرغم من تحذير الكثير لها من فكرة الزواج عن طريق (فيسبوك)، والبعض نعت الفكرة بالغرابة والجنون، لكنها خاضتها بشجاعة ونجحت فيها، مُبيّنةً أنها نصحت الكثير من حولها بتكرار تجربتها ولكن التركيز على الخاطبة ومدى جدّيتها في الأمر إضافةً إلى جدّية الخاطب.
أخصائي اجتماعي : «التقدّم» و»التمدّن» عاملان مؤثران أفاد الأخصائي النفسي فيصل إبراهيم آل عجيان أن هناك ما يدعو للوقوف في عادات الزواج في مجتمع المملكة المحافظ، فالشريك وإن اختار مواصفات شريكه فإنه لا يختبر مستوى التوافق والقبول والانسجام مع شريكه، وهذا ما قد يدعو إلى البحث عن وسائل أكثر تقدماً لاختبار مستوى توافق الشريك، ومنها اللجوء إلى خاطبات (فيسبوك) والتي قد تكون أكثر مرونة من الخاطبات التقليديات. ونوه آل عجيان الى أنه من الصعب تحديد الأسباب في الظواهر الإنسانية، فظاهرة انتشار خاطبات (فيسبوك) ليست بوضوح الظواهر الفيزيائية، لذلك بالإمكان عزو هذه النتائج لأسباب بذاتها، فظاهرة كهذه تتداخل فيها مؤثرات والعوامل كثيرة مثل التقدم والتمدن وبناء العلاقة بين الكمبيوتر والإنسان وليس فقط بين الإنسان والإنسان، في حين أننا نجد قلة في تقبّل فكرة نجاح الزواجات عبر تلك الخاطبات، ولذا فإن هناك حاجة لفهم ظاهرة هذه النوعية من الخاطبات ودوافعها؛ لتفسير الظاهر، وبقدر تحقيق المصلحة سيكون الانتشار، فإذا كانت تلك الخاطبات أكثر فائدة سيُعتبر نجاح مشروعهن مرهوناٌ بنتائجه، وبهذا فمن الممكن إكساب خاطبات (فيسبوك) انتشارا أكبر، لكن وعلى الرغم من انتشار المواقع فإن نجاح الزواجات عبر (فيسبوك) قليل جداً، خاصةً وأن الزواج محكوم ليس فقط بمواصفات الجمال، إنما بجوانب هوية شريك الحياة، وقد لا يتحقق هذا البند بشكل حقيقي من خلال تقنية الاتصالات الحديثة، فقد أصبح العالم قرية صغيرة إلا أنها لا تزال مُغلقةً أبواب ثقافات الشعوب وهوياتهم على بعضها البعض، على الرغم من اتساع مدارك الشخص ومحيط معرفته في قرنٍ كهذا.