بحعاش الوطن لأكثر من عقد ونصف في طفرة زراعية كبيرة حتى اعتبرها بعض المتابعين أنموذجا متميزا في مجال التنمية العملية والاقتصادية والاجتماعية كذلك، ولقد شهدت هذه الطفرة نموا ملحوظا بكل ما يتعلق بالأعمال الزراعية بشكل عام، .. ولكن .. ما إن بدأ مؤشر هذه الطفرة بالهبوط حتى أعادت أغلب المنشآت ( الحكومية والخاصة ) آلية التوظيف لديها في جميع أقسامها وفروعها، وتبعا لذلك .. بات أصحاب الخبرات الزراعية في منعطف طريق عملي جديد ، كما أص الخريجون الجدد من كليات العلوم الزراعية بشهاداتهم الجامعية أمام مستقبل وظيفي مجهول الهوية، ذلك لأن سوق العمل في القطاعين الحكومي والخاص لم يعد قادرا على أن يستوعب مخرجات التعليم في المجال الزراعي، .. في هذه المادة قصص واقعية لمهندسين زراعيين سعوديين .. أغلبهم عاطلون عن العمل .. ومنهم من يعمل بوظيفة متواضعة وبعيدة جدا عن مجال تخصصه .. ومنهم من هو بلا وظيفة رغم حصوله على شهادة البكالوريوس في العلوم الزراعية بتاريخ قبل أربعة عشر عاما !!.. ، الكثير من المعاناة لهؤلاء الزراعيين في المادة التالية : مهندس .. مع وقف التنفيذ في البداية تحدث محمد الشبيب 27 عاما فقال :» منذ أن تخرجت قبل عامين وأنا عاطل عن العمل، وأحلم مثل غيري من الشباب بتكوين أسرة، وقد تقدمت بطلب وظيفة في كل مكان إلا أنني لم أجد رغم أنني خريج قسم إنتاج حيواني وهذا التخصص مطلوب، كما أنه سبق وأن ذهبنا مع مجموعة من الخريجين إلى وزارة الخدمة المدنية، وقابلنا معالي الوزير د.عبدالرحمن البراك، وكان ذلك في تاريخ 25/1/1433ه، وطرحنا مشكلة توظيفنا .. وأبدى اهتمامه فيما استغرب أن هناك خريجين تجاوزوا العشر سنوات ولم يتم توظيفهم، فأمر بتنفيذ الخطاب الوارد رقم (8453)، ومن ثم تم تحويل الخطاب إلى وكيل الوزارة عبدالله بن ملفي الشهري الذي قابلنا مع مجموعة من الخريجين وأكد من خلال اللقاء اهتمامه بالأمر، وأنه وجه خطابات لجميع جامعات المملكة طالبا إفادة بجميع أسماء الخريجين وبياناتهم، ووعدنا بأنه سوف يتم المطابقة لجميع التخصصات، وبعد ذلك بشهر تقريبا تم الاتصال بنا، وأبلغونا بأن وكيل الوزارة يقول بأن المطابقة للأسماء ستكون خلال أسبوع، وما كان منا إلا الانتظار حتى نهاية الأسبوع، إلا أن الحال ظل كما هو عليه حتى انتهى شهر صفر، وما بين المراجعة والتردد قابلنا عددا من المسئولين، واتضح أن وزارة الزراعة لاترسل عددا كافيا من الوظائف، ولكم أن تتصوروا أن أحد الخريجين متخرج منذ 14 سنة ورقمه على التوظيف 162، والذي مضى على تخرجه سنة رقمه في التوظيف 854 ( !! )، ولذلك توجهنا لمقابلة وزير الزراعة الدكتور فهد بن عبدالرحمن بالغنيم بتاريخ 1/ 3/ 1433ه، إلا أننا منعنا من الدخول عليه بحجة أنه لا يستقبل خطابات تختص بأمر التوظيف، فوجهونا إلى إدارة مكتب الوزير لتقييد الخطاب وأخذ رقم من مكتب الصادر والوارد، ومن تاريخه لم يتم الاتصال بنا ولا إفادتنا بأي شيء .. وهذا هو حالنا « عائل وعاطل ويتفق تركي الفرحان 30 عاما مع زميله الشبيب ويقول :» أنا متزوج ولدي ولد واحد، وأسكن في إيجار ب 13 ألف ريال، ولدي التزامات كثيرة وديون تصل إلى أكثر من 50 ألف ريال، وأعمل حاليا في شركة بسيطة، ومرتبي بسيط لا يفي بالمتطلبات وظروف الحياة، كما أجد معاناة يومية لترددي من عملي بالدمام إلى مقر سكني بالأحساء، رغم أنني متخرج منذ ست سنوات، ولم أحصل على أي وظيفة تناسب شهادتي وحلمي الكبير»، وحال الفرحان مثل حال زميله الشاب المتزوج جواد الشبيب وخريج علوم زراعية منذ خمس سنوات، .. يقول جواد :» أعاني كثيرا فيما أنتظر فرج الوظيفة لتحقيق أمنياتي وتطلعاتي، ولقد انتظرت طويلا، وقدمت بشهادتي في كل مكان إلا أنني حتى هذه اللحظة لم أجد أي وظيفة، الأمر الذي دفعني لأن أعمل في شركة بالرياض، وأعاني كثيرا من مصاريف شقتين في الرياض والشرقية ومصاريف الطريق والمواصلات، ولا أعلم متى يتم توظيفي « أعاني كثيرا فيما أنتظر فرج الوظيفة لتحقيق أمنياتي وتطلعاتي، ولقد انتظرت طويلا، وقدمت بشهادتي في كل مكان إلا أنني حتى هذه اللحظة لم أجد أي وظيفة، الأمر الذي دفعني لأن أعمل في شركة بالرياض، وأعاني كثيرا من مصاريف شقتين في الرياض والشرقية ومصاريف الطريق والمواصلات، ولا أعلم متى يتم توظيفي « 6 سنوات انتظار ومن جهته تحدث جواد الراشد 27 عاما فقال :» تخرجت قبل ما يقارب 6 سنوات، وحتى هذا الوقت لم أحصل على وظيفة، ولقد بذلت كل وسعي في دراستي، وعلقت آمالا كبيرة في أن أحصل على وظيفة مناسبة، إلا أنني لم أحقق حلمي وحلم عائلتي التي تنتظر مني الكثير، فأنا أسكن مع أهلي .. وأخجل كثيرا منهم بعد أن علقوا الآمال الكبيرة بأن أكون لهم عائلا، الأمر الذي جعلني أعمل في شركة بسيطة وبراتب بسيط، ورغم ذلك حاولت تطوير نفسي، فسافرت إلى الدراسة إلى أستراليا على حسابي الخاص، ورغم ذلك لم يتم توظيفي « أمر مخجل وهذا أحمد السعيد 27 عاما ومتخرج منذ ثلاث سنوات يشير إلى وضعه الحالي ويصفه بالمخجل، وحول قصته قال السعيد :» أحمل شهادة بكالوريوس علوم زراعية، كما أنه لدي دورات متعددة ومعتمدة، ورغم ذلك مازلت مرفوضا من التوظيف ودوري لم يحل بعد!!، علما بأني عملت في عدة شركات، وأقولها وبكل صراحة أن الواسطة حرمتنا وشفعت للبعض في عملية التوظيف في بعض الدوائر الحكومية، وحتى بعض الشركات لم تعد تعطي أي أهمية لنا، وتفضل العامل الأجنبي في المميزات الوظيفية « حلم لم يكتمل لم تكتمل فرحة الشاب أحمد القطان 26 سنة رغم ظروفه الصعبة وحلم والديه بأن يحصل على الشهادة رغم وفاتهما أثناء دراسته بالجامعة، إلا أنه ومع ذلك اجتهد وحقق هذا الحلم بالنجاح والتخرج، وعما بعد ذلك يسرد القطان حكاية معاناته فيقول :» .. .. كل ذلك بعد التخرج انتهى، فقد همشت شهادتي ولم أحصل على وظيفة، الأمر الذي جعلني أعمل في شركة بسيطة وبمرتب يسد جوعي، وعندما أراجع الخدمة المدنية لا أحصل إلا على الوعود فقط، فيما لم يبق مسئولا إلا وطرقنا بابه والنتيجة لا شيء « متى التوظيف ؟! سعد بو بكير 27 عاما يقول :» أنا متخرج من ثلاث سنوات وحاليا عاطل عن العمل، وقد تقدمت بطلب وظيفة إلا أنني مازلت في الدور، ورغم أن تخصصي مطلوب في عدد من الدوائر الحكومية إلا أنني لم أجد القبول، لذلك قررت أن أكسب بعض الدورات التي تفيدني إلا أنه ومع الأسف الشديد لم استفد شيئا منها في التوظيف، وما يزعجني أنني أكبر إخواني .. وبينما أهلي ينتظرون مني مساعدتهم يكون الرد في طلب الوظيفة : انتظر الاتصال !» الحمل كبير ويشير حسن بو جبارة 28 عاما إلى أنه مضى عامان على تخرجه ولم يوظف، وقال :» أنا أكبر إخواني، ومسئول عنهم، فوالدي متوفى، وأصبح الحمل علي كبير جدا، ولم يبق باب من أبواب التوظيف إلا وطرقته، فتخصص الإنتاج الحيواني غير مرغوب فيه، ورغم وجود مراكز متخصصة لهذا التخصص ورغم وجود فرص عمل كثيرة إلا أننا لم نستفد منها أي شيء، فأنا عاطل وأخي الذي يحمل نفس التخصص عاطل أيضا !!» منسيون ويقول مرتضى الأمين 27 عاما :» منذ تخرجت قبل عامين وأنا أتردد بشهادتي بطلب الحصول على الوظيفة، وللأسف الشديد حتى بعض الشركات الخاصة أصبحت معاملتها أصعب، وتتعامل بطريقة لي الذراع، وقد أجبرتنا على التقديم بالشهادة الثانوية وإخفاء الجامعية، والتعهد بعدم المطالبة بالشهادة الجامعية»، وفي نفس السياق يقول رضا الخميس 26 عاما :» نعيش في ظروف صعبة وقاهرة، فالشهادة التي منحونا إياها لم نجد لها أي اعتبار في التوظيف، والدليل على ذلك أعداد الزراعيين الكبيرة الذين ينتظرون تحقيق آمالهم وتطلعاتهم، حتى أصبحنا نعيش على الحلم «